اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > إيقونات لزمن الصمت..قراءة فـي أعمال عادل كامل الأخيرة

إيقونات لزمن الصمت..قراءة فـي أعمال عادل كامل الأخيرة

نشر في: 17 يونيو, 2011: 07:44 م

علي النجار   بوفالو - نيويورك لم يجد الفنان عادل كامل سوى لغة الصمت مجالا لاشتغالات أعماله الأخيرة(وأنا هنا أحاول تجاوز صفته ناقدا فنيا إلى كونه فناناً تشكيلياً أولا)، ليس لان الصمت مشحون بإغراءات استنطاق مخبوءاته، بل لكونه الملجأ الأكثـر فاعلية للحفاظ على ما تبقى مما يمكن الحفاظ عليه لمواصلة العيش عبر سلوكيات محيطية غير سوية سلوكياتها.
 الصمت، نفي، ومنفى. هو أيضا مقاومة ناعمة. لكنها، وفي أحيان، تكون ابلغ من الصراخ. وبما أن الصراخ، وهو لغة هوجاء لم يعد يثمر في الزمن العراقي الذي أصمه الزعيق المرابي المتواصل. فانه وضمن اقتراحات عادل الفنية ربما يكون مجديا.  ما يغرينا في معاينة المومياء المصرية، هو ليس هيكلها الجنائزي، ولا حتى غرابة أو قسوة اهتراء ملامح أجسادها. هي لا تختلف بشكل كبير عما نشاهده أو ما شاهدناه من  أشكال الجثامين المنبوشة عبر مساحة الأرض العربية المعاصرة الواسعة. التي أباحها أبناؤها(النجباء ـ الضالون). بل في ما تخبئه من أسرار مصائر نعتقدها غرائبية، وان لم تكن كذلك غالبا. فالتاريخ، والعربي منه لم يعد غرائبيا بأية حال، ما دام يجتر ويعيد وقائعه التي هي اغرب من الخيال وللحد الذي تجاوز فيه وقائع أزمنتنا الراهنة. نحن ننظر إلى المومياء  بكونها صندوق أسرار يغرينا دوما لافتضاض حرمة مخبوءاته الإنسية، لا بصفة اناستها، بل لكونها معجزة زمنية من مخلفات عصور غابرة. لكن أن نتجاوز حتى على ما تبقى من أنقاض مخبوءاتها الصامتة ونفرغها من أحشائها المتيبسة، فهذا يعني أننا نحتفي بهيكل نعشها معادلاً لخواء محيط تشضت مفاصله. و عادل كامل يضعنا أمام محنة كهذه. ربما لا ندركها مباشرة في مشهدية إيقوناته (أختامه) الصلدة التي أنتجها مؤخرا. إن تجاوزنا الصيغة الموميائية الاضمارية لأنصاب عادل المتقشفة  يعني إنها، ربما تبدو لنا كشواهد قبور، أو بعض من قبورنا(المتقشفة). أو أشخاص(أنصاب ـ علامات ـ شواهد) مقبرية. ربما يتبادر للذهن، وكأعمال فنية.إن هذه الأعمال، في صيغتها المتقشفة، ربما تنتمي لما اصطلح عليه بـ (الفن الهامشي). لكن إن تمعنا في  صنعتها نجد أن الفنان حاول جهده لان يصنعها بما لديه من إمكانات الصنعة الفنية. على الضد من أعمال الفن الهامشي، التي تفتقد للتقنية الفنية بمستوياتها الأدائية المقعدة وللحد الذي يجعلها لا تختلف كثيرا عن الأعمال الفنية التقليدية المفاهيمية، إلا في مرجعية مصادرها البيئية. فهو لا يكتفي بصياغتها رسما ونحتا. بل بما استفادت من تجارب تلوين المنحوتات التي عرفت بها بعض تجارب النحت العراقية. لكن تبقى أنصابه هذه، بمثل ما استفادت من ذلك، فإنها نأت عن أن تكون منحوتات، أكثر من كونها علامات تعجب ضلت طريقها وسط متاهات الأمكنة.  ما بين الصمت والضجيج بون شاسع من مسافات الإيقاعات والسلوكيات واختلاف العوالم. وما يجمع كليهما في مسلك أو مسار واحد سوى الفن. ما اعنيه: هو تعادل كفتي الصمت والضجيج كأفعال تعبيرية قابلة لتبادل الأدوار. لقد اشتغل العديد من فناني الستينات الأوربيين على هذه المعادلة وأنتجوا أعمالهم التقليدية بهاجس اعتراضي رافض لكل ما لحق بالأعمال الفنية وعبر عصورها المختلفة من وهم التشخيص المثقل بتفاصيله وبحثوا عن جوهر الشكل حد انمحاء تفاصيله سعيا منهم للامساك بمادته الأولية، لا بتشكلاتها. وبالفكرة  التي تجردها من الكثير من تفاصيل مادتها الفيزيقية. وعند ملاحظتنا لأختام عادل كامل المتوحدة التي تختزل الكثير من التفاصيل لحد انمحاء الملامح واختزال الشكل(جسد الشكل) لحده الأقصى، مما يدل على انه اختار، وعبر كل هذه الإجراءات الاختزالية إلا أن يسعى لاختيار عزلته ويعمق فضاءها بإقصائه فوضى مؤثثاتها المعيقة لصفاء الذهن أو حتى توحده. لقد نصب ضريحه أو  إيقونات أضرحته، وأثثها بأنصاب عزلته وانتصب هو الآخر علامة ضالة وسط علاماتها المربكة الأخرى. لقد اختار الفنان لخلفية أعماله اللون الأبيض معادلا لصمته الحيادي كما حيادية هذا اللون. وأيضا، لكي لا يشوش على وحداته الايقونية صرامة أشكال وحداتها الهندسية. ولكي لا تضيع حدود آثارها وسط متاهات الألوان الفائضة. في نفس الوقت جمع ما بين الكفن ولحده. بين الهشاشة والصلابة المهددة باندثار آثارها. ولم ينس تضادات ملونتنا التراجيدية(البياض ـ السواد) لا كما النور والظلمة الكونية. بل كما هي  في حيادية انعدام اللون وانمحاء آثاره التراكمية. فهل كان يقصد، أو يتراءى له، وهو في غمرة تنفيذه هذه الأعمال، ان يتلصص على تواريخ بيارقنا التاريخية في دورة تحولاتها التراجيدية. وقد ملأت هذه البيارق حتى أضيق أزقتنا في زمننا الخرافي العراقي الجديد.  حينما يطرق سمعك اسم ـ دار السلام ـ يتبادر إلى ذهنك، مثلا، مدينة بغداد في عصرها الذهبي، أو رنين أسطورته. و كل ما تستدعيه هذه التسمية من جماليات الأمكنة وهنائها. لكن أن يدل ـ دار السلام ـ  على دار للموتى، وأي دار!. فان الأمر لا يخلو من تورية نحتت حروفها أفعال(زمنية ـ ظرفية). لكن، في الحقيقة،  ما أعنيه بدار السلام هو(وادي السلام).والدار جزء من الوادي. ووادي السلام هذا، هو مقبرة النجف  التي افترشت رقعة خرافية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تركيا.. إقرار قانون لجمع الكلاب الضالة

تقليص قائمة المرشحين لخوض الانتخابات مع كامالا هاريس

وزير التعليم يخول الجامعات بمعالجة الحالات الحرجة في الامتحان التنافسي للدراسات العليا

اليوم..مواجهة مصيرية لمنتخبي العراق والمغرب

تعرف على الأطعمة التي تحفز نشوء الحصى في الكلى

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram