TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > إنتاج الطبقة السياسية

إنتاج الطبقة السياسية

نشر في: 10 يونيو, 2011: 05:10 م

ايمان محسن جاسمطالعت مقال السيد طارق الجبوري الموسوم " كتلنا السياسية والمعايير المزدوجة في عملية التغيير" المنشور في جريدة المدى يوم 6 حزيران الجاري ، وتوقفت كثيرا أمام أكثر من نقطة أثارها المقال أهمها التشوهات التي أصابت العملية السياسية أو الديمقراطية بالعراق سواء بسبب وجود قوات الاحتلال أو ناجمة عن ضعف الأداء السياسي للأحزاب والكتل التي شكلت البرلمان والحكومات المتعاقبة .
وعلى هذا الأساس فإن طرح المشكلة يتطلب في ذات الوقف الوقوف على أسباب نشوئها ومن ثم إيجاد ما يلزم من حلول قدر الإمكان .فالجميع يعرف بأن العملية السياسية في العراق قامت على مكونات اجتماعية موجودة في طبيعة تركيبة المجتمع العراقي  وأخذت أبعادها الاجتماعية أكثر مما بُنيت على أساس أيدلوجيتها السياسية والفكرية ، فوجدنا بأن التعامل ظل قائما ً على أساس عرقي طائفي قومي وتلخص بـ ( سُني ، شيعي ، كردي ، تركماني ، شبكي ، إيزيدي ، مسيحي ) ، ثم أضيف لهذه المكونات في مرحلة من المراحل العشائر .ولم يسأل أحد عن السبب في تكوين هذه الرؤية ومدى صوابها أو على أقل تقدير لماذا لجأنا إليها ؟ والسبب يكمن في فشل السياسيين بعد 2003 في تكوين منظومة فكرية قادرة على تأسيس مفاهيم جديدة من شأنها أن تنتج حكومة فعالة قادرة على أن تنهض بالبلد ، الجانب الآخر يتمثل في إن الأحزاب التي برزت بعد التغيير لم يكن لديها ثمة مشروع لبناء الدولة ، بل كل ما حملته معها كان مشروع كيفية إسقاط النظام البعثي ، وبالتالي فإن هذا الخلل تمت معالجته من خلال تحريك الهويات الثانوية للمجتمع العراقي ومحاولة خلق أكثر من كيان داخل جسد الدولة العراقية ، وفشلت الحكومات الائتلافية في تجاوز أزمتها هي والسمة البارزة منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا تمثل بترحيل الأزمات ، وعملية الترحيل هذه بحد ذاتها تمثل ضعف النخب السياسية على حل المشاكل وفق ما وصلت إليه من تناحر وتجاذب واحتراب كلامي وإعلامي ، وهي محاولات من هؤلاء الساسة لإبقاء الوضع كما هو طالما أنه يصب في مصالحهم التي تكمن في بقائهم في السلطة أطول فترة ممكنة ، وبالتالي فإنهم لا يختلفون من حيث النظر للسلطة على إنها غاية وليست وسيلة لخدمة الشعب .ويمكننا القول بأن الشعب العراقي استوعب التغيير وغادر مرحلة النظام السابق بكل ما تعنيه هذه المغادرة من معان فكرية واقتصادية ، وتمكن المجتمع العراقي من إنتاج مجتمع سياسي واع ومدرك ، مشارك في الديمقراطية ، ومنتقد للأخطاء ، وما يمكن أن نقوله بأن المجتمع العراقي في حالة أرقى مما يتصور البعض لكن مشكلته تكمن في الأحزاب والكتل السياسية التي تأبى أن تغادر العناوين الفرعية ، والسبب يكمن بأن هذه النخب حين تغادر عناوينها الفرعية هذه لن تجد لها مكاناً  في المستقبل ، لهذا فإن الكثير من هذه القوى تحاول قدر الإمكان ترحيل الأزمات ، ولا يمكن لنا أن نتصور حلولاً سريعة لأية أزمة طالما إن سبب الأزمة يريد أن يكون جزءا من الحل ، وحتى لو نظرنا لأزمة الخدمات التي يعانيها    الشعب العراقي ، ورغم إن الكثير منها حلولها متيسرة ولكنها تحتاج للنزاهة والأمانة والحرص الوطني .ويمكننا القول بأن العملية الديمقراطية في البلد أنتجت مجتمعاً عراقياً يعي أهمية الديمقراطية وأحياناً كثيرة يعول عليها ، لكن للأسف الشديد بأن العملية الديمقراطية لم تنتج بعد طبقة سياسية واعية تحمل أبعاداً وطنية بل ما زالت تتخندق في عناوينها التي أوصلتها للسلطة التشريعية والتنفيذية ، لم نجد أحداً من الطبقة السياسية وقد غادر هذه المنطقة صوب المواطنة الحقة ، بل الجميع لا يجد نفسه إلا من خلال زاوية ضيقة  محكومة بالفئوية والمناطقية والجهوية والطائفية.وبالتأكيد كشفت الأيام بأن الطبقة السياسية في العراق قد صنعت هزيمتها بأيديها دون أن تدرك هذا وباتت غير قادرة على معالجة مجموعة الأخطاء التي تراكمت منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا .والحل يكمن في صياغة مشروع وطني قائم على نبذ الهويات الثانوية والتركيز على الهوية الوطنية ، لكي نغادر الطائفية والأثنية والعرقية علينا أن نؤسس لمشروع وطني يمثل الشعب لا المكونات .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram