قاسم محمد عباس يوم أمس اشتبك النائب كمال الساعدي مع النائب حيدر الملا وتشاتما بصوت عالٍ في كافتيريا مجلس النواب، صورة تختزل لنا طبيعة الطبقة السياسية وأسلوب جدالها السياسي، وهي الصورة التي أُريد لها أن تحدث بين المواطنين في تظاهرات يوم الجمعة، أو أريد لها أن تكون فتنة على هذا النحو بين أبناء الشعب الواحد، وكادت أن تشتعل فتنة بين جمهورين تظاهرا.. جمهور يواصل التظاهر منذ أشهر طويلة
أقرت الحكومة ذاتها بمطالبه التي سمَّتها بالمشروعة، وجمهور تظاهر للمطالبة بإنزال الحكم العادل بحق سفاحي وإرهابيي مجزرة عرس الدجيل، ثم تلا ذلك التصعيد الذي كان واضحاً في بيان أو كلمة أو خطبة أياد علاوي التي كان يعوزه أن يختمها بجملة: وليخسأ الخاسئون.. لتستتبع بحمى رفع الدعاوى، حزب الدعوة بصدد رفع دعوى ضد إياد علاوي، وإياد علاوي بصدد رفع دعوى ضد المالكي.هل يمكن أن تختزل هذه الأحداث حقيقة ما يجري في العراق من انهيار سياسي، أو أن الوضع السياسي بسبب اللاتوازن يصل إلى طريق مسدود.حينما نعود إلى ما قبل أول تظاهرة ونتذكر تصريحات المالكي بشأنها، أو نجمع كل خطب المالكي وتصريحاته بشأن التظاهرات، نرى كيف أن المالكي راح يخسر جمهوره كلّما مرّ يوم جمعة جديد، وكيف انه بعد كل تصريح بشأن هذه التظاهرات يفقد ميزة ما أو شريحة ما من الشرائح التي انتخبته، هكذا وبصورة سريعة وصولا إلى آخر جمعة مرّت، هل يمكن أن نسأل إلى أين وصل المالكي؟ وهو يرفض الإصغاء لصوت غير صوته، أو حتى لعدد كبير من الأصوات الصارخة في ساحة التحرير، وتردديها لملايين المرات كلمة "باطل" سواء كانت بحق الفساد المالي او البطالة أو انعدام الكهرباء أو ضياع ثروات العراق، أو وجود ملايين العاطلين وغيرها من الأسباب التي تقول إن ما يجري باطل. هل هناك نظرة احتقارية ينظر من خلالها المالكي إلى الجمهور المتظاهر؟ ربما، هل يؤمن المالكي باستحالة استمرار سلطته إلا عبر تبني سلطة الإخضاع؟ وهذا وارد أيضاً، لأنه نتاج ثقافة معارضة ترك الجلاد جزءا من سلوكه فيها، هل يعلم المالكي انه يكرس الفجوة بينه وبين جمهور كبير من المؤمنين بحركة المجتمع المدني؟ ربما لا يعلم لأنه غير مؤمن أصلا بقيمة وأهمية ودور هذا المجتمع المدني، هل يدري المالكي انه يتصرف مع مطلق المتظاهرين بوصفهم جماعة مشكوكا في وطنيتها؟ ربما نعم، هل يعرف المالكي أن الذين يهزجون له بوصفه منقذا إنما يورطونه بسلوك طريق الاختفاء عن المشهد السياسي من اجل الحفاظ على سلطتهم ومكاسبهم؟ أسئلة عديدة تنفتح مع التطورات السياسية التي أقيمت على اللاتوازن والمحاصصة او المشاركة أو غيرها من الاصطلاحات التي لم يتوصل لمعنى متفق عليه بشأنها.ربما استمرأ المالكي طريق الانفراد بكل شيء في ظل الوضع الهش أمنيا، وفي ظل غياب بوادر ظهور طبقة سياسية جديدة وشابة تنتقد البنية السياسية كلها وتعيد ترتيب العملية السياسية، لذا يندفع في تصفية أو إبعاد كل ما من شأنه إعاقته وصولا إلى فكرة قمع الاحتجاجات وبشتى الوسائل حتى التي تظهره في صورة المستبد الجديد، ومن هذه الوسائل ما لجأ إليه في الجمعة المنصرمة وهو القبول بحدوث فتنة بين العراقيين؛ لان ما جرى يشير إلى أن المالكي تعمد إشعال فتنة بين العراقيين؛ لان رفضه لهذه التظاهرات هو عدم إيمان بوجود الآخر المختلف، بل عدم إيمان بوجود المجتمع المدني، والدليل الأصدق رد فعله التلقائي على الناشطة هناء ادوارد، فلم يجد سوى التلويح لها بكفه أن تبتعد، المدقق في نظرات وحركة يدي المالكي سيكولوجيا سيجد بوادر ذلك التعالي والغطرسة التي تصيب صغار المستبدين او تلك التي يمكن تصيب أي مستبد في خطواته الأولى.لا تحتاج قضية الإرهابيين الذين ارتكبوا أسوأ جريمة بحق عرس الدجيل إلى تظاهرة، بل تحتاج إلى سرعة انجاز القضية وتنفيذ أحكام الإعدام بالمجرمين سواء في مكان تنفيذ جريمتهم أو غيره، والقضية الضرورية هي تنفيذ حكم القانون بحق هؤلاء المجرمين، وليس تسييس هذه الجريمة البشعة، لأنها ثمة جريمة حدثت بحق أبرياء ليس من المنصف أن يستغلها المالكي سياسيا، ويجند لها الآلاف، كان عليه احترام تلك الدماء التي راحت ضحية إجرام الفكر التكفيري والظلامي، إذن ما حقيقة توقيت تلك التظاهرة مع تظاهرات الجمعة؟ وما الذي أراده المالكي من خلط أوراق يوم الجمعة، غير اعتماد طريقة جديدة للإجهاز على جهود الذين يتظاهرون منذ أشهر طويلة، أو السعي لإفراغ هذه التظاهرات من مضمونها الحقيقي، حتى وان كان خلط الأوراق هذا سيفضي إلى فتنة كادت توقع خسائر بشرية بين شرائح المجتمع العراقي الذي لا يختلف الشرفاء فيه على المطالبة بتنفيذ الإعدام بمرتكبي جريمة عرس الدجيل، لم يكن من المجدي أن يشيع بعض أفراد القوى الأمنية وبعض أفراد مجالس الإسناد، الفوضى والرعب بين المتظاهرين، وهم يستخدمون العصي في ضرب بعض المتظاهرين، وطعنوا بآلات حادة عددا منهم، وضربوا بعض النساء المتظاهرات وشتموهن بكلمات نابية، فوجود عدد من رجال المخابرات والأمن بين المتظاهرين بزي مدني اندسوا بين المطالبين بإعدام مجرمي عرس الدجيل، أساء كثيرا لجمهور المتظاهرين، بل وكشف عن استغلال المالكي ـ لدماء بريئة سفكت على يد إرهابيي الدجيل ـ لقضية إنسانية سياسيا، هذه المؤشرات وغيرها خطيرة على مستقبل العملية السياسية بر
قراءة فـي حدث ساخن ..فتنة ساحة التحرير.. متى سيصغي المالكي؟
نشر في: 12 يونيو, 2011: 09:05 م