الديوانية/ المدى برس
لم تعرف المواطنة رجاء كاظم (30 عاماً)، أن هناك قوانين تحميها، من ضرب زوجها لها في كل يوم، بسبب أو من غيره، حتى وصل الأمر بالزوج ذات يوم إلى محاولة قتلها، فلجأت عند ذاك إلى جارتها، التي أجبرتها على الذهاب إلى مركز الشرطة لإقامة دعوى على الزوج .
وتقول رجاء في حديث إلى (المدى برس) إن "والديّ متوفيان وليس لي من أحد، ينصرني أو يدافع عني، ولدي خمسة أطفال ثلاثة أولاد وبنتان، يعيشون برعب في كل يوم من حياتهم التي مرت تحت وصاية أب لا يعرف عن الإنسانية شيء"، مشيرةً إلى أن الزوج "كان يشتم ويضربني بشكل يومي، حتى تعودت الأمر، لكنه تمادى في المرة الأخيرة، بعد أن رماني من بعيد، بقنينة مملؤة بالنفط، وأراد أن يشعل قداحته، فركضت إلى جارتي، التي خرج أبناؤها ومنعوه من دخول دارهم خلفي".
وتضيف كاظم، أن "سماعي لصراخ أطفالي وبكائهم، كان يسحبني دون وعي للعودة إلى الجحيم الذي أعيش فيه، لكن جارتي منعتني بسبب وجود زوجي في المنزل، وأخذتني بسيارة ولدها إلى مركز الشرطة لإقامة دعوى قضائية عليه"، مبينةً أن "أول مرة ضربني فيها كانت في عام زواجي الأول، وبسبب عدم وجود أحد يدافع عني تعود على الأمر"، وتشير إلى أن "تلك المحاولة لم تكن الأولى بل سبقتها عدة محاولات، منها رميي بسكين المطبخ، وأخرى أراد صعقي بالكهرباء، لكن لطف الله كان حاضرا ساعتها، حين انقطع السلك بيده من مصدره، وركضت مسرعة إلى الشارع فتدخل الجيران وخلصوني".
وتتابع كاظم، "كم تمنيت الموت في كل مرة، وكم مرة فكرت بالانتحار، لكن أطفالي السبب في إلغاء تلك الأفكار، وتحملي مر العيش"، لافتةً إلى أن "القاضي أخذ منه تعهدا بعدم التعرض لي أو ضربي ثانية، وخلصني مما كنت أعاني، ولم يضربني ثانية منذ ذلك الحين ولم أعرف أن هناك قانونا يحميني قبل هذه الحادثة".
من جانبها تقول رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس محافظة الديوانية وداد الحسناوي، حديث إلى (المدى برس)، إن "أكثر من نصف عدد النساء في المحافظة يعاني الانعزال والتهميش"، داعية مجلس المحافظة إلى "إصدار تشريع يضمن حماية النساء في الدوائر الحكومية والمنازل على حد سواء".
وتضيف الحسناوي، أن "عدة برامج نوقشت فيها ،مشاكل المرأة في ضل الدستور والقوانين والأعراف والتقاليد التي تحول دون مشاركة المرأة وتصادر حقوقها في العيش بكرامة"، مشيرة إلى "تسجيل العديد من حالات العنف الأسري في لجنة حقوق الإنسان، منها الضرب وزنا المحارم، ضمنت في دراسات رفعت إلى مجلس النواب لوضعها في استراتيجية وطنية، نتج عنها فتح مركز لحماية الأسرة والطفل في جميع المحافظات العراقية".
فيما يقول محافظ الديوانية سالم حسين علوان في حديث إلى (المدى برس)، إن "قانون الحماية من العنف الأسري، يعد من أهم القوانين، في رفع الممارسات الخاطئة التي ورثها المجتمع نتيجة الأعراف والتقاليد التي تبتعد حتى عن الدين"، مؤكداً أن "الديوانية سجلت من خلال الحراك المجتمعي نشاطا ملحوظا، أسهم في تقدم دور المرأة".
وكانت مديرية شرطة الديوانية قد استحدثت قسماً جديداً فيها مطلع العام الحالي، يعنى بحماية الأسرة، سجل منذ استحداثه حتى الآن نحو (500) قضية عنف أسري في عموم الديوانية.
ويقول مسؤول قسم حماية الأسرة في مديرية شرطة الديوانية العقيد عبد الكريم جبار، إن "القسم يضم كوادر مختصة من الأطباء النفسانيين والباحثين الاجتماعيين من الجنسين، بحسب القياسات الوزارية، لكن للأسف ليس لدينا سوى ضابطة واحدة تعمل كمحققة وباحثة".
ويضيف جبار، أن "القسم سجل خلال العام الحالي، أكثر من 500 دعوى قضائية في مجال العنف الأسري، حسم منها 488 دعوى"، مبيناً أن "حسم القضايا ما هو ألا تطبيقا لأحكام المادة 29 من الدستور العراقي حيث يضمن هذا القانون الحماية القانونية للمرأة والأسرة من كل أنواع العنف الأسري".
وكانت وزارة الداخلية قد شكلت وحدة خاصة للتعامل مع مشاكل الأسرة والمرأة، سميت بالشرطة المجتمعية، وفتحت أقساماً خاصة في مديرياتها لاستقبال نساء تعرضن إلى العنف الأسري. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد أطلق في العام (2008)، حملة أسماها “اتحدوا” تهدف لإنهاء العنف ضد المرأة في العالم، دعا فيها الحكومات ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام إلى توحيد الجهود في التصدي لهذه الظاهرة.
وبينما يسمح القانون العراقي بإجبار الزوج على توقيع "تعهد" بعدم ضرب زوجته فأنه من جهة اخرى لايعاقبه على قيامه بذلك وهو مايعترض عليه ناشطون في مجال حقوق الانسان والمرأة.
يذكر أن محافظة الديوانية (18 كم جنوب بغداد)، سجلت بحسب إحصائيات قسم حماية الأسرة في شرطة الديوانية، نسباً متقدمة في عدد النساء اللاتي يتمتعن بحق التصويت في الانتخابات، إذ يقترب من (98%)، في حين لم تتجاوز النسبة في العاصمة بغداد (79%)، وتظهر نسبة (64.5%)، للنساء المشاركات في الانتخابات الماضية (2010)، أما النساء اللاتي يعملن باجر نقدي فتمثل نسبتهن (13%)، في حين بلغت نسبة النساء العاملات بأجر نقدي في العاصمة بغداد(11%) فقط .