عن: أفكار عن العراقامتلأت عناوين الصحف مؤخرا بأخبار المليارات المفقودة من أموال إعادة إعمار العراق والبالغة 6،6 مليار دولار.وقد ركزت التقارير في الغالب على الأموال التي ذهبت إلى جيوب المسؤولين الفاسدين.
وبالرغم من إن هذا ربما حصل فعلا لقسم من هذه الأموال، لكن قد تكون أغلبية الأموال قد اختفت بسبب سوء مسك السجلات الذي تميزت به السنوات الأولى من سقوط النظام السابق. في التقرير ربع السنوي، نيسان 2011 المقدم إلى الكونغرس الاميركي، ذكر المفتش العام لإعادة إعمار العراق بان هذه المليارات قد فقدت من صندوق تطوير العراق.وفي منتصف حزيران بدأ المفتش العام ستيوارت بوين يتحدث للإعلام عن هذه القضية. وفي أيار 2003 أنشأت الأمم المتحدة صندوق تطوير العراق بموجب قرارها 1483.قام الصندوق بجمع عائدات العراق النفطية التي كان يحتفظ بها بنك نيويورك للاحتياطي الفيدرالي بموجب برنامج النفط مقابل الغذاء لعام 1995. وجرى وضع هذه الأموال تحت تصرف سلطة الائتلاف المؤقتة لاستخدامه في دفع رواتب الموظفين الحكوميين في العراق وللإنفاق على مشاريع الإعمار.في عهد سلطة الائتلاف المؤقتة، بدأت الولايات المتحدة ترسل بواسطة طائرات سي – 130 أكياسا يحوي كل منها على 100 مليار دولار من بنك نيويورك إلى بغداد.من أيار 2003 إلى أيار 2004 قامت الطائرات بإحدى وعشرين رحلة حملت خلالها 12 مليار دولار نقدا إلى العراق.كانت الأموال تسلم بين فترة وأخرى إلى الوزارات العراقية، ثم جرى استخدامها لخطط التطوير. لم يكن لإدارة بوش موظفون في العراق لغرض تداول ما أصبح اكبر مشروع إعمار في تاريخ أميركا، ولذلك اضطرت للتعامل مع الموضوع على أساس الأمر الواقع من دون إشراف دقيق. عندما أنهت سلطة الائتلاف المؤقتة انتدابها في منتصف 2004 انتبهت للمرة الأولى إلى الأموال المفقودة. في 28 حزيران، وحالما انتهى عمل السلطة في العراق، أصدرت وثيقة تقول إن المتبقي من أموال صندوق تطوير العراق هو 6،6 مليار دولار – 4 منها واجبة الدفع عن بعض الالتزامات المهمة، والباقي نقدا 2،6 مليار دولار تحت اليد. لذا تقرر نقلها إلى البنتاغون.في11 تموز أرسل احد مشرفي وزارة الدفاع الاميركية في بغداد رسالة تفيد بان مبلغ 6،6 مليار دولار لازال في السجلات. مع هذا، لا يوجد سجل بالأموال المنقولة إلى البنتاغون.مشرف البنتاغون المسؤول عن صندوق إعمار العراق قال في تموز 2004 انه لم يتسلم أبدا المليارات الستة. ومنذ ذلك الحين تدّعي وزارة الدفاع أنها ستعثر على المبلغ إذا ما توفر لها الوقت الكافي، إلا أنها فشلت في ذلك. وقد أجرت صحيفة لوس أنجلس تايمز مقابلة مع ستيوارت بوين، وذكرت الصحيفة أن المدققين يعتقدون أن بعض هذه الأموال يمكن أن تكون قد سرقت وان المسؤولين العراقيين هم أول المتهمين مما خلق قصصا بأن الأموال قد ضاعت بسبب الفساد.ربما يكون المتعاقدون الجشعون أو المسؤولون الاميركان أو العراقيون قد اخذوا بعض هذه الأموال، إلا أن معظم المبلغ المفقود ربما يكون قد اختفى بسبب مسك السجلات بشكل غير سليم وهو ما كان سائدا في البنتاغون وسلطة الائتلاف المؤقت في ذلك الحين.وبينما كان المفتش العام يبدي ملاحظاته عن السنوات الماضية فان الولايات المتحدة لم تكن مستعدة لإدارة إعادة بناء العراق. ولم يكن هناك تنسيق وتخطيط جيدان في البيت الأبيض في عهد بوش قبل إسقاط النظام العراقي ولم تنته المشاكل بعد إنشاء سلطة الائتلاف المؤقت عقب سقوط صدام. أنفقت الإدارة الاميركية الجديدة مقدارا كبيرا من المال نقدا في فترة قصيرة من اجل التعامل مع سلسلة الأزمات المتتالية بالقليل من السجلات والإشراف. فليس من المفاجئ إذن أن مثل هذا المبلغ الضخم قد تم إنفاقه في العراق لجعل الحكومة تستمر في عملها، لكن لا احد يعرف المكان الذي ذهبت إليه هذه الأموال بسبب قلة الأعمال الورقية في ذلك الوقت.وبعد سقوط النظام السابق في آذار 2003، أغرقت إدارة جورج بوش العراق بفيض من الأموال من اجل إعادة الإعمار وانجاز مختلف المشاريع في السنة الأولى للسقوط.وقرر البنتاغون أن طائرة الشحن (هرقل سي – 130) يمكنها أن تحمل 2،4 مليار دولار، فقام بإرسال دفعة أولية من النقد تبعتها عشرون دفعة أخرى إلى العراق في أيار 2004 تحمل 12 مليار دولار وهي اكبر حمولة نقد دولية على مر الزمن.أخيرا، وفي هذا الشهر أغلق البنتاغون والحكومة العراقية سجلات البرنامج الذي اشرف على إدارة هذه الأموال. لكن بالرغم من سنوات التدقيق والتحقيقات لا زال مسؤولو وزارة الدفاع الاميركية يجهلون ما حصل لمبلغ 6،6 مليار دولار نقدا.وللمرة الأولى، يقترح المدققون الفيدراليون بان بعض أو كل المبلغ ربما تعرض للسرقة ولم يكن الفقدان مجرد خطأ في الحسابات.قال ستيوارت بوين، المفتش العام لإعادة إعمار العراق، إن المليارات المفقودة ربما تكون "اكبر سرقة مالية في التاريخ الوطني الاميركي".هذا الغموض سبب حرجا للبنتاغون وتخرشا في العلاقات بين بغداد وواشنطن، إذ أن المسؤولين العراقيين يهددون برفع القضية إلى المحاكم لغرض استرداد
فاسدون أميركيون وعراقيون يتقاسمون 6 مليارات دولار
نشر في: 18 يونيو, 2011: 08:36 م