يقول الخبراء في تحالفات السياسة بالنجف، ان اقتراع مجالس المحافظات المقبل تحركه قضيتان، ويحاول الجميع استغلالهما، الاولى هي الصورة المخفقة التي ظهر عليها ائتلاف رئيس الحكومة نوري المالكي، والثانية هي صعود نجم المحافظ عدنان الزرفي والذي تحالف مع دولة القانون ثم اختلف معهم. والى جانب مؤثرات اخرى فإن ناخبي النجف يتداولون تعبير "العلمانية الاسلامية" في الدلالة على رغبتهم باعتدال ديني يجنب المدينة كعاصمة دينية، ويلات التشدد.
والى جانب وجود شريحة واسعة من الناخبين لا تتعاطف مع التشدد الديني، فإن الاحزاب الدنيية عجزت عن توفير الخدمات بشكل مريع، ولذلك فهي تسعى الى ترميم واجهاتها وتقديم وجوه جديدة من طبقة التكنوقراط كالاطباء والاكاديميين الذين يطرحون كقادة "لنهضة المستقبل".
ويطلق على هؤلاء في النجف ايضا تسمية "العلماني الاسلامي" بمعنى ان يكون اسلاميا ولكن بمظهر علماني او باعتدال شديد. ويبدو من الصعب ان تقبل الاجواء النجفية صيغة علمانية خالصة، لكنها تلجأ حسب المراقبين الى "تحوير صيغة نجفية من العلمنة" او الاعتدال المدني. والنجف وهي مقر الحوزة العلمية والمرجعية العليا للشيعة، خاضعة كثيرا هذه الفترة لتأثير قرار المرجعية بمقاطعة السياسيين ورفض استقبالهم، وهناك شريحة ناخبين مؤمنين واسعة تتساءل عما اذا كان يعقل انتخاب ساسة ترفض المرجعية استقبالهم.
وحسب مفوضية الانتخابات يتنافس في النجف نحو 20 كياناً بواقع 267 مرشحاً، منها 10 ائتلافات وتسع كيانات سياسية وكيان مستقل واحد، وبين هؤلاء 75 امرأة، سيتنافسن على 28 مقعدا خصصت للنجف حسب العدد السكاني.
وفي النجف الحاضرة العلمية والدينية التي يقرب عدد سكانها من مليون و500 الف نسمة حسب اخر احصائية لمجلس المحافظة، يمكن للمرء تلمس الاستعدادات الانتخابية من خلال "البوسترات" واليافطات التي قرر بعض الشخصيات الداخلة في كيانات انتخابية تعليقها في وقت مبكر.
محافظ النجف عدنان الزرفي الذي يقول انه حصل على لقب "افضل محافظ في العراق" علقت صوره وبعض اليافطات التي يقول الاهالي هناك بأنه هو من قام بوضعها وعليها عبارة "اهالي النجف يباركون حصول الزرفي على لقب افضل محافظ للعراق".
ويجاري الزرفي، في ذلك، نائبه التابع للتيار الصدري ضمن كتلة الاحرار وبالطريقة نفسها بعد ان حصل على لقب "افضل نائب محافظ في العراق"، ولحصوله على شهادة الدكتوراه، فامتزجت اليافطات بالتهاني والتبريكات لمناسبتين الاولى تبارك جائزة "افضل نائب محافظ في العراق" والثانية تقول "مبروك الدكتوراه".
وتقول الاوساط السياسية ان شكل التحالفات لم يستقر بعد في المدينة، والