علي حسينهذا خبر مبهج وسعيد، فلو صح ما نشرته وكالات الانباء امس من ان السيد حسن السنيد رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية ابلغ السفير الامريكي وقائد القوات الاميركية بانه ليست هناك حاجة لوجود قوات مقاتلة في العراق بعد نهاية العام الحالي، معنى ذلك أن أمواج التصريحات المتضاربة و العاتية ستتوقف اوتخفت بعد ان وجدت من يصدها،
وتكسرت على صخرة قرار نيابي قرر فيه السيد السنيد انقاذ الحكومة والكتل السياسية من مشقة مواجهة المستر اوباما ووزير دفاعه "غيتس" وان الحكومة انصتت اخيرا لأصوات خبراء الامن والدفاع في مجلس النواب الذين يؤكدون ان “القوات الامنية العراقية تمتلك الجاهزية والقدرة على التعامل مع التحديات الامنية الداخلية، معنى ذلك إن قراراً وطنياً صادراً عن مسؤول برلماني أفلت من قبضة المزايدات السياسية، ومعنى ذلك ايضا أن البرلمان لايزال قادراً على الصمود أمام رغبات الامريكان المدججة بالوعود الوردية حينا وبالتحذيرات احيانا كثيرة، ولكن يبدو ان ليس كل ما يتمنى المرء يدركه فما ان انتهى تصريح السيد السنيد حتى اتحفنا احد قياديي دولة القانون بتصريح آخر اكد فيه " ان هناك حاجة لوجود بعض القوات الأميركية لحماية اجواء العراق "، موضحا أن "العراق لا يمتلك طائرات تستطيع حماية أجوائه مما يستوجب وجود قوات أميركية تمتلك تلك الطائرات تحمي أجواءه من أعداء ممكن أن تستخدم مناطق قريبة من العراق أو مناطق إقليمية لضرب العراق.ولم ينس القيادي وليد الحلي ان يذكرنا " ان موقفنا ككيان سياسي بخصوص تمديد بقاء القوات الأميركية كان واضحا وقد أصدرنا بيانا بوجوب أن تخرج جميع القوات الأجنبية من العراق وهذا موقف الحكومة العراقية أيضا"".في يوم واحد نجد دولة القانون تعطي إشارة يسار.. ثم تتجه لأقصى اليمين لتحدث مواقف مربكة ومزعجة ومضحكة أيضا، ولا يمكننا أن نفسر ذلك بأنه من باب عشق المفاجآت، أو باعتباره نوعاً من الميل الغريزى إلى الكوميديا، والضحك من غير سبب أحيانا، وبغير ذلك أظن أنه من المرهق جدا محاولة فهم هذين التصريحين المتناقضين لاثنين ينتميان لقائمة واحدة. هكذا على طريقة المطربة نانسي عجرم " أخاصمك آه.. أسيبك لا " نستغرق في الحديث الصاخب عن احتمالات التمديد للقوات الامريكية ‘ ثم نصحو على خبريقول ان الحكومة لن توافق على بقاء جندي امريكي واحد على ارض العراق، حديث هادر عن موسم الضربات العنيفة بين جميع السياسيين في سياق حرق الأرض تحت أقدام العراقيين جميعا ثم نفيق على صفقة كبيرة بين القوى السياسية يعقبها حملة تصريحات هي الأوسع بعد أنباء عن فشل الاتفاقيات. نسمع يومياً كلاماً جميلاً عن رفض الوجود الامريكي و التصدي الرسمي لمحاولة قادة البيت الابيض التدخل في الشأن العراقي، ثم نفاجئ بخطوات عملية ولقاءات خلف الابواب المغلقة من أجل التمديد لا اعتراض على الإطلاق على مراعاة مصالح العراق وامنه الاقليمي لكن كل ما نرجوه أن نكون واضحين لا ان تكون تصريحاتنا مجرد قنابل دخان لا تحدث سوى سحابات ملونة في فضاء التجاذبات السياسية.الخطير في الامر أن أحداً لا ينتبه إلى أن أسلوب التنفيس والامتصاص المعتمد من قبل السياسيين لن نجني من ورائه إلا انسداد في شرايين الحياة السياسية في العراق، باختصار شديد مايجري اليوم لايخرج عن كونه مزادا سياسيا يسيل اللعاب ويزغلل الابصار، والمثير بالامر ان بضاعة المزاد هذه غالبا ماتكون قديمة ومتهرئة، فضلا عن كونها بضاعة لم تعد مناسبة للعصر، باختصار هي بضاعة مزيفة، لايمكن ان تمر على اي انسان ذكي. السؤال الذي يطرحه المواطن المسكين كل يوم هو هل تستطيع الحكومة ومعها البرلمان ان ترفض طلبا للامريكان، والسؤال الاهم وما الذي يدفع الادارة الامريكية الى ترك العراق والتضحية بموقع استراتيجي في ظل اوضاع اقليمية مقلقة؟إن تصريحات بعض السياسيين لامثيل لها الا مع حكايات الف ليلة وليلة التي لايستطيع قارئها الا كتم ضحكته من سخرية الموقف، الامر الذي يحول السياسة من علم وموقف الى شيء لانظير له او شبيه الا مع ما نسمعه يوميا من تصريحات مرتبكة و متناقضة تؤكد بالدليل القاطع اننا نعيش عصر نانسي عجرم السياسي.
العمود الثامن: على طريقة نانسي عجرم
نشر في: 25 يونيو, 2011: 07:57 م