وديع غزوانيدور الحديث حالياً عن مبادرة جديدة للرئيس جلال طالباني سعياً وراء حل عقد مزمنة تحولت الى مرض انتقلت عدواه الى مفاصل مهمة من ابرزها البرلمان والحكومة . وسواء كانت المبادرة مكملة لمبادرة رئيس إقاليم كردستان مسعود بارزاني او مختلفة عنها , فان اعلانها يعبر عن مدى ما وصلت اليه العملية السياسية من مأزق حاد وخطير كان احد ابرز اسبابه تمسك اطرافها بمواقف انانية وضيقة لاتتلاءم ومتطلبات ما يعيشه العراق من اوضاع صعبة يتحمل تبعاتها المواطن وليس غيره .
ومع تقديرنا العالي لجهود طالباني وثقتنا بخبرته السياسية التي تؤهله لممارسة مثل هذا الدور الكبير , فان العقد في ازمتنا كثيرة ومتنوعة كما ان بعض الشخصيات السياسية تتعمد عدم حلها , لانها على ما يبدو مستفيدة من بقاء الاوضاع متأزمة , لذا نراها تتعمد التسابق في خلق الازمات , في مباريات لاترضى اطرافها الاحتكام لقرارات حكام حياديين خرجوا الى الشوارع بتظاهرات شخصوا فيها وبدون تزويقات وكلمات مجاملة العلل التي شابت العملية السياسية منذ البدء , وطرحوا من خلال بعض الشعارات الحلول الصحيحة التي تلخص جوهر المشكلة وأسّها المتمثل في قصر نظر الاطراف السياسية وتعمدها الحديث بوجهين ،فهي تلعن الفساد والمفسدين من على الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى وتدعو الى نبذ المحاصصات , في نفس الوقت الذي تكرس كل جهودها وتوظف كل ما لديها من امكانات من أ جل الصراع على المناصب . الازمة العر اقية بقدر ما فيها من تعقيدات ليست عصية الحل اذا ما تخلت اطراف العملية السياسية الرئيسية ونقصد هنا على وجه الخصوص دولة القانون والعراقية عن مواقفها السابقة تجاه الطرف الآخر , وان يتعامل كل طرف مع الآخر بضوء ما تمليه العملية الديمقراطية واستحقاقاتها وفي ضوء ضرورات الواقع وليس على اساس الغالب والمغلوب , وان يعي هذان الطرفان ومن يدفع باتجاه تصعيد الموقف بينهما , إلا ان العراق اكبر من كل هذا الذي يجري منذ الاعلان عن نتائج الانتخابات وتأخر تشكيل الحكومة وبقاء وزاراتها الامنية شاغرة لحد الان . ويبدو ان الساسة الاجلاء قد نسوا في خضم مبارياتهم على المكاسب ان من ابسط شروط العملية الديمقراطية الاذعان لرأي الاغلبية التي هي هنا اغلبية مطلقة ممثلة بجمهرة المواطنين المحرومين وشباب العراق الذين قالوا في العلن لا لكل هذه الممارسات التي تشكل خرقاً لثقة المواطن وعهده بهذه الاطراف التي اقسمت على الحفاظ على العراق الجديد .. ومع اعتزازنا بالمبادرة الاخيرة للرئيس طالباني التي تتطلب كما اشار احد اعضاء مجلس النواب ( جلوس القادة السياسيين الى طاولة الحوار ) فان الاهم من كل ذلك وقبله ان تصفّى قلوبهم قبل ذلك وتتجه الى العراق وليس الى اي شيء آخر ., وان يتعملوا احترام رأي الشعب الذي لولاه ما كان لهم ان يجلسوا على مقاعدهم ولو للحظة. كما ندعو بتواضع إلى ان تسبق المبادرة جهود مهمتها السعي لاتفاق الفراقاء على احترام الدستور على ما فيه من علل , وان يجسدوا بالعمل الايمان بالديمقراطية ونهجها, بعيداً عن المزايدات والشعارات التي سئمنا سماعها .
كردستانيات: مبادرة.. وأغلبية مطلقة
نشر في: 8 يونيو, 2011: 08:21 م