TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كردستانيات: شعارات مستهلكة

كردستانيات: شعارات مستهلكة

نشر في: 12 يونيو, 2011: 06:07 م

وديع غزوان لم تعد تجد ي بعد اليوم كل تلك الشعارات التي دأبت الانظمة الاستبدادية على الترويج لها , حتى صارت احد ابرز سماتها , والتي طبعت هذه الانظمة منذ وجودها وميزتها عن غيرها.. شعارات تتجاوزالشعب وطاقته وتنصب على سيل  كلمات واغاني المديح والتمجيد لشخص واحد وحزب واحد, وتكريس نزعة احادية جرت الكثير من الويلات على مواطنين اضطروا لترديدها كالببغاء دون ايمان بها ..
مثل هذه الشعارات تجاوزتها دول العالم المتقدم  منذ زمن بعيد وتعلمت من تجاربها  انها بدون الشعب  لاتستحق ان تبقى في كراسيها ولامعنى لوجودها . اما في محيطنا العربي المبتلى بحب كرسي السلطة , فقد وضعت انتفاضات ( ربيع العرب ) حداً فاصلاً ومتميزاً بين مرحلتين ،الاولى تميزت باستلاب حق المواطن وتسخير ه لخدمة النظام الحاكم مهما كان جائراً , والثانية انتزاع حقه في التعبير من سارقيه والمنافقين من السياسيين الذين ما عرفوا غير التدليس والخداع طريقاً للتعامل مع المواطنين . صحيح ان ما ينتظر مواطني مصر وتونس بالخصوص الكثير ليؤكدوا هوية الانتفاضة الشعبية ويحافظوا عليها من الطارئين , غير ان طريق من سبقنا لم يكن معبداً ابداً. ومن يعيد قراءة تاريخ اوروبا بشكل سريع ومنها انكلترا وفرنسا على وجه الخصوص يدرك مقدار الصعوبات التي واجهت الاوروبيين للوصول الى ماهم عليه الان . وربما الملاحظة الاهم في كل تلك التجارب هو رسوخ قناعات لدى رجال السياسة والعاملين عليها , باحترام ارادة المواطن بشكل صحيح ومشاركته مناقشة المعلومات بقناعة واشراكه بصنع القرار ,  لذا فاللعبة السياسية يتحكم بها الشعب , فهو الذي يختار بوعي الاحزاب الحاكمة، وهو الذي يسقطها اذا ما شعر بانها خالفت البرامج التي وعدته بها . الكثير ممن عاشوا في تلك الدول او زاروها لم يجدوا تظاهرات  تهتف كما عندنا , عاش او يسقط , بل ان جل شعاراتهم تركزعلى رفض او تأييد لموقف او اجراء , لذا فالسياسي هناك يحسب الف حساب للشعب ويحترم قراراته وخياراته ،ونادراً ما يتجرأ على الكذب لان هذا معناه الفضيحة والسقوط الى الهاوية .. هنالك استفادت النخب السياسية من قسوة الماضي ومآسيه , فعملت على ترسيخ مجموعة قيم مجتمعية تتجاوز الفرد وتقديسه  مهما كانت منجزاته ومواقفه, وتنحاز للجماهير باعتبارها الاكثرية , قيم حرص الجميع على الالتزام بها المعارض او من كان في الحكومة , لانها بمثابة الدستور الذي ينظم كل الفعاليات ويوظفها لصالح البلد ومواطنيه , لذا قد لانجد من الغرابة ان انكلترا , وبغض النظر عن الموقف من  طبيعة تجربتها الديمقراطية العريقة , تعمل بدون دستور مكتوب . ما نريد ان نقوله هنا اننا في العراق , مثلنا مثل الدول الشقيقة , نحتاج الى ان  يتجاوز سياسيونا عقدة الشخصنة , اذا صح التعبير , التي  تجعل من الفرد الآمر الناهي في حزبه وفي اي موقع آخر وما على الاخرين الا الطاعة. في العالم المتحضر سياسيون قادة مختلفو التوجهات والنظريات , لكنهم يعلمون ان مكانتهم من مكانة شعبهم  فلا يتجاوزونه بشيء , اما عندنا فـ ( الانا )  مرض مستفحل لايرضى احد الشفاء منه . اذكر ان احدهم اخبرني في وقت سابق ان المرحوم هواري بومدين وفي مناسبة ذكرى الثورة الجزائرية , طلب من احد الفنانين المشاركين الامتناع عن الغناء لشخصه والتغني بالشعب لانه من قدم التضحيات . للسلطة اغراءاتها ربما لهذا اختار المناضل تشي غيفارا مغادرة كوبا والاستشهاد في ادغال الارغواي فبقي خالداً , في وقت طويت صفحات التاريخ سير الطغاة ولم تذكرهم الا للاعتبار. فهل نعي الدرس ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram