إحسان شمران الياسري في سبعينات القرن الماضي، قاد السيد خير الله طلفاح حملة للرقابة على شعر الرجال، وكانت الشرطة مخولة باعتقال الرجال واقتيادهم الى مراكز الشرطة او الحلاقين، حيث يتم حلق رؤوسهم (صفر) ومن ثم يُطلق سراحهم. وقــد جاءت هذهِ الحملـة في أعقاب انتشار ظاهرة ما أطلق عليه (الخنافس) حيث أصبح الشعر طويلاً والزلف عشرة سنتمات.
وقد بالغ رجال الشرطة في تنفيذ القرار فاقتادوا رجالاً من غير (الخنافس)، وكان احدهم الأستاذ (جعفر ياسين) وهو مثقف وصحفي معروف.وقد أثار هذا الإجراء استهجان الأوساط الثقافية والصحفية دون أن تكون هناك قابلية للتنديد بالإجراء أو النظام كما نفعل اليوم فَنَسُب النظام بمناسبة وبدونها.ويبدو إن الأستاذ جعفر ياسين ذهب من تحت (موس الحلاق) الى الصحيفة مباشرة، وأذكر أنها كانت صحيفة (التآخي) الغراء او (الراصد). فكتب مقالاً منفعلا وصف فيه عملية الاعتقال، حيث كان قادماً من السليمانية واعتقلته الشرطة في كراج النهضة.وهكذا ظهر مقال الأستاذ جعفر ياسين مدوياً في اليوم التالي.. وقد كتب الراحل (شمران الياسري) مقالاً في عموده اليومي بما يعني (إذا كان في حلق شعر رأسي خلاص للأمة، فيا مقصات الحلاقين خذيني). ونشر صورته، في إشارة الى إن شعره مناسب وغير خاضع لضوابط الحاج طلفاح، ومع ذلك فقد يخضع لـ (مقص الرقيب).أقول هذا، وأستعيد ذلك الإرهاب الهمجي، وأنا أتابع بقلق شديد الحملة الشرسة التي تقودها شخصيات مهمة جداً في الدولة ضد الصحافة والصحفيين، ومنهم صحفيو صحيفة المدى.. والمطالبات المالية الكبيرة التي تمثل (حجم الاذى والضرر) الذي أصاب هؤلاء الرجال من قادة بلدنا بسبب المصارحة التي تعرضها الصحافة، فتقول لهم إنكم مسؤولون عن حياتنا وحاضرنا ومستقبلنا، فيما هم يرون غير هذا، ويعتقدون إن وظيفتهم اكبر من خدمة الامة وأرفع من أن يقال لهم إنكم خدام الشعب.ولهذا، وتأسياً بما فعله الراحل (أبو كاطع)، سأعلن هنا إنني مع الحكومة ومع كبار المسؤولين، وحتى لو زاغ قلمي او بصري، فأشار من بعيد او قريب الى تقصير أو عيب او فساد او ضرر بالأمة، فأنا أعني عكسه تماماً، فما أكتبه عن تقصير أقصد إن الخير واجد، واذا قلت شيئاً عن عيب هنا او هناك، فأنا أقصد إن (الهور مرك والزور خواشيك) واذا اشرت (لا سمح الله) للفساد، فأنا أقصد الصلاح.إن البراءة من النقد ستكون، عند الأقلام الحرة، أمضى من النقد ذاته في عين التأريخ، وسوف نقود حملة لجمع (150) مليون دينار التي طالب بها أحد قادة بلادنا، كتعويض من صحيفة المدى، خصوصاً وإن الأستاذ علي حسين، الذي يخلق المشاكل للمدى بعموده الثامن، لا يتوفر على (150) ديناراً حتى لو بعنا مكتبته وأقلامه ودفاتره، إلا إن المشكلة في (ضميره) الذي لم يُعرض للبيع حتى الساعة.
على هامش الصراحة : مقاييس حلاقة الرأس للصحافة !!
نشر في: 4 يونيو, 2011: 06:14 م