بغداد/ المدى ما زال ملف الفساد المالي والإداري في العراق من أكثر الملفات تعقيدا أمام الحكومة السابقة والحالية رغم الإجراءات التي اتبعت للحد من هذا المرض المستشري بين جميع مفاصل الدولة. ومع فشل اللجان التي شكلت لملاحقة هذا الملف طالب أعضاء في مجلس النواب بضرورة اتخاذ التدابير الناجعة لمواجهة هذه القضية مثل مطاردة المتهمين بقضايا فساد مالي
خارج البلاد وعرضهم على القضاء طالما يسمح القانون بذلك. وهناك قسم آخر يتهم الحكومة بغض النظر عن المتهمين من الوزراء والنواب بسبب المجاملات السياسية. وكانت لجنة النزاهة البرلمانية كشفت عن سفر اثنين وعشرين مسؤولا كبيرا إلى خارج البلاد بعد بدء تحقيقات في قضايا فساد. وقال رئيس اللجنة بهاء الاعرجي في تصريح صحفي "من بين هؤلاء المسؤولين وزراء ووكلاء وزراء ومديرون عامون وضباط كبار في الجيش العراقي".من جانبه قال النائب عن التحالف الوطني حسين المرعبي ان" الفساد موجود في كل مفاصل الدولة، في مجلس النواب، ومجلس الوزراء، وبقية دوائر الدولة".وأضاف المرعبي في تصرسح صحفي ان "الكشف عن هذا الفساد يحتاج إلى أدلة و إلى براهين"، مطالبا "مجلس النواب والجهات ذات العلاقة بالكشف الفوري عن المفسدين في الدوائر الحكومية وعدم التستر عليهم تحت اي عنوان كان".وتابع المرعبي ان "كثيرا ما يتم غض النظر عن هذه الملفات بسبب المجاملات او الصفقات السياسية".إلى ذلك قال عضو مجلس النواب خالد الفهداوي ان "هناك حقا للحكومة العراقية في ملاحقة كل مطلوب باختلاس أموال الشعب في أي مكان من العالم والقصاص منه".وأضاف الفهداوي ان "الشعب العراقي يعاني من استشراء الفساد المالي والإداري في الدولة، هذا الفساد اثر بشكل سلبي على الخدمات".من جهته انتقد التيار الصدري هيئة النزاهة "لعدم إصدارها مذكرات قضائية بمنع سفر المسؤولين الفاسدين"، مشيرا إلى أن "النزاهة هي المسؤولة عن حدوث تقصير".وقال النائب أمير الكناني إن "لدى جميع المسؤولين الحق بالسفر في حال عدم وجود مانع قانوني يحول دون ذلك"، مبينا أن "كتلة الأحرار عاتبة على هيئة النزاهة لعدم اصدارها مذكرة قضائية بمنع سفر مسؤول متورط بالفساد لكي تتم محاسبته ومحاسبة الجهة العليا التي يرتبط بها".وكانت كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري لوحت الأحد الماضي بأنها ستكشف ملفات فساد تتورط فيها "أسماء لامعة" في الحكومة العراقية، لافتة إلى وجود 16 وزيرا من الحكومة السابقة متهما بقضايا فساد إداري ومالي.ولفت النائب عن كتلة الأحرار جواد الحسناوي إلى أن "هذه الملفات أحيلت إلى القضاء وتوقفت هناك لوجود أيد قوية تطول تلك الملفات، أيد مؤثرة على القضاة"، مشددا على ضرورة "إبعاد طبقة التجار السياسيين عن القضاء من الذين ظهروا الآن ويتمتعون بصلاحيات كثيرة في مؤسسات الدولة ويسيرونها حسب تجارتهم".وكان وزير العدل حسن الشمري أعلن في تصريح له عن اكتشاف حالات فساد في دوائر الإصلاح والتسجيل العقاري وحتى في مكتب المفتش العام الذي أمر بإغلاقه".وأضاف وزير العدل انه "أمر بإعفاء بعض مديري السجون بسبب تقصيرهم فيما أحال قضايا فساد إداري كثيرة إلى هيئة النزاهة".وأكدت لجنة النزاهة في البرلمان العراقي في 23 أيار/مايو الماضي أنها ستكشف قريبا عن "ملفات فساد جديدة تفاجئ الشارع العراقي"، لافتة في الوقت نفسه إلى "وجود أجندات داخل اللجنة تحاول تسييس وتجيير ملف النزاهة لأهداف سياسية".وكثيرا ما تتهم الحكومة العراقية بغض النظر عن المفسدين من الوزراء والبرلمانيين بسبب المجاملات السياسية وأحيانا تصل الأمور إلى مستوى الصفقات السياسية. يذكر أن التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2009 أظهر أن العراق والسودان وبورما احتلت المرتبة الثالثة من حيث الفساد في العالم، فيما حل الصومال في المرتبة الأولى تبعته أفغانستان. وأشار التقرير إلى أن الدول التي تشهد نزاعات داخلية يسودها الفساد بعيداً عن أي رقابة، ويتم من خلاله نهب ثروات البلاد الطبيعية وانفلات الأمن وخرق القوانين.
ملف الفساد المالي..الاقتراب منه يكشف حجم الصفقات بين الاطراف السياسية
نشر في: 9 يونيو, 2011: 06:55 م