TOP

جريدة المدى > سينما > عصر الصورة الذي يبحث عن وجوده عربياً

عصر الصورة الذي يبحث عن وجوده عربياً

نشر في: 8 يونيو, 2011: 05:25 م

طاهر علوانمما لاشك فيه ان الكلام عن "عصر الصورة " يمتلك صدقيته من خلال هذا التدفق الهائل للمعلومات المدعوم بالصور، وفي كثير من الأحيان تشكل الصورة مادته الأساسية، فالكلام عن عصر الصورة يتداخل مع العصر التكنولوجي العابر للحدود والقارات والعابر للدول ولأبواب البيوت، وهو ما أعطى أسباباً عملية قوية لكي تكون "صناعة الصورة" هي ظاهرة هذا العصر بما صارت تستند   اليه من دعم رأسمالي واستثمارات ضخمة تعادل ميزانيات دول بأكملها تلك التي ترصد سنويا في العالم من اجل صناعة الصورة.
ولهذا أنتج هذا العصر "صناعا"مهرة للصورة ومنتجين لها فيما خلف وراءه أعدادا غفيرة من البشر ليسوا اكثر من مستهلكين وعلاقتهم بالصورة لا تتعدى استهلاك اية بضاعة تكنولوجية او استهلاكية أخرى، لاسيما بعد ان نجحت الماكنات الدعائية والإعلامية في ترسيخ وجود هذه الشريحة الواسعة من المستهلكين للصورة الذين يعدون اليوم بمئات الملايين، هؤلاء هم العمود الفقري لسوق الصورة وهم الذين "ادمنوا " مشاهدتها كمتسلمين جاهزين لكل او اغلب ما تبثه ماكنات الإنتاج في العالم .ولهذا ليس مستغربا مثلا ان يكون الدخل السنوي لهوليوود بعدة مليارات من الدولارات عن الإنتاج الفيلمي، يعزز ذلك ويدعم هذه المهمة في الترويج وإعداد الجمهور لاستقبال الجديد وجود جهازين خطيرين هما التلفزيون والكومبيوتر بارتباطه بالشبكة العالمية، وفي كثير من الأحيان وقع ذلك التبادل في الأدوار بين السينما والتلفزيون والكومبيوتر باتجاه صناعة الصورة وتكاملت تلك التكنولوجيا من اجل جودة الإنتاج الصوري وانتشاره .ما يؤسف له عربيا ان هنالك أمية مروعة وعجيبة تسود أوساط صناع القرار   الإعلامي والثقافي  في العديد من البلدان العربية هؤلاء الذين مازال بعضهم  يعيش في القرون الوسطى في علاقتهم بصناعة الصورة، اذا لا يعقل ان بلدانا بطولها وعرضها لا توجد فيها مؤسسة سينمائية فاعلة ولا مهرجاناً سينمائياً يشار إليه ولا إنفاق على الإنتاج الفيلمي ولا تقاليد ولا اعتبارات ولا تصورات لهذا العصر المتسارع الذي تتربع فيه الصورة على القمة، ما يخيفهم هو الاستخدام الإعلامي للصورة، ترعبهم الصور المتدفقة على الشاشات ان مستهم او انتقدتهم ولو بأبسط أشكال النقد، الصورة هنا مطية للتبعية والضعف وقلة الحيلة والوعي الناقص والسلبي للغة العصر وخصوصيته .والحاصل ان  لكل عصر سماته ومنجزاته وعصرنا هو دون أدنى شك هو عصر الصورة ولكن بالتأكيد سنتفق مع من سيقول : بل هو عصر الاحتباس الحراري والتلوث والتغير المناخي والتطرف الديني ونضوب النفط والحروب العرقية وحروب المياه وما إلى ذلك من أوجه مزرية لهذا العصر، ولكن تبقى الصورة هي العين الراصدة لكل هذه والمؤهلة لنقل الحقيقة او حتى جزء منها لكنها في كل الأحول حاضرة بقوة ..ولهذا فهو عصر الصورة بامتياز ..لطالما توجهت الأنظار نحو سينما متفوقة وناجحة وأفلام تشق طريقها بقوة الى الشاشات بتفوق مخرجيها وكتاب السيناريو وسائر مفاصل العمل الفيلمي الأخرى، وبسبب هذا التوق والطموح المشروع ظل  المنجز السينمائي العربي أسير النوايا والأمنيات، ليغيب عنه عنصر مهم الا وهو (التخطيط ) ويغيب عنه عنصر مكمل هو (الرؤية)، اذ نجد ان هنالك تجهيلا متعمدا في هذا الباب وتسطيحا عجيبا يختصر المسألة برمتها في توفر (الفلوس) ،فمتى ما  توفرت الفلوس كانت هنالك سينما ولكن أية سينما تلك التي قوامها الفلوس بينما يجري تغييب العوامل الأخرى لنجاحها ؟، والحقيقة ان دعاة هذا المنطق ربما كانوا  يعبرون عن هواجس وإسقاطات نفسية لا غير، عن نزعات وأمان شخصية حيث الفلوس وذلك عندما تكون الفلوس بديلا  للقيم والضمير والذات والأخلاق  والصدق وكل شيء، الفلوس هي الدافع والمحرك لسحق كل شيء فلا معنى للقيم من غير (مصاري) . وعلى هذا لا تستغرب ما نحن فيه من خواء وخراب اذا كانت  بعض (النخب )هي على هذا الحال ...والحقيقة ان هذه الظاهرة تنسحب الى مفاصل كثيرة في حياتنا وسببها الأهم في كل مانشهده من خراب هو (محدودية الفرص ) أمام الجميع وعشوائية التصرف مما يخلق نوعا من التكالب والسعي المحموم لتلقف الفرص واحتكارها خوفا من الآخرين ،ويأتي رد الفعل المقابل والمتوقع وهو فعل أي شيء وكل شيء لقطع الطريق على الآخرين من الاقتراب من المنطقة المحرمة، منطقة الاستحواذ عن طريق الشيطنة من جهة والعلاقات الشخصية من جهة أخرى ،ولهذا فأن السعي (لشيطنة) المشهد السينمائي العربي بدلا من عقلنته هو احد عوارض هذا الفصام الذي نعيشه، وعلى هذا يحلم الكل : ممولين أو أصحاب قرار او سينمائيين، الكل يحلم بتلك السينما العظيمة ..لكن كيف ؟ هل يمكن للإبداع أي إبداع ان يظهر وينتعش في تربة قاحلة وارض بور وأفكار  قائمة على الشيطنة ؟ التربة والأرض المقصود بها هي (أخلاقيات) الإبداع والمنطق الذي يحكم الأشياء، التنافس الشريف والموضوعية والضمير، ولهذا لا نستغرب ان التجارب الغربية تفسح المجال للمبدعين فيخطون خطواتهم الأولى بالتتابع وحتى النجاح والانتشار والنجومية، فلا احد يتآمر على احد ولا احد يشتم أحداً، انهم يوفرون طاقاتهم للإبداع ولا يتيحون لأية نزعات سلبية وتآمرية وأنانية ان تتغلغل وتحتل مساحة ما لا تكاد تذكر من العقل ،فكيف الحال ونحن نلقي الخطب العصماء عن تلك السينما البديلة فيما العقل مم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن مواعيد دورته الثامنة

السينما كفن كافكاوي

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram