TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > الجديد في قانون مجلس القضاء الأعلى

الجديد في قانون مجلس القضاء الأعلى

نشر في: 21 ديسمبر, 2012: 08:00 م

 القاضي رحيم حسن العكيلي*

اقر مجلس النواب قانون مجلس القضاء الأعلى باثنتي عشرة مادة فقط، منها خمس مواد ختامية وانتقالية ((تتعلق بـ:- 1- تحديد تشكيلات المجلس بنظام داخلي. ( م / 8 )  2- حلول مجلس القضاء محل السابق (م / 9 ) .3- اصدار التعليمات (م / 10 ) 4-- إلغاء قانون سابق ( م / 11 ) . 5 - نفاذ القانون من تاريخ نشره (م / 12 )، سبع مواد موضوعية فقط . وقد استلت المواد الموضوعية السبعة الباقية من أربعة مصادر قانونية نافذة، مع بعض المتغيرات البسيطة غير المؤثرة، هي :-

المصدر الاول : الدستور  . أخذت منه المواد :- ( 1 و3 / اولا وثانيا وثالثا )
المصدر الثاني : قانون التنظيم القضائي .أخذت منه المواد( 3 / ثامنا وتاسعا وعاشرا و6 ) .
المصدر الثالث:- الامر 35 لسنة 2004 . اخذت منه (المواد 2 و 3 / رابعا وخامسا وسادسا و5 و6 و7 ) .
المصدر الرابع : قانون تمديد خدمة القضاة . اخذت منه ( المادة 3 / سابعا . )
ولم يأت القانون بشيء جديد (كاحكام قانونية مستحدثة لم يسبق النص عليها او معالجتها في القوانين الصادر سابقاً) سوى أمرين اثنين فقط، وكلاهما مخالف للدستور:    
1- إعطاء صلاحية لمجلس القضاء لـ(اقتراح القوانين المتعلقة بشؤون القضاء ومتابعة تنفيذ الاتفاقيات القضائية). المادة (3 / حادي عشر) وبرغم أهمية إعطاء القضاء صلاحية (اقتراح القوانين) إلا أن تلك الصلاحية قد تواجه تحديين كبيرين، التحدي الأول هو نص المادة (60) من الدستور التي نصت على ان مشروعات القوانين تقدم من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، أما مقترحات القوانين فتقدم من عشرة اعضاء من مجلس النواب او من احدى لجانه المختصة. أما التحدي الثاني فهو قرار المحكمة الاتحادية العليا الذي قضى بـان مقترح القانون ليــس ســـوى (فكرة) ولابد ان يمر بالسلطة التنفيذية لتقره كمشروع قانون ، والا تعذر على مجلس النواب تشريعه كقانون.
2- اعطاء صلاحية للمجلس لـ ( تخويل رئيسه بعضا من مهامه) طبقا لما نصت عليه المادة (4) من القانون. وهذا النص هو اخطر النصوص واكثرها إمعانا في خرق استقلال القضاء من داخله، لأنه تحد خطير يهدد – بقوة - مبدأ استقلال القاضي ، ويخالف بطريقة صريحة احكام الدستور ، لان الدستور ينص على ان يتولى (مجلس القضاء الاعلى ) كـ ( مجلس تصدر قراراته بطريقة جماعية ) ادارة شؤون الهيئات القضائية والاشراف على القضاء الاتحادي ، ولم ينص على جواز تخويل مهامه تلك لاية جهة او فرد ، لان جماعية القرار في شؤون القضاة وحقوقهم ضمانة مهمة من ضمانات استقلال القاضي وحمايته من تعرضه لخطر الضغط عليه او خرق استقلاله من (شخص أيا كان)  يمتلك أمر نقله او ترقيته أو أي شأن من شؤون وظيفته، لذا فأن الدستور منح إدارة شؤون القضاء والقضاة لمجلس، قراراته جماعية، ولم ينص على جواز تخويل صلاحياته ، وهذا هو عين ما فعله الدستور في السلطتين التشريعية والتنفيذية، فالسلطة التشريعية تمارس من قبل مجلسين بصورة جماعية في كل واحد منهما هما مجلس الاتحاد ومجلس النواب، أما السلطة التنفيذية فلا يمارسها رئيس الوزراء بل مجلس الوزراء ، وتلك هي إستراتيجية عامة تتبناها الدساتير منع بموجبها الاستناد الى فردية القرار في اعلى السلطات.
فكيف يأتي قانون مجلس القضاء فيخرق تلك الإستراتيجية الدستورية فيجعل القرار فردي في إدارة شؤون القضاة والقضاء بمنحه لشخص رئيس مجلس القضاء الأعلى (رئيس محكمة التمييز الاتحادية) مع كل احترامنا وتقديرنا له  ايا كان وفي أي وقت.
وقد وقع القانون بنفس هذا الخطأ الدستوري حينما نص في المادة (10) منه على اعطاء سلطة اصدار التعليمات لتسهيل تنفيذ القانون لرئيس مجلس القضاء وهو امر يخالف أحكام الدستور وفقا للفهم الذي اشرنا اليه انفا ، اذ كان ينبغي اعطاء صلاحية اصدار التعليمات لمجلس القضاء كمجلس وليس لرئيسه.
الا ان القانون احدث تغييرات في أحكام قانونية قائمة عن طريق أخذه بحلول قديمة كانت موجودة في النظام القانوني العراقي اهمها أمران فقط:
1- العودة إلى جعل رئاسة مجلس القضاء الأعلى لرئيس محكمة التمييز الاتحادية، أخذا بما جاء به أمر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة (قانون إعادة تشكيل مجلس القضاء) رقم 35 لسنة 2003، وتخليا عما اخذ به قانون ادارة الدولة (في المادة الخامسة والاربعين منه) بجعل رئاسة مجلس القضاء الأعلى لرئيس المحكمة الاتحادية العليا.
2- العودة الى الأخذ بلجنة واحدة (اللجنة الثلاثية) للنظر في :- 1- دعاوى القضاة للمطالبة بحقوقهم المهنية. 2- تأديبهم انضباطيا، وتكون قراراتها خاضعة للطعن بها بالتمييز امام الهيئة المدنية الموسعة في محكمة التمييز الاتحادية خلال ثلاثين يوما من تاريخ التبلغ بالقرار. وهو حكم كان معمول به قبل عام (2003) وفقا لقانون وزارة العدل وقانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979.
هذا هو الجديد فعلا في قانون مجلس القضاء الاعلى . فهل يتلاءم ذلك مع ما ادعته الأسباب الموجبة للقانون حين تقول :- ( ولغرض تشكيل مجلس القضاء الأعلى بما يلائم التطورات الحاصلة في المجال الدستوري والقانوني والقضائي في العراق ... شرع هذا القانون)؟
اترك الأمر للقارئ!!!!
* رئيس هيئة النزاهة سابقا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram