TOP

جريدة المدى > كردستان > شاعر الطيف والنضال..الشاعر والأديب الكردي كوران عبد الله

شاعر الطيف والنضال..الشاعر والأديب الكردي كوران عبد الله

نشر في: 25 يونيو, 2011: 06:32 م

 عبد الخالق يونسعندما نقرأ لهذا الشاعر الكبير نحس من خلال ألفاظه الشاعرية بأن نسمة ذات طيف روحي تسري وتتغلغل الى أعماق كياننا ونحس بآلام ومآسي الشاعر في ذاتنا فتلتهب حواسنا وكأنما ما حدث له من الأحزان والهموم هي ذاتها أحزاننا وهمومنا لأنه يصورها لنا بطريقة مفعمة بالأحاسيس الجياشة فتمتلئ روحنا ونفسنا بالسعادة والآمال مرة وبالأحزان تارة أخرى عندها ندرك بما ألم بالشاعر فترتقي النفس صافية هانئة وتضع رحالها في مكان آمن كقطرات الندى عندما تستقر فوق الزهور،
 هذا الشاعر الملهم ليس رقيقاً فحسب في أسلوبه وكتاباته، بل رقيقاً في ذاته ونفسه وروحه الطيبة، ومناضلاً وسياسياً وأديباً من الدرجة الأولى، وعاش حزيناً طوال سنوات حياته التي مر بها وشق طريقه فيها بمشقة وعذاب.ولد الشاعر سنة 1905 في مدينة النضال والموت، مدينة (حلبجة) التي دخلت التاريخ جراء إلقاء غاز الخردل من قبل النظام المقبور وراح ضحيتها (خمسة آلاف شخص).. تعلم كوران في صباه قراءة القرآن الكريم على يد والده الذي كان يهتم بتعليمه، وبعد وفاة والده بفترة قتل أخوه الذي كان مصدر إعالته فعاش مع والدته وهو يعاني حياة البؤس والحرمان والفقر وتجرع ألم حياته بمرارة ككأس فيه سم زعاف حتى تم تعيينه في عام 1925 معلماً في مدرسة حلبجة الابتدائية، وكان معجباً بمهنة التعليم ومدركاً لأهميتها ودورها في القضاء على ما يتسم به مجتمعه آنذاك من الجهل والتخلف ومرشداً للكثير من القضايا والعادات السقيمة التي كانت راسخة في عقول الجهلاء والأميين، وظل يزاول تلك المهنة على مدى ثلاثة عشر عاماً.حكم عليه بالسجن في سنة 1951 وأطلق سراحه بعد سنة. عاد بعدها إلى السليمانية ليعمل في حقل الصحافة محرراً في جريدة (جيان) الحياة، قدم خلال عامين الكثير لأبناء بلده وهموم عصره، اقتيد من جديد الى السجن وبقي فيه حوالي سنة حيث اتهم بأنه من مجموعة (أنصار الإسلام) وهكذا مرت حياته بسنوات عجاف قضاها بين سجن وبطالة ونفي.ما يهمنا في هذا الشاعر المناضل ليس سيرته الذاتية فقط وإنما ما قدمه من أدب وشعر.الشاعر قدم لنا قصائد رائعة وكانت أكثرها باللغة السورانية واحتوت على مفردات من لهجات كردية أخرى كان ملماً بها، ووضع قصيدة رباعية باللهجة الهورامية عندما كان معلماً في عام 1928 وكانت رداً على أراء الرجعيين المحليين الذين كانوا يلعنون التعلم والتعليم بالكفر والخروج على قيم ومعتقدات الدين الإسلامي، وهذه المعركة خاضها الشاعر بكل ثقة كداعية للعلم والثقافة وتنوير أهل بلده وقوميته.تطرق في كتاباته وأشعاره الى شتى المواضيع التي تهم مجتمعه، واحتوى (ديوان كوران) على (165) قصيدة، إضافة الى (62) قصيدة قصيرة، وفقدت له قصائد كان قد ألفها في السجن ولم يتمكن من تدوينها وهو في السجن.عمل في الصحف الكردية عام 1952 محرراً ثم مسؤولاً لجريدة (الحياة)، كما ذكرنا وتميزت أعماله لتلك الفترة بتطويره للأسلوب الصحفي وتجسيد واقع مجتمعه السياسي والاجتماعي، وتولى في عام 1959 إدارة المجلة الكردية (بيان) الفجر، وساهم في هيئة تحرير جريدة أخرى (أزادي) الحرية، وتميز خلال هذه الفترة بالعطاء وبنتاجات غزيرة.وفي عام 1960 وبناءً على طلب من إدارة القسم الكردي في كلية الآداب في جامعة بغداد عين محاضراً في جامعة بغداد لمادة الأدب والنقد الأدبي لما يتميز به من أسلوب واضح وسلس في الشعر والأدب.وقف كوران خلال حياته ضد الامبريالية والرجعية والاحتلال لاسترداد الشعب حقوقه المشروعة، وناضل بسلاح الكلمة والقلم في سبيل إعلاء كلمة الحق وتحقيق أهداف شعبه في الحرية والديمقراطية والسلام.في كتاباته وأشعاره يمزق الأوشحة الحجبية السوداء للاستعمار والتخلف وينزع القشور المتلألئة البراقة التي يتغطون بها لإخفاء حقيقتهم المرة وأهدافهم الكاذبة، ويفضح أساليبهم الأدائية للشعب تحت ظل أنظمة الحكم الرجعي.يقول في قصيدة (نوروز) التي ألقاها عام 1965: يا أحفاد كاوهيا من قطعتم السلاسل التي كبلكم بها الطغاةانزاحت غيوم الشتاء واخضر وجه الأرض من جديدوتحولت الأغصان اليابسة الى غابات مورقة وانفجرت الينابيعوأزهرت ورود الخشخاش وشقائق النعمان والنرجسحطموا مثيري الحروب والامبريالية والأذلاءمرغوهم بالتراب حتى لا يعودوا يرفعون رؤوسهم كالثعابين ويحولون حياة البشرية الى سم قاتل..وقصيدة أخرى بعنوان (قصة الأخوة):إذا أردنا ان يجني أخوتنا الثمار الحلوة وتزهو حريتناولا تطولنا أيدي الطغاة المجرمةينبغي ان نتسلح بوحدة الكلمةونمضي الشعوب الأخرى مع بريق الأجنحة البيضاء للحمامات صوب الأفق الأزرق حتى تتحقق أحلى أمنياتنا وأهدافنا..ونختم المقالة بآخر قصيدة بعنوان (شباب الكرد):يا شباب الكردأيها المثقفون، يا من يئن وطنكم تحت أثقال السلاسل والأسريا جماهيرنا الكادحة كونوا واعين واعلموا بان الاستعمار الذي يمتص دماءكم هو قاتلكم وقاتل الشعب الكرديهيا استرجعوا بنضالكم حقوقكم لكل الفقراء لكل إنسان.. ممن..؟ من الاستعمار أولاً ثم من المحتلين والظالمين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

ديالى .. إحباط عملية تهريب  قطع أثرية  كبيرة
كردستان

ديالى .. إحباط عملية تهريب  قطع أثرية  كبيرة

خاص / المدى تمكنت القوات الامنية ،اليوم الثلاثاء، من احباط عملية تهريب قطع ومخطوطات اثرية شمال محافظة ديالى.وذكر مصدر امني لـ(المدى) ان "قوة امنية مشتركة وبمشاركة جهاز المخابرات ووفق لمعلومات دقيقة تمكنت خلالها من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram