TOP

جريدة المدى > سينما > فيلم: الشقي الأمريكي.. هذه هي أمريكا

فيلم: الشقي الأمريكي.. هذه هي أمريكا

نشر في: 22 يونيو, 2011: 04:49 م

قراءة/ أسعد الهلالي ما لا نراه على سطح الحياة الأمريكية هو ما قرأناه كمعنى عام في فيلم الشقي الأمريكي (American Gangster) الذي تدور أحداثه في عام 1970 وهو مأخوذ عن قصة حقيقية  نستطيع أن نلخصها بالجمل القليلة الاتية: ريچي (راسل كرو) محقق للبوليس يعمل على إسقاط إمبراطورية المخدرات،التي يقف على قمتها تاجر المخدرات فرانك لوكاس.. إنه هادئ عميق، يقتل بدم بارد.. يحرق رجلا ثم يقتله لصالح رئيسه بومبي جونسون (كلارنس ويليامز)
 الذي قال مرة:هذه هي أمريكا.. تتضخم بسرعة بحيث لا تستطيع شق طريقك فيها،إنه رجل عصابات مشهور لذا اجتمع في جنازته أبرز رجال المجتمع الأمريكي، (زعيم مافيا دون كيتانو، حاكم الولاية، عمدة نيويورك، رئيس الشرطة،نجوم الفن والرياضة) وهذه واحدة من المفارقات على الأرض الأمريكية، التفاهم الضمني غير المعلن بين رجال الدولة والخارجين على القانون.. ثنائية غريبة.. فبومبي رجل عصابات مشهور،لكنه يحظى بعناية رجال الدولة والمجتمع في الوقت نفسه.. ما هي حقيقة القانون والعدالة في وضع مختلط كهذا؟ بومبي حمل صفتين عمل على تكريسهما طوال حياته.. فهو نصير الفقراء في حي هارلم.. كما انه مجرم بلا رحمة بالنسبة للآخرين.. وسنرى لاحقا بأن فرانك لوكاس أخذ هذه الصفات عن معلمه بومبي.ما أن انتهى الفيلم من التمهيد الذي عرّفَنا ببعض المعلومات المهمة عن الشخصية الرئيسة فرانك لوكاس حتى زجنا في قصة ثانوية وضعت لنعرف منها الشخصية الرئيسة المقابلة.. ريچي روبرتس، ضابط شرطة عادي يُظهر الفيلم كونه رجلاً شريفاً.. إنه يضع في عنقه سلسلة ذهبية تتدلى منها نجمة داود، أراد الفيلم أن يعطينا شخصية إيجابية شريفة يهودية.. وربما كان هذا هو الهدف الأساس من الفيلم.. إذ لا داعي لإطلاق صفة اليهودي على الشخصية إن لم تكن هناك رغبة حقيقية للدمج بين الصفتين، بحيث يكون الشرف مرتبطاً باليهود.. عرض الفيلم في عام 2007 في الفترة التي كان فيها اليهود بحاجة إلى الكثير من تلميع الصورة بعد أن ثَبُتَ سلبُهم حقوق الفلسطينيين وتجريفِهِم قراهم ومزارعهِم كي يبنوا فوقها مستوطنات يهودية.. وأثبتوا للعالم بأنهم فاقدون لأدنى مراتب الشرف.. فالأمر لا يعدو أن يكون بالنتيجة تعمية سياسية،ومنطلق الفيلم أساسا مرتبط بالسياسة ففي بداية السبعينيات واصلت الحرب في فيتنام حصدها أرواح الجنود الأمريكان، وتفشت روح الإحباط من عدم حقيقية القوة الأمريكية العظمى، وفي نفس الفترة ارتفع فساد الشرطة في نيويورك إلى حد كبير،وهكذا وجدت تجارة المخدرات بيئة مناسبة للانتشار.. فظهر فرانك لوكاس محاولا إنشاء عصابته الخاصة.. قال معلمه بومبي مرة: صار الوسطاء يشترون مباشرة من المورّد مما أصاب أمريكا بالبطالة.. وهذه الثيمة هي التي غيرت حياة فرانك وسلسلة أفعاله، فقد شاهد تقريراً على شاشة التلفزيون يتحدث عن إدمان ثلث الجيش الأمريكي في فيتنام بسبب المخدرات الجيدة الرخيصة التي يحصلون عليها.. لذا سافر إلى هناك ليلتقي أكبر مروجي المخدرات ويحصل منه على كميات كبيرة يغرق بها السوق ولإيصال المخدرات من فيتنام إلى أمريكا يعتمد فرانك على الجنود والطيارين الأمريكان الذين ينقلون له بضاعته مقابل المال.. اختزل المخرج تفاصيل سفر فرانك بعشرين لقطة عرضت خلال سبعين ثانية فقط.. مونتاج سريع بأزمان قصيرة ولقطات متغيرة الأحجام أعطت لهذه الثواني حيوية مثيرة.