عن: الميدل ايست يواجه العراقيون مستقبلا قلقا ومتغيرا، وقد وجدوا أن الوسيلة الوحيدة للتعامل مع القلق، تسليح أنفسهم. إنهم قلقون بشأن العنف في بغداد والانسحاب الوشيك للقطعات الأميركية من العراق.يقول سعدون السهل، صاحب محل للأثاث "لدي مسدس في البيت،
واشتريت مسدسين آخرين مع المزيد من العتاد لحماية نفسي وعائلتي. أخشى أن تسوء الأمور أكثر وتعود كما كانت في 2005 و 2006. لا نعرف ماذا سيحدث غدا".إن الأسلحة تشكل مشهدا يوميا في العراق، فكل بيت فيه قطعة سلاح واحدة على الأقل. ومن المألوف أن نرى الحمايات الشخصية وهم يتفحصون أسلحتهم لدى دخولهم المؤسسات أو الفنادق وغيرها. وكثيرا ما نشاهد حمايات السياسيين وهم يحملون البنادق والمسدسات. الأشخاص الذين يعملون في مهن ومناصب معينة تضطرهم لحمل السلاح هم فقط المسموح لهم بحمل السلاح بشكل قانوني مع ترخيص بذلك. صاغة الذهب الذين يتعرضون غالبا إلى الهجمات والأطباء المستهدفون في عمليات الخطف يمكن أن يقدموا طلبا لترخيصهم بحمل السلاح. على مدى سنوات بعد سقوط النظام السابق في 2003، سمحت الحكومة بوجود قطعة سلاح واحدة في كل بيت. القوات العسكرية العراقية التي تفتش البيوت تخبر أصحابها بان امتلاك قطعة سلاح واحدة لا بأس به أما امتلاك أكثر من قطعة فهذا لا يجوز. إلا أن الناطق العسكري في بغداد اللواء قاسم الموسوي قال إن السلطات قد غيرت نهجها غير الرسمي وبدأت بحملة لنزع سلاح المدن العراقية، لكن ذلك لم يوقف خزن السلاح والعتاد.وقال مسؤول في الاستخبارات العسكرية إن مبيعات الأسلحة غير القانونية قد تصاعدت في الأشهر الأخيرة، وخاصة مسدس أي كي 47. هذا النوع من المسدسات منتشر وشائع في العراق وفي اغلب مناطق العالم، وقد تم تصميمه في الاتحاد السوفيتي السابق في الأربعينيات من القرن الماضي، إلا أن قابلية تحمله الطويلة وكلفته القليلة وسهولة استخدامه جعلت إنتاجه غزيرا ومستخدما من قبل القوات المسلحة ومجاميع المسلحين في العالم.وأضاف ضابط استخبارات آخر أن المسؤولين العراقيين لاحظوا زيادة في نسبة مبيعات مختلف الأسلحة في شهر نيسان تبلغ 15 %، أما بالنسبة للمسدس أي كي 47 فقد زادت نسبة بيعه بمعدل 20 %.وذكر المسؤولون أن هذه المعلومات حصلوا عليها من خلال أعداد الأسلحة المستولى عليها ومن خلال الاعتقالات. كما أضاف المسؤول الذي رفض ذكر اسمه، لأنه غير مخول بالحديث مع الصحافة، أن باعة الأسلحة يبيعونها لأسباب مختلفة، وان الزبائن هم أفراد من مختلف الخلفيات يسعون إلى حماية عوائلهم، بالإضافة إلى المجموعات المنظمة مثل الميليشيات القلقة بشأن ما يخبئه المستقبل.قال احد مهربي السلاح الذي كان يتحدث إلى الاسيوشيتد بريس في منزله الفخم المترف شرقي بغداد، والذي ادعى بان لقبه "أبو علي" خوفا على نفسه وعمله، بان سوق السلاح يلتهب في أوقات الأزمات السياسية. كما أن الانسحاب الأميركي المزمع جعل الناس تسعى الى امتلاك السلاح.معظم الاسلحة التي يبيعها –خاصة الجديدة– يتم تهريبها إلى العراق رغم انه لم يحدد طرق التهريب ولم يذكر الدول التي يستورد منها.وقال انه يبيع أيضا مسدسات (غلوك) التي وزعها الجيش الأميركي إلى قوات الجيش والشرطة العراقية والتي وصلت في نهاية المطاف إلى السوق السوداء. إن تجارة الأسلحة الآن ليست علنية كما كانت في السنوات السابقة. ففي عام 2003 كانت الأسلحة، حتى الثقيلة منها مثل الهاونات، تباع علنيا في أسواق العراق. وقد فقدت ملايين قطع التجهيزات بعد سقوط حكومة صدام وحل الجيش العراقي، وانتهى بها الامر في السوق السوداء وفي أيدي العصاة.وأضاف السمسار أن الأسلحة هذه الايام تباع من خلال صفقات سرية في كل أرجاء العراق، وانه شخصيا يجول في مختلف محافظات العراق من اجل شراء الأسلحة وإرسالها إلى الباعة. إلى هذا الحد اكتفى السمسار ورفض البوح بالمزيد من التفاصيل. لكن بالرغم من أن تجارة الأسلحة تجري تحت غطاء من السريّة، فان الجميع يعرف اين يجدها ويشتريها. يضيف سعدون السهل قائلا "ليس من الصعب أن تشتري سلاحا وعتادا، فإذا لم تجد السلاح المناسب الذي ترغب به لدى احد السماسرة فانه سيرشدك إلى سمسار آخر".ورغم إن القانون يجيز الاتجار بالسلاح بعد الحصول على إجازة عمل إلا أنه يندر وجود من لديه إجازة عمل في تجارة السلاح من المتعاملين في هذا المجال.ويرى بعض العراقيين أن سبب انتشار السلاح في العراق يعود إلى النهج العسكري الذي أتبعه النظام السابق. ويقولون إن نظام صدام حول الحياة في العراق إلى ما يشبه المعسكر، وكان يسمح لأعضاء حزب البعث المنحل بحمل السلاح ويقيم دورات صيفية لتدريب الطلاب على القتال واستخدام السلاح، وكان يروج لثقافة التسلح حتى أخذ صدام يظهر في بعض المهرجانات وهو يطلق النار من بندقيته (البرنو) التي يحملها بيد واحدة على سبيل الاعتزاز بقيمة السلاح". ويرى محللون سياسيون أن انتشار السلاح وبكميات كبيرة قد يؤدي إلى حرب أهلية أو إلى ضغط من قبل الجماعات المسلحة للحصول على مكاسب سياسية. وهذا ينذر بعرقلة العملية السياسية في العراق.ويرون أيضا أن التحولات السياسية في العراق أدت إلى
العراقيون يقاومون القلق بمسدس غلوك وصفقات البيع السرية تعم البلاد
نشر في: 14 يونيو, 2011: 07:49 م