TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عمري 55 سنة

عمري 55 سنة

نشر في: 22 ديسمبر, 2012: 08:00 م

يتساءل الشباب في ما بينهم عن ضياع الوقت ...ويبحث آخرون في "بسطيات" المتنبي عن كتاب لتنظيم وقتهم. هم متأكدون أن أوقاتهم تضيع دون جدوى لكن المشكلة أن الحلول الموجودة في الكتب وعلى صفحات الانترنت تفقد محتواها حين التطبيق.
الجواب الروتيني لسؤال: كيف انظم وقتي هو "عد جدولا لأوقات القراءة والدراسة بالنسبة للطلاب ولمشاهدة التلفزيون والخروج"، لكن هذه الإجابة لم تعد صالحة للعراقيين حيث نعيش في عالم فوضوي بدرجة الامتياز.
في العراق عوامل كثيرة تتحكم بوقتك. أنا شخصيا أضيع كل يوم قرابة الساعتين من وقتي في الازدحام بمعنى 60 ساعة في الشهر و720 ساعة في السنة، بما يعادل 30 يوماً اخسره كل سنة بالازدحام ويمكن لكل شخص حسب منطقة سكنه وعمله أن يجري حسابا بسيطا ويكتشف كم ضاع من عمره.
الأمر يبدو خطراً ومزعجا لو أدخلنا الرقم الأخير في حساب العمر، فمتوسط عمر الإنسان العراقي 60 عاما كما تقول وزارة البيئة في تصريح لوكيلها كمال حسين مؤخرا، حيث أكد أن "متوسط عمر الإنسان في العراق وصل إلى 60 عاما وفق دراسات وبحوث أجرتها الوزارة منذ عام 2006، وهو بانخفاض مستمر نتيجة لعدم الالتزام بالمحددات البيئية التي تسهم بتنظيف الهواء والماء والتربة". وأضاف أن "متوسط عمر الإنسان في اليابان وصل إلى 80 عاما بسبب التزام هذه الدولة بالمحددات البيئية"، مشيرا الى أن "البعض من الأشخاص في اليابان وصلت أعمارهم الى اكثر من مائة عام".
المهم لو طرحت من عمري الستين شهرا من كل عام فسيكون قد خسرت خمس سنوات بسبب الازدحام ومعدل عمري أصبح 55 عاما بدل الستين. غير مهمة الأرقام ما دمنا قد خسرنا أعمارنا ونحن نكتشف كيف استطاع جهاز السونار"العجيب" اقتفاء اثر حشوات الاسنان في فم الإنسان، وكيف عثر على قناني العطور وعبوات الزاهي، وكيف يوازن عنصر الأمن في السيطرات الأمنية بين حياته الخاصة واستخدام الموبايل وتفتيش السيارات.
يسخر بعض الأصدقاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" من الرقم الذي اطرحه ويعتبرونه خجولا مقارنة بالأوقات الضائعة بسبب انقطاع الكهرباء والبحث عن بانزين المولدة والشجار المستمر مع صاحب مولدة المنطقة ومد أسلاك وتغيير "جوزات" الكهرباء .
خسر الشباب العراقي وقتا طويلا بالهروب من الموت مهجرا بين الداخل والخارج، وأضاع أوقاتا اكبر في متابعة أخبار السياسيين والنواب والمهاترات العقيمة والجدلات الميتة. ونخسر كل يوم ساعات طويلة أمام دوائر الجنسية وبطاقة السكن وأمام مصارف الحكومة.
أوقاتنا مرهونة بيد الحكومة، فإذا لم تعالج الحكومة فوضى إدارتها للدولة وتفك الازدحامات وتوفر الكهرباء وتحترم حقوق الإنسان لن نحرص على وقتنا أبداً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram