عامر القيسي في ذروة احتدام التجاذبات السياسية والصراعات على المراكز والمسؤوليات والامتيازات، ينبري للجمهور احد أقطاب الصراع أو من ينوب عنه ليزف لهم بشرى حصوله على وثائق مهمة عن الفساد وسرقات المال العام وتبديده تؤدي إلى الإطاحة بالعروش والكراسي وبناء تجربة جديدة نظيفة عفيفة!!
التلويح بالوثائق التي لم نرها حتى الآن، يستخدم في العادة للحصول على تنازلات من الطرف المقابل وليس لكشف الحقائق، وهذه قناعة تولدت لدى المواطن بسبب تكرار مشهد التهديدات واختفائه بعد جلسة تسويات لا يعرف عنها شيئا!! بسرعة غير مسبوقة تجري لململة احتمالات الفضيحة أو الفضائح لصالح التسويات التي تقوم بهندستها قوى "المساعي الحميدة" ليس رغبة في الحلحلة وإنما خوفا من أن تصيبها شرارات الفضائح.المصيبة هي أن هذا اللون من اللعب في السياسة وعلى السياسية، لا أحد ينتبه فيه إلى أن "المُهدّد"، بضم الميم وكسر الدال، يقع تحت طائلة القانون الذي يحاسب كل من أخفى أو تستر على جريمة. والمهددون لدينا كثار ومعظمهم في هرم الطبقة السياسية، فقد شهدنا في أكثر من جلسات برلمانية، الدورة السابقة تحديدا، تهديدات متقابلة بالإرهاب والفساد والمساعدة على تهريب مجرمين محترفين بل اتهامات بجرائم قتل وإيواء إرهابيين وحماية مجموعات مسلحة، وكانت الزوبعة تنتهي دائما داخل الفنجان ولا تتجاوزه!! لن نناقش الاتهامات ونوعيتها، لكننا نود أن نناقش السياسي المسؤول ونسأله بكل شفافية:لماذا التستر على جرائم الفساد والتهديد بكشفها، في الوقت الذي يحتم عليك القانون والمسؤولية والضمير والأخلاق أن تبادر إلى تسليم ما لديك من وثائق إدانة إلى السلطات القضائية لتأخذ الإجراءات القانونية مجراها وتتم محاسبة المتهم؟سؤالنا غير موجه إلى مسؤول دون آخر ولا منتم إلى حزب أو فئة غير أخرى. نحن نتحدث عن جزء من إفرازات المشهد السياسي لدينا الذي يكشف للعلن أن لدينا مسؤولين من الصف الأول ينبغي أن يقدموا للقضاء ويحاسبوا كأي مواطن آخر بسبب تسترهم على جرائم مرتكبة بحق الشعب، وهي جرائم فساد مالي وتستر على مجرمين وصفقات مشبوهة من مختلف النوعيات لا يستطيع أن يصل إليها المواطن، بسهولة ولا بصعوبة، لأنها تحدث في أجواء المافيا السياسية التي دمرت البلاد على مذبح شهوات المال والسلطة!!إني اقترح أن تشكل لجنة من داخل البرلمان مهمتها تعقب المسؤولين، نوابا وغيرهم، الذين يتسترون على الجرائم بأنواعها ويحتفظون بوثائقها لأغراض المساومات السياسية وتحسين المواقع في كافتريا الحكومة، وان تمنح صلاحيات واضحة، ويتم اختيار أعضائها من المشهود لهم بالنزاهة والجرأة والشجاعة، لكي تكشف للجمهور المتسترين على الجرائم التي تضر بمصالحه.من غير المعقول أن يتهم السيد المالكي تحت قبة البرلمان، وهو بمنصب رئيس الوزراء، احد النواب في الدورة السابقة بإخفائه أو تستره على مجموعات مسلحة، وتمر الحادثة مرور الكرام! ومن غير المعقول أيضا أن يعلن رئيس الوزراء الأسبق السيد علاوي، أن لديه وثائق خطيرة لو أبرزها لأطاحت بالحكومة الحالية، والمقصود تحديدا المالكي، وستمر مرور الكرام أيضا!!وفي كلتا الحالتين هناك جرائم مخفية يعرفها أقطاب العمل السياسي في البلاد ويجري التستر أو السكوت عليها وعدم تقديم أدلة الإجرام للقضاء ليأخذ مجراه. من يحاسب هؤلاء؟
كتابة على الحيطان: وثائق تسقيط ولكن..
نشر في: 17 يونيو, 2011: 07:55 م