أشار الفيلم إلى ظاهرة غاية في الغرابة.. المحقق تروبو(جوش برولين) فاسد يعيش على ما يسلبه من رجال العصابات وما يحصل عليه من إتاوات.. وهذا عادي في سياق الحياة الأمريكية كما عرضها لنا الفيلم وأفلام أخرى مثل سيربيكو وأمير المدينة.. لكن الغريب هو أن تروبو وبعض رجاله شكلوا في الواقع عصابة مخدرات، إذ كانوا يستولون على مخدرات المروجين والباعة.. ثم يقومون بتقليل جودتها كثيرا ليعيدوا بيعها إلى المستهلكين.يعمل الفيلم على السير بخطين متوازيين أحدهما يقوده فرانك لوكاس والآخر يبدو فيه ريچي الذي يخوض أفعالا ثانوية تجعله حاضرا أمام المشاهد ومؤكداً ملامح شخصيته التي سيتهيأ لمواجهة فرانك لوكاس.. إنه حازم وملتزم بالقانون.. يتم تكليفه برئاسة فرقة أنشئت حديثا لوقف تهريب المخدرات في مقاطعة نيو جرسي.الآلة الأمريكية لا تقاوم فكرة سهولة الحصول على الثراء بسرعة عبر أية وسيلة متاحة،لكي تصبح مليونيراً تستطيع أن تصبح نجما في الفن أو الرياضة، أن تنجح في إطلاق صرعة، أن تربح في نوادي القمار، أن تشارك في غزو بلد كالعراق، أما أن تكون تاجر مخدرات فستحقق ما حققه فرانك لوكاس.. فخلال فترة بسيطة جداً، اشترى قصرا فخما وبعض الشقق الفاخرة ونوادي ليلية وتجاوزت ثروته ربع المليار من الدولارات.المرأة من الأقانيم الرئيسية في الفيلم الأمريكي لذا لابد من أن تكون موجودة في حياة بطله حتى إن كانت غير مؤثرة على مسار الأحداث، كـ (إيفا خيندو) التي صارت فيما بعد زوجة فرانك الذي يعمد إلى دعم فكرة الأسرة الكبيرة وفتح أبواب قصره لجميع أفراد أسرته، وهذا يشكل فارقا بين شخصيته وشخصية المحقق ريچي الذي فشل في الحفاظ على أسرته بعد أن طلقته زوجته.كاتب السيناريو ستيفين زيليان هو نفسه كاتب الفيلم الرائع قائمة شندلر.. وقد استطاع أن يتحكم في قصتين تسيران بشكل متواز لدرجة أننا لا نلاحظ أن الخصمين (فرانك) و(ريچي) كانا يظهران بمشاهد متساوية في التوقيت والقوة.. لكنهما لم يلتقيا بشكل مباشر

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وفاة المخرج السينمائي العراقي محمد شكري جميل

الداخلية: طرد أكثر من 4 آلاف منتسب وإحالة 15 ألف قضية إلى المحاكم

ائتلاف المالكي يحذر من عودة المفخخات والتهديدات الارهابية الى العراق

طقس صحو والحرارة تنخفض بعموم العراق

الفصائل تهدد "عين الأسد" بسبب احتمالات بقاء الأمريكيين فترة أطول في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

السينما كفن كافكاوي

مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن مواعيد دورته الثامنة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram