TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المستقبل وإعادة النظر فـي النظم التقليدية المتوارثة

المستقبل وإعادة النظر فـي النظم التقليدية المتوارثة

نشر في: 7 يونيو, 2011: 05:33 م

أوس عز الدين عباسمن الأفكار التي بدأت تشيع في بعض الأوساط الثقافية في الخارج ، وتلقى رواجا واسعا لها في العديد من الكتابات المهتمة بالمستقبل ، إن العالم يمر الآن بمرحلة تدهور سوف تنتهي بانهيار النظام العالمي ، الذي يخضع للهيمنة الغربية ، وذلك على الرغم من كل المظاهر التي تشير إلى عكس ذلك ، والتي تعطي صورة باهرة تدفع الكثيرين إلى التفاؤل حول المستقبل والرضا عن الذات في ضوء التقدم العلمي والتكنولوجي والازدهار الاقتصادي الحالي ،
 ويستشهد البعض من العلماء حول مستقبل العالم الآن ، بأن الغرب ، والذي يعتبر في رأيهم هو مصدر كل شيء ، يفقد الآن وبسرعة فائقة قدراته على السيطرة السياسية على العالم ولم يعد بإمكانه فرض نظمه على الآخرين مثلما كان يفعل في القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين ، حين بدأت الدول المستضعفة تتمرد وترفض الخضوع والانصياع للسياسات والثقافات والرؤى الغربية للأشياء ، وترجع إلى تاريخها وتراثها الثقافي ، والتي تستمد منه العناصر والمبادئ التي تساعدها على بناء قدراتها الذاتية واسترداد هوياتها المتمايزة ورسم مستقبلها الخاص بها .ويزيد من حدة هذا الشعور بالقلق هو ما يواجه العالم الآن من مشاكل وتحديات تستعصي على الفهم والحل في كثير من الأحيان ، كما هو الحال الآن بالنسبة لمشاكل البيئة ، أو العجز عن التحكم في آثار التكنولوجيا الحديثة على مجتمعنا الإنساني ، أو تأثير التيارات الحديثة التي ظهرت الآن على الساحة   في العلاقات بين المجتمعات والثقافات المتباينة ، وعلى السلوك الفردي وأنماط القيم والنتائج النهائية التي قد تترتب على البحوث المتواصلة في مجال الهندسة الوراثية ، وغير ذلك من المشكلات التي لا يعرف العلماء والمفكرون على وجه التحديد كيف يمكنهم التنبؤ بها ، فضلا عن القدرة على مواجهتها والتغلب على آثارها السلبية ، والتي تأخذ شكل تحولات اجتماعية واقتصادية وتغيرات سياسية جذرية ، بل واضطرابات سيكولوجية خطرة تصيب الكثير من أفراد البشر .وقد أدت كل هذه الأوضاع المتغيرة وغير المستقرة بعدد من الكتاب والمفكرين إلى وصف الحقبة الزمنية الحالية بأنها (( نهاية التاريخ )) ، وإنها تمثل مرحلة (( الفرادة )) ، وإنها نقطة تحول في تاريخ الجنس البشري ككل ، والتي تتميز ب (( الفوضى الخلاقة )) وهكذا ، وأي  يكن  المقصود من كل هذه العبارات فإنها قد تنبئ في بعض أبعادها بأن الغموض الحالي والمشكلات المتزايدة والمتسارعة والتحديات المتراكمة ، والتي لا تجد لها حلا الآن ، قد تتمخض في آخر الأمر عن قيام عالم جديد تماما يصعب التعرف عليه بدقة أو التيقن من ملامحه ومقوماته الأساسية في الوقت الراهن ، خاصة إن جانبا كبيرا من الأحداث التي يتعرض لها العالم الآن تخضع لبعض العوامل والقوى غير المنظورة ، والتي يصعب التحكم بها أو توجيهها حسب رغبة الإنسان ومشيئته ، وربما يتفق مع صالحه ، أو ما يعتقد إن فيها صالحه .ومن هنا كان الكثيرون في الخارج يرون إنه على الرغم من كل ما أحرزه الإنسان من تقدم في العلم والتكنولوجيا ، فإن المستقبل يلفه تماما غموض كثيف جدا من اللايقين، وإن هذا اللايقين سوف يظل أحد الملامح الأساسية والمميزة للوضع الإنساني في المستقبل الزاخر بالتعقيدات والتناقضات ، والذي تنجرف الإنسانية نحوه في غير اتجاهها الصحيح على ما يقول العالم الأمريكي الكبير (( لودفيج فون ميزس )) .ومن الطبيعي أن تثير هذه الضجة وهذه الحالة من الالتباس والغموض وغياب اليقين حول المستقبل كثيرا من الجدل بين رجال الفكر المهمومين بمصير المجتمع البشري والعلاقات الإنسانية ، خاصة إن تحديات المستقبل واستفحال تعقيدات الحياة نتيجة لتزايد كثافة التفاعلات بين الناس كمحصلة طبيعية لتأثير التيارات الجديدة التي ظهرت الآن ، والتي أدت إلى انهيار الحواجز بين المجتمعات المختلفة وفي جميع أنحاء العالم ، فلم يعد في إمكان أي من البشر الآن أن يعيش بمعزل عن الآخرين ، كما كان عليه الحال في الماضي حين كانت الجماعات الصغيرة المتفرقة تعيش مغلفة على نفسها إلى حد كبير ، وقد اتسعت دائرة الاتصال بين الأفراد والشعوب والثقافات المختلفة ، وأسهمت وسائل الاتصال الإلكتروني في إزالة تلك العزلة الاجتماعية والفكرية ، وامتد تأثير الإعلام إلى مناطق ومجالات عديدة ، وازدادت كثافة تدفق المعلومات المتنوعة والمتباينة والمتضاربة حول جميع الموضوعات ، وتعددت وتنوعت الاكتشافات العلمية الجديدة والمختلفة ، والتي كثيرا ماتنفض النتائج التي توصل إليها العلم من قبل ، بحيث أخذ الشك يساور العقول حول الكثير من الأمور التي كانت تعتبر من الحقائق الثابتة ، وقد أدى كل ذلك إلى تداخل القيم المختلفة وارتباك المعايير ، بحيث أصبح من الصعب التأكد مما سيكون عليه الوضع في المستقبل .ويزيد من حدة اللايقين وسطوته وقسوته تعدد وتنوع المنظورات والأفكار المتنوعة ، والتي تحاول فهم وتفسير التحولات والتقلبات الكثيرة ، بحيث تتعارض وجهات النظر حول الأحداث الجارية الآن على الساحة ، كما تتباين الآراء حول ما هو صواب أو خطأ ، ولا يكاد الإنسان يعرف إلى أين يتجه الجنس البشري أو إلى أين يجب أن يكون ذلك الاتجاه والتوجه ، فالمناخ العام السائد الآن مليء بالاحتمالات وزاخر بالتساؤلات والمعلومات والاختبارات والإمكانات ، وكل هذا التعارض والتنوع في الإمكانات ، والذي يؤخذ ع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram