كاظم مرشد السلوم ربما لا يقرأ الكثير من الناس كتابا او صحيفة بشكل يومي، ولكنهم بالتأكيد يشاهدون فيلما سينمائيا ربما يوميا او أسبوعياً على اقل تقدير، خصوصا بعد الانتشار الواسع للفضائيات العربية والعالمية التي تعرض عشرات الأفلام يوميا، من هنا تأتي أهمية النقد السينمائي الذي لا يقل أهمية عن النقد الأدبي وغيره، من خلال محاولته توطيد العلاقة بين المتلقي والفيلم ،فأهمية النقد السينمائي تأتي برأيي من خلال محاولته التعرف على ما يتضمنه الفيلم من ملامح تميزه عن باقي الأفلام من حيث الفكرة والتصوير،
وذلك من خلال تعامل صانع الفيلم مع عناصر اللغة السينمائية وتوظيفها لصالح العمل، وهناك العديد من الاتجاهات النقدية السينمائية، فهناك النقد الشكلي الذي يتحدث عن الإطار العام لفيلم وشكله من خلال تطرقه الى كلفة الإنتاج وسنته واسم مخرجه وأهم أفلامه وميزانية الفيلم والجهة المنتجة له وكذلك الحديث عن ممثلي الفيلم والجوائز التي حصلوا عليها، وهو ما يسمى بالنقد البسيط، وهناك النقد الوصفي الذي يصف او يستعرض قصة الفيلم و ما تتضمنه من أحداث، وهناك النقد التحليلي الذي يتناول الأجناس الفلمية الروائية والوثائقية، ولكن النقد الأهم هو النقد التأويلي الذي يتناول ما وراء النص الفيلمي محاولا الوصول إلى الدلالات والإشارات والرموز التي يرسلها الفيلم بقصدية أحياناً ومن دون قصدية في أحيان آخر . ففي فيلم افاتار للمخرج جيمس كاميرون وهو فيلم قدم وبدون شك دهشة بصرية هائلة ربما كانت الأكبر لحد الآن، ولكن لو تناولنا الفيلم بعيداً عن الدهشة البصرية فسنجده يرسل العديد من الإشارات التي تؤكد على تفوق جندي المارينز ولو بعد مئات السنين وبقاء العالم بحاجة إلى المنقذ الأمريكي، حتى لشعوب ربما تتواجد في كواكب أخرى، كذلك في فيلم القارئ يطرح الفيلم العديد من الإشارات الأولية لتحليل وفهم الفيلم من خلال عبارة يكتبها استاذ مادة الفلسفة في بداية الفيلم تقول إن السرية فكرة راسخة في الأدب الغربي وعلى هذه الجملة تبنى كل أحداث الفيلم .كذلك فأن الأهمية والدافع إلى النقد السينمائي هي تلك المكانة المرموقة التي وصلت اليها السينما وأثرها الواضح على المتلقي في مختلف المجتمعات، فبعد التطور التكنولوجي الهائل خصوصاً في مجال المرئيات بات باستطاعة أي فرد في مختلف أنحاء العالم مشاهدة العديد من الأفلام في منزله، كذلك باستطاعته تحديد نوع الفيلم الذي يرغب: تأريخي، أكشن، رومانسي، أو وثائقي وهذا الأخير أصبحت له فضائيات متخصصة مثل، ناشيونال جوكرافيك، الجزيرة وثائقي، البيبي سي، وغيرها، ويأتي دور الناقد ليوطد العلاقة بين المشاهد والفيلم من خلال تطرقه الى أهمية وجدوى الفيلم وربما يكون السبب في قلة المشتغلين في هذا الحقل في العراق مقارنة بالنقد الأدبي هو التدهور الكبير في واقع السينما العراقية سواء على مستوى الإنتاج او البنى التحتية خصوصا دور العرض واختفائها بشكل شبه تام، فلا وجود لأي دار عرض في كافة المحافظات العراقية بعد تنامي وشيوع ذهنية التحريم، لذلك يعتمد الناقد السينمائي العراقي على مشاهداته المستمرة للأفلام العربية العالمية ،وهناك العديد من الأسماء المهمة التي تشتغل في هذا الحقل ولا تكاد صحيفة مهمة تخلو من صفحة أسبوعية عن السينما تتضمن دراسة نقدية لأحد الأفلام، ومهمة النقد السينمائي ليست بالمهمة السهلة حيث يفترض على الناقد ان يتوفر على معرفة جيدة بباقي الفنون، فالسينما وكما يطلق عليها "الفن السابع " بمعنى احتوائها وتوظيفها باقي الفنون ضمن بنية النص المرئي وهذا التوظيف لا يأتي اعتباطا بل عن قصدية يفسرها الناقد .كذلك فان من المهم ان يصل الناقد الى معرفة سؤال السينما المهم وهو " ماذا يحدث لو " والذي من خلاله يمكن للناقد ان يحلل الفيلم بصورة جيدة، حيث تبنى على هذا السؤال الثيمة الأساسية لكل فيلم، ففي فيلم الصخرة مثلا كان السؤال هو ماذا يحدث لو ان جاسوسا بريطانيا محكوما بالسجن المؤبد هو الوحيد الذي باستطاعته ان يجنب أميركا هجمة بصواريخ نووية، وربما يختلف تحديد هذا السؤال من ناقد لآخر، لذلك يأتي التحليل والنقد مختلفا بينهم استنادا الى هذا السؤال، حيث لا وجود لقاعدة ذهبية في السينما، فالقاعدة الذهبية للسينما"" أن لا قاعدة "" والا لجاءت الأفلام السينمائية على وتيرة واحدة ولم تستطع السينما الوصول الى المكانة المرموقة التي وصلت إليها.rn6/ حزيران / 2011
النقد السينمائي.. الأهمية، الاشتغال
نشر في: 8 يونيو, 2011: 05:24 م