TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > ستاركاووش:نحن أول من صنعنا الحضارة والفن،لكننا لسنا قادرين على صناعة قماش صالح للرسم

ستاركاووش:نحن أول من صنعنا الحضارة والفن،لكننا لسنا قادرين على صناعة قماش صالح للرسم

نشر في: 6 يونيو, 2011: 06:11 م

أجرى الحوار: علاء المفرجيتصور في مرات عديدة نذهب في سفرات مع أستاذنا فائق حسن لرسم الطبيعة، حينها يذهب الجميع في الصباح للبحث عن مناظر للرسم وأبقى أنا الوحيد أرسم واجهة الفندق الذي نسكن فيه.. هكذا يلخص الفنان التشكيلي ستار كاووش في حوار أجراه معه القسم الثقافي في المدى
انصرافه -خلافا للكثير من مجايليه- عن رسم الطبيعة.. بل انه يذهب إلى أبعد من ذلك حين يرى أن لا أحد استطاع أن يرسم منظراً طبيعياً في المئة سنة الأخيرة يتجاوز به الانطباعيين.ويضيف: نحن لدينا فنانون كبار لكن من سيقيم الأعمال التي يقدمها هؤلاء الفنانون وأين ستعرض ومن سيقتنيها وكيف سنحافظ عليها كي تطلع عليها الأجيال القادمة؟rn* نبدأ من (سيقان وأرصفة) معرضك في قاعة التحرير عام 1987، الذي كان حدثا ثقافيا مهمّاً بشر بولادة فنان مجدد.. ما الذي يمثله هذا المعرض- الحدث تحديدا في مسيرتك الإبداعية؟ - دائما ما أقول بأن السينما والشعر أثرا تأثيرا كبيرا على طريقتي في رؤية الأشياء، وبالنسبة لهذا لمعرض كانت هناك أشياء كثيرة مزدحمة في رأسي أردت أن أقولها. كان تلفزيون بغداد حينها قد عرض فيلما يبدو كأنه ليس مهما أو كبيرا، لكنه أثر عليّ بشكل كبير وأصبحت أنظر الى الأشياء بعين الكاميرا التي صورت الفيلم، لقد شاهدت الفيلم وحدي في وقت متأخر من الليل، كان فيلم تشويق وهناك ممثل لا يظهر منه سوى حذائه أو جزمته طوال الفيلم، يقوم بأعمال سرقة وإثارة ولا نشاهد غير جزمته، هنا برأيي تكمن عبقرية السينما (الجزء يعوض عن الكل) بعد الفيلم مباشرة أخذت أنظر الى الناس أو الأشخاص الذين حولي من خلال مقاطع أو أجزاء منهم، فحين يضع شخص ما ساقا على ساق ويتصفح جريدة، أراقب وضعية ساقيه وحين يتحدث الى شخص آخر تختلف الحركة، كنت أتابع حركة الأيدي والأصابع وهي تقبض على السيجارة، أنظر إلى الجزء الظاهر من الجوارب وكأنه لطخة فرشاة وسط لوحة معتمة. هذه كانت الخطوة الأولى لتحقيق لوحات من هذا النوع، ولكي تكتمل دهشتي فقد قرأت مقطعا شعريا وأنا أتصفح إحدى المجلات بالمصادفة، كان المقطع للشاعر (أوكتافيو باث) يقول فيه (الريشة عصفور حي يرزق) فقلت مع نفسي وقد جنني الاختزال في هذا المقطع، يا إلهي هذه الريشة هي الجزمة التي شاهدتها في الفيلم، ولم يكن هناك مجال للتوقف، يجب أن أبحث عن قماشات صالحة للرسم وأدفع مغامرتي الى أقصاها، وهكذا أقيم المعرض في قاعة التحرير، كانت مفاجأة للجمهور في الافتتاح حيث كانت كل اللوحات تقريبا عبارة عن مقاطع تظهر فيها فقط الأحذية والأرجل والسيقان على أرصفة مغسولة توا بفعل المطر. إذن السينما والشعر يا صديقي هما المحرك الأساسي لمعرض سيقان وأرصفة واعتبر المتابعون حينها بأن هناك شيئاً جديداً في المعرض لشاب في بداياته، حتى أن الرسام رسول علوان كان ينتظرني ليومين متتالين في القاعة ليقول لي بعدها ((إن هذا المعرض هو أول معرض للوحات تعبيرية أشاهده في العراق))، على حد تعبيره طبعا وهو الذي درس التعبيرية في ألمانيا على يد أحد مؤسسيها وهو الفنان (كارل شميدت روتلوف) بعدها توطدت صداقة كبيرة بيننا رغم أني كنت في العشرينات من عمري وهو في الستينات. إضافة الى ذلك كان هناك نوع من الدعابة  تطغي على تلك اللوحات لهذا لم أستغرب في الافتتاح حين كانت إحدى الزائرات تحث صديقتها على الخروج من المعرض وهي تقول لها (أعتقد بأن الرسام يعمل في مصنع للأحذية) .rn* بعد معرضك الثاني (جسد المدينة) وترسخ تجربتك الفنية، أجمع النقاد والمهتمون بالتشكيل العراقي إنهم إزاء تجربة فنية مغايرة ومختلفة..هل المغايرة لديك هي في التحرر من سطوة المحاكاة والتقليد التي أسرت بعض فناني جيلك، أم هي رهان على الخلق والابتكار؟- الفن في رأيي أن تنظر إلى الأشياء من زاوية مختلفة تماما، فلوحات معرض (جسد المدينة) مثلا كانت كبيرة تتجاوز المترين وهناك لوحة الرصيف كان ارتفاعها 80 سم وعرضها عشرة أمتار، تصور لوحة بعشرة أمتار، كأنك هنا تمسك بكاميرا سينمائية وتصور رصيفا مليئا بالسيقان والنفايات وبائعي الرصيف وحقائب الانتظار. أعتقد أنه يمكن لرسام ما أن يرسم لوحات جميلة، لكن هل يكفي ذلك ؟ أين التمرد والمغامرة ؟ لقد تقصدت في هذا المعرض أن ألصق فوق اللوحات قمصاني وقفازاتي وجواربي وحتى علبة سجائري الفارغة، ألبست كل هذه الأشياء للشخصيات المرسومة فوق القماشات، أردتهم أن يتنفسوا نفس الهواء ويتحسسوا الأشياء كما تحسستها، أردت أن أقول وقتها بأن هذه الشخصيات الغريبة هي جزء مني، وهي كذلك بالتأكيد. في افتتاح المعرض دخل الفنان إسماعيل فتاح، وبعد أن تجول في المعرض سألني (ستار هل تستطيع أن تقدم أفضل من هذا المعرض في المستقبل)، هذا سؤال صادم لرسام في الثامنة والعشرين من عمره، في حين علق الأستاذ جبرا إبراهيم جبرا على المعرض قائلاً (ستار يذكرني برسامي الكهوف حين كانوا يرسمون الحيوانات للسيطرة عليها وامتلاكها) ثم قال مازحا (حين تمتلك سيارة جميلة ستتوقف عن رسم السيارات). بالتأكيد أنت هنا تراهن لتقديم شيء من ابتكارك وتبتعد أقصى ما يكون عن المحاكاة والتقليد وهذا برأيي ينطبق على كل شيء في حياتنا تقريبا وليس الفن وحده، ألم يقل أبولينير ((حتى حين أراد الإنسان أن يحاكي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram