TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > قراءة النصوص وفلسفة الدلالة

قراءة النصوص وفلسفة الدلالة

نشر في: 17 يونيو, 2011: 05:49 م

آية الله السيد عمار أبو رغيف - الجزء الثالث -والفخر الرازي في تفسيره الكبير لم يشذ عن القاعدة العامة في تفسير الأسماء، فقد أتى على الاختلاف الكبير في تفسير الأسماء،إذ أشار إلى قضية توقيفية اللغة أو اصطلاحيتها،عند الأشعري والجبائي والكعبي وعند أبي هاشم،ثم ذكر القول المشهور. إذن الاختلاف هو السمة البارزة في تفسير هذا النص بل اختلاف المتأولين،فهو نص قد أخضع للتأويل لم يكن النص (نصّاً)،ولا ظاهراً تتوفر له قرائن الترجيح في داخله أو عبر النصوص الشارحة،التي جاءت بها السنة الشريفة؛
وآية ذلك هي أن جميع النصوص المقدسة وغير المقدسة تتذبذب دلالاتها حينما تتحدث عن عالم الأسرار، وتسود النزعة الذاتية في فهم النص! فاللغة اليوم ظاهرة موضوعية قائمة بالفعل،ويمكن إخضاعها لفروض الباحثين،والتحقق من قيمة،ورغم ذلك تواجه عامة البحوث اللغوية أسراراً في هذه الظاهرة،تطلبت على طول العلم المدون مزيداً من الأسئلة،وفيضاً من البحوث والدراسات. فكيف إذن،ونحن نتحدث عن هذه الظاهرة وهي تظهر من العدم إلى الوجود،وتفصلنا عنها حقب متمادية! وهنا أنقل نصاً طويلاً لابن جني لنعايش تجربة باحث مع سر اللغة ورموز نشأتها: "واعلم في ما بعد أنني على تقادم الوقت دائم التنقير والبحث عن هذا الموضع فأجد الدواعي والخوالِج قويّة التجاذب لي مختلفة جِهاتِ التغوّل على فكري.وذلك أنني إذا تأمّلت حال هذه اللغة الشريفة الكريمة اللطيفة وجدت فيها من الحكمة والدقّة والإرهاف والرقّة ما يملك علي جانب الفكر حتى يكاد يطمح به أمام غَلْوِة السحر، فمن ذلك ما نبّه عليه أصحابنا رحمهم الله،ومنه ما حذوته على أمثلتهم فعرفت بتتابعه وانقياده وبعد مراميه وآماده صحّة ما وفَّقوا لتقديمه منه ولطفَ ما أُسعدوا به وفُرق لهم عنه وانضاف إلى ذلك وارد الأخبار المأثورة بأنها من عند اللّه جل وعزّ،فقوّي في نفسي اعتقاد كونها توفيقاً من الله سبحانه وأنها وحي. ثم أقول في ضدّ هذا كما وقع لأصحابنا ولنا وتنبهوا وتنبهنا على تأمل هذه الحكمة الرائعة الباهرة كذلك لا ننكر أن يكون الله تعالى قد خلق من قَبلنا وإن بعد مداه عنا مَن كان ألطف منا أذهانا وأسرع خواطر وأجرأ جَنَاناً، فأقف بين تين الخَلّتين حسيراً وأكاثرهما فأنكفئ مكثوراً وإن خطر خاطر في ما بعد يعلّق الكف بإحدى الجهتين ويكفها عن صاحبتها قلنا به وبالله التوفيق.النص التوراتي: يتمسك بعض أتباع الديانتين اليهودية والمسيحية بالنص الوارد في العهد القديم حيث جاء فيه:وجبل الرب الإله من الأرض كل الحيوانات البرية وكل طيور السماء فأحضرها إلى آدم ليرى ماذا يدعوها وكل ما دعا به آدم ذات نفس حية فهو اسمها.(20) فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع الحيوانات البرية).ذهب الشرّاح الكنسيون إلى أن اللغة هبة من الله،وأن لغة الإنسان القديم كانت واحدة تنتظم فيها اُمم شتى حتى سقوط برج بابل، وتفرق أبناء نوح عن بعضهم في البلاد. وهناك رأي يفسر انقسام العصور الوسطى بشأن نشأة اللغة إلى توقيفيين (الكنسيون) واصطلاحيين (المدرسيون) الذين ذهبوا إلى أن اللغة مواضعات اجتماعية، فيرجع هذه الثنائية إلى تأثير الإغريق وثنائية أفلاطون – أرسطو. فالكنسيون اخذوا بمذهب أفلاطون،أما المدرسيون فاقتفوا آثار أرسطو.وأياً كان الرأي بشأن هذا التفسير، لكن تأثير أفلاطون على خيارات الكنسيين فرض غير مستبعد، لوضوح أن النص التوراتي المتقدم وغيره من نصوص العهدين يمكن تأويلهما،بما يتناسب مع فرضية المواضعة والاصطلاح،إذ لا ينكر أي مؤمن بقصّة الخليقة وفق المضمون الديني الذي جاءت به الكتب المقدسة،أن قضية آدم  وتواصله مع نداءات (الله) ومع زوجه وذريته قضية يجب تفسيرها خارج مسألة المواضعة اللغوية، لوضوح فقدان الحياة الاجتماعية والهيئة التي تتحمل مسؤولية الاتفاق والاصطلاح. إنما البحث ينصب على نشوء اللغة في حياة الجماعات الإنسانية المتنوعة،ونص التوراة دون عناية كثيرة في التأويل لا يتناول هذا الفرض إنما يتحدث عن قصة الخليقة الأولى،وهي أمر يمكن الإيمان به ،دون تعارض مع مذهب الاصطلاح والمواضعة !على أن فرضيات الإلهام والوحي في مذهب التوقيف لا تصلح بوجه لتفسير نشأة اللغة نظاما ومفردات كما تقدمت الإشارة إلى ذلك. والفرضية الوحيدة في إطار مذهب التوقيف،التي تصلح أن توضع أمام الدرس الجاد هي تلك التي أشار إليها النائيني وبعض آخر من أسلافه المحققين في اللغة وأصول الفقه،والتي دافع عنها نعوم تشومسكي،والتي تجدها أيضا عند "ماكس مولر" وسنحاول الوقوف عندها بشكل أكثر عمقاً وتفصيلاً،خلال درسنا بحوث "الوضع"،"والدلالة" القادمة.(4)الوضع – مفهومه، أقسامهمفهوم الوضع:نبدأ من كلمات الجیل الأخير من أعلام مدرسة النجف الأصولية، حیث تنوعت تعریفاتهم  للوضع، واختلفت اجتهادات المحققین في تفسیر عملية «الوضع». ویمكن ان نضع الاتجاهات الرئیسیة لهذا التنوع الاجتهادي في أربعة اتجاهات:الاتجاه الأول: وهو ما تبناه الآخوند الخراساني وعُرف باتجاه الجعل والاعتبار، وان الوضع عبارة عن جعل وتخصیص اللفظ إزاء المعنی.الاتجاه الثاني: مذهب «التعهد»، وهو ما ذهب إليه الشیخ النهاوندي والسید الخوئي.الاتجاه الثالث: ما ذهبت إليه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram