وديع غزوانمن حق أي حزب ان يفخر بمؤيديه سواء من كان منهم في السلطة او المعارضة، ومن الطبيعي ان تلجأ الأحزاب الحاكمة في الأنظمة الديمقراطية الى تحشيد جمهورها وإعلان التأييد لإجراءاتها مقابل تظاهرات المعارضة، فهذه هي بعض أوجه الممارسة الديمقراطية، لكن غير الطبيعي ولا المقبول ان يتم استغلال إمكانات السلطة وأجهزتها وتسخيرها لصالح الحاكم وأهوائه من اجل الهتاف بحياته والتمجيد منجزاته، كما حصل في ساحة التحرير في جمعة 10 /6 التي حرفت بشكل سيئ ورفعت شعارات كان واضحاً انها تريد اختزال مشاكل ومعاناة كل العراق وأغلبية شعبه بخلاف شخصين ليس إلا.
وبغض النظر عن طبيعة الجمهور الذي تم إحضاره بسيارات فارهة ومكيفة وضمان توزيع الماء البارد عليه، فان الذي حصل لعبة مكشوفة ما كنا نتمنى على أية جهة اللجوء اليها لانها لا تليق بأي تنظيم او مكون، أصر مع الأسف ان يعيد لنا صور ماض قريب عندما كان يتم إملاء الشعارات على الملايين من العراقيين وتحفيظهم إياها وإجبارهم على ترديدها مع أغاني النصر المزعوم، في وقت كان الجوع والمرض ينهشان أجسادهم، والخوف يملأ نفوسهم من صور القمع وسلب الإرادات التي لا تجيد الأنظمة الدكتاتورية غيرها.وبصراحة فوجئت بالصورة التي رأيتها في ساحة التحرير في هذه الجمعة، فقد توقعت كل شيء إلا هذا الذي شاهدته وسمعته.. ممارسات تدل على مدى التخبط والهزال اللذين وصل لهما بعض أطراف العملية السياسية، عندما يدفع بعناصر لإطلاق الاتهامات على شباب اختار منذ الخامس والعشرين من شباط ان يحتج سلمياً على ما يجري من تحريف وتشويه للعملية السياسية.ونعتقد ان الهتافات التي كان يرددها الشباب تعبيراً عن رأي الأغلبية العظمى من الشعب المحروم، بمحاربة الفساد والمفسدين وإصلاح الأوضاع، كانت ستؤدي حتماً، في ما لو أخذت بنظر الاعتبار، معاقبة كل المجرمين القتلة من ضمنهم مرتكبو جريمة عروس التاجي وسواهم من الإرهابيين الذين استرخصوا دم العراقيين، وامنوا العقاب، في ظل تهافت بعض الشخصيات على مغانم السلطة،مبتعدين عن مصالح الشعب وحقوقه.ما حصل في جمعة العاشر من حزيران التفاف من نوع آخر على حق الشعب بالديمقراطية وإصرار على ممارسة أساليب أثبتت فشلها، وهو دليل هزيمة وخوف وعدم قدرة على مواجهة مطالب المواطنين المشروعة، بشكل صحيح، ودليل محاولة مقصودة لإبعاد العملية السياسية عن مسارها الديمقراطي.وما نتمناه ان يتدارك أصحاب العقول وذوو النوايا الحسنة من السياسيين على قلتهم وضعف ما بيدهم ،ما يجري والتنبيه على تداعياته الخطيرة على العراق.. نحن مع كل تظاهرة عفوية، لكن بعيداً عن تشويه معاني نصب ساحة التحرير ومغزاها التي شهدت منذ شباط الماضي تظاهرات حقيقية دفاعاً عن العملية السياسية وانتصاراً لمنهجها الديمقراطي، ونعتقد ان صوت الشعب واضح لمن يريد ان يصغي ويسمع، فابتعدوا عن هكذا ممارسات مكشوفة وبائسة.
كردستانيات: جمعة اللعبة المكشوفة
نشر في: 10 يونيو, 2011: 07:54 م