كتب/علي النعيمي منذ فترة طويلة لم تشعر جماهير الكرة العراقية بإحساسي التشاؤم والقلق تجاه أية مشاركة دولية خارجية لمنتخباتنا الوطنية مثل ما شعر به عشاق الكرة قبيل لقاء العراق الأول مع إيران الاولمبي،بل أن تلك الهواجس الغريبة لم تضرب أمواجها شواطئ ثقتنا العالية حتى في زمن الحصار اللعين،
ولم تزعزع قناعاتنا بأي مدرب محلي إطلاقا تصدى للمسؤولية إنما كنا نتوجس من سوء الإعداد وقلة الاحتكاك وضعف المعسكرات وابتعادنا عن الآخر وتلك العزلة النفسية المقيتة التي جثمت على صدورنا، مضافاً لها هموم المعيشة الخانقة للاعبين التي كانت تؤرق مصيرهم المجهول، بل على العكس كنا نعول كثيراً على همة المدرب المحلي في تجاوز الصعاب وهو يكابر العمل لأنه جاء من رحم الأزمات وساهم كثيراً في رفع الحاجز النفسي للاعبين لحظة الحدث الدولي.إن تلك المخاوف التي رمت بظلالها على الشارع الرياضي ولعل أبرزها هو تولي المدرب ناظم شاكر مهمة تدريب الاولمبي الذي لم يكن صاحب انجازات محلية مميزة وليست لديه بطولات دولية أخرى تذكر بحيث تجعلاه لأن يكون مميزاً ومتفوقاً بنقاطه عن بقية زملائه، كما أنه جاء حانقاً متخاصماً مع سيدكا بعد خلافهما الشهير في بطولة آسيا وأيضا انه من قلائل المدربين تعاطياً مع المنهجية في علم التدريبية والانخراط في الدورات التدريبية.لذا فأن المتابع لمعظم تصريحاته ولقاءاته المتلفزة يدرك من الوهلة الأولى بأنه يركز فقط على الجانب اللياقي ويدعم أفكاره التدريبية بصرامة القيادة وقوة تأثيره على اللاعبين داخل الملعب وان اغلب الذين شاهدوه عن كثب أكدوا لنا أنه أقتبس الكثير من طرق عمو بابا في التدريب مع اختلاف العقلية والمواهب وطرق اللعب المتبعة آنذاك،لكن علامات الحيرة ارتسمت على شفاه العراقيين قبيل اللقاءين مع إيران وزادت حدتها ما بعد الخسارة الأولى لمنتخبنا الاولمبي في اربيل ونحن على ثقة مطلقة لو كان العراق يمتلك ما تمتلكه أوروبا من وسائل تكنولوجية لتمكننا من إجراء استبيان وقتي قبل المباراة بخصوص: إن كانت الجماهير متخوفة من اللاعبين أم الملاك التدريبي الحالي؟ لجاءتنا إجاباتهم بأن الشك يساورهم من كفاءة الجهاز التدريبي فقط.ولله الحمد فقد دحض شاكر تلك الأقاويل وبدأ شيئاً فشيئاً يثبت هويته التدريبية الدولية بعد ملحمة (آزادي )التي صال وجال فيها اسود الرافدين وتفوق لاعبونا على أنفسهم بجدارة وأذاقوا الإيرانيين علقم الهزيمة في عقر دارهم فاستحق أبناء شاكر المباراة لعباً وأداءً.وهو بهذا الفوز يكون قد ردّ على منتقديه بشدة بعد هذا التأهل الثمين وأسكت كل من لامه بعد خسارته الأولى لكن عليه أن يضع في حساباته أن الأدوار القادمة ستشهد تقاطر بقية المنتخبات الآسيوية بكل عدتها وعدديها بقوتها ومفاجآتها والجميع يطمح بنيل البطاقات الثلاث بضراوة ومعنى ذلك إننا بحاجة إلى نوعية من المدربين الذين يعوون خصومهم جيداً ولديهم القدرة على القراءة الجيدة لكل الخطط والتكتيكات المستخدمة، كما أن الأدوار الأولية لا تعكس إطلاقا المستويات الفنية للمنتخبات فبعضها لم تفصح عن نقاط قوتها وضعفها التي تفاوتت في مسألة تحضيراتها وأن مباريات الذهاب والإياب تختلف عن دوري المجموعات الذي يرتبط مصيره بنتائج بقية الفرق وغيرها من الحسابات. مع تركيزنا الشديد على العامل النفسي فمثلما تم توظيفه لصالحنا في مباراة إيران الأخيرة وعلى نقيض ذلك لعب ذلك العامل ضدنا في المباراة الأولى، إذ مازال مدربنا المحلي يحمّل اللاعبين ضغوطاً نفسية لا طائل لها ويجمّلون كل مصائب العراق ويضعونها على رقبة هؤلاء الصبية وكأنها معركة وهذه كفر وإلحاد في أبجديات علم النفس الرياضي، لأن المدرب المتخصص يسعى جاهداً من اجل إسقاط رهبة اللقاء ويحاول أن يشعر لاعبيه بأنهم ذاهبون إلى مباراة تقبل النتائج الثلاث لها.لكن يبقى السؤال الأبرز هنا، هل ما زالت جماهيرنا متوجسة من بقائه مع الاولمبي أم إن قناعاتها تغيرت بعد التأهل إلى الدور المقبل بين ليلة وضحاها، وهل بإمكانه الوصول بهؤلاء الأبطال إلى مشارف عاصمة الضباب لندن بعد عام من الآن أم انه سوف يلوح لنا باستقالته ليقولها على رؤوس الإشهاد ها أنا الذي وفيت بوعدي لكم واثبت للجماهير بأني مدرب قادر على تغيير النتائج فعادلت الكفة في أصعب الظروف بعدما بكيت واشتكيت علناً من فقر الإعداد وقلة الملاعب وفقر المباريات أم انه سيبرهن لكل من عارض توليه المهمة بأنه ليس بذاك المدرب الذي شغل هذا المكان نتيجة لثمن الولاء الذي تم ادخاره ليوم الانتخابات و ُسدد أجلاً من فاتورتي الوطني والاولمبي لاحقاً، وعلّه سيرحل قريباً ضارباً لنا وللجميع مثالاً آخر في الإيثار وواضعاً مصلحة الكرة فوق الكل من باب (رحم الله امرئ عرف قدر نفسه ) تاركاً لنا تأريخه الكروي وأرثه السابق الحافل بكل محطاته المشرفة مع الكرة العراقية أم مازال وقود التكهنات مستعراً لم ينضب وأن هناك ألف عين وعين ترف رموشها بالخفاء وتهفو قلوبها صوب تدريب المنتخب؟
بعد أن كاد يفقد ثقة الجماهير بلاعبيه..هل يستطيع شاكر تأهيل الأولمبي إلى عاصمة الضباب؟
نشر في: 24 يونيو, 2011: 05:49 م