ترجمة: نجاح الجبيلي معظم نسخ الأفلام التي عرضت في مهرجان كان أرسلت إلى "كرويست" بطائرة مروحية خاصة أو علقت في المخالب الجميلة لمخرجيها المخلصين عدا فيلم جعفر بناهي الجديدة "هذا ليس فيلماً" فقد جرى تهريبه خارج البلد في اصبع USB مدفون داخل كيكة أرسلت من إيران إلى باريس.
وبناهي من أبرز مخرجي الواقعية الجديدة في إيران وفاز بجائزة في كان لأول فيلم له بعنوان "البالون الأبيض" عام 1995 ويبلغ الآن الخمسين من عمره وهو يقيم في إيران منتظراً النظر في استئنافه على الحكم الصادر بحقه بالسجن ست سنوات مع الحظر لمدة عشرين سنة من صناعة الأفلام والحديث إلى الصحافة والسفر إلى الخارج. وقد صدر الحكم في كانون الأول عام 2010 بعد أن اتهمته الحكومة الايرانية بالمعارضة بقصد ارتكاب الجرائم ضد الأمن القومي للبلد والدعاية ضد الجمهورية الاسلامية" وقد أنكر بناهي الاتهامات.لهذا فإن فيلم "هذا ليس فيلماً" قدمه مخرجه الاسمي "مجتبى مرتهاسبي" الذي قضى يوماً مع بناهي في شقته الراقية وهو يرتشف الشاي ويلوك قطع السكر ويراقب المشاهد التي رسمها المخرج من السيناريو الذي يعمل عليه. في معظم الفيلم يحاول بناهي أن يناور من أجل أن يستثمر حذفاً في جملته بأن يكون أمام الكاميرا بدلاً من أن يكون خلفها. لكنه أصبح متحرر الوهم مع المشروع " لماذا تصنع فيلماً إذا كنت تستطيع فقط أن تتكلم من خلاله؟" – وهو مخرج ملتزم يصور رفيقه أو أي زائر عن طريق "الآي فون" ويوثق المشاهد خارج النافذة. ينجح الاثنان أيضا في ممازحة الرقابة – فقائمة النهاية تتقدم بالشكر إلى الشاشة الفارغة؛يقول مرتهاسبي:" لدينا مثل في إيران يقول حين يصاب مصففو الشعر بالضجر يقوم كل واحد منهم بحلاقة رأس الآخر. وذلك هو ما فعلناه: نصور أحدنا للآخر". والفيلم مسلّ بقدر ما هو لاذع : وبالنسبة لكليهما فإن توثيق الأحداث كاف لجعل مثل هذا المشروع قيماً.والفيلم هو أيضا وسيلة لكسب التأييد حول العالم من أجل حرية بناهي يقول مرتهاسبي " اعتقد أن صناعة الفيلم هو مثل ولادة طفل هو أمر معقد لكني اعتقد في الوقت نفسه أن نشره هو أمر أكثر تعقيداً – إن الأمر في الواقع يشبه تربية طفل. وتلك هي وظيفة مهرجان مثل كان.وهو أيضا وظيفة التكنولوجيا البارزة: يتكلم بناهي بحميمية عن دور العالم الرقمي في خلق الأرشيفات الدائمة حتى لو لم يتم تقاسمها في ذلك الوقت. يوحي مرتهاسبي بأن التعود على عالم النت أعطاهما ميزة إيجابية طبيعية عن المؤسسة الإيرانية التي يشك بتجاهلها كل من السينما والأنترنت:" لا يدركون بأنهم لا يستطيعون أن يكيفوها كي تناسب رؤيتهم الخاصة" في الواقع أن بناهي راقب المؤتمر الصحفي في "كان" المخفي في "سكايب" و كاميرا "آي باد" – على الرغم من أن كل التفاعل كان بالضرورة ذا اتجاه واحد.في الوقت نفسه فإن زميله كان من الواضح مشدود الأعصاب كونه يقدم الفيلم على الملأ وكان يتوق للتأكيد على كيفية الحاجة إلى مراقبة كلماته ليحافظ على سلامته حين يعود إلى إيران ( حتى نوعية الكيكة كانت معلومة لا يعتقد بأنها قابلة للمشاركة) وهو يؤكد أن التضامن مع زميله هو عمل ينطوي على الخديعة. "قررنا أن نخاطر بما فعلناه. تدريجياً حاولنا أن نكافح. وكان لهذا العمل ثمنه. لكننا أردنا أن نستعمل تلك الطاقة التي لم تستعمل في صنع الفيلم. ولم نرغب بالاستسلام".ولم تكن حادثة القبض في كانون الأول على بناهي هي الأولى ففي مهرجان كان العام الماضي كان بناهي مضرباً عن الطعام في السجن بطهران للاحتجاج على سجنه باتهامات غير محددة. وقد تضامنت معه الممثلة جوليت بينوشي في مؤتمر صحفي وبعد أن تم منحها أحسن ممثلة عن دورها في فيلم "نسخة مصدقة" لعباس كياروستامي قامت بحمل لافتة تحمل اسم بناهي مما ساهم في العمل على إطلاق سراحه في أقل من أسبوع. لكن حريته دلت على أنها قصيرة. قد يغفر المرء لميرتاهاسبي وبناهي شعورهما بالشك حول الفعالية الكامنة للسينما. وقد وقع مارتن سكورسيزي وكين لوتش والآلاف من الآخرين عرائض توسل وحملات من أجل اطلاق سراحه. ومع ذلك ما من فائدة. هل هناك بالتأكيد شيء من التحرر من الوهم؟ يقول مرتهاسبي:" كلا إطلاقا . الأمل هو الذي يحرسنا إنه يتعلق بما نحن قادرين على عمله وتحقيقه. الأمل هو الشيء الوحيد لدينا".
فيلم بناهي الأخير المهرّب إلى مهرجان "كان" فـي كعكة
نشر في: 8 يونيو, 2011: 05:24 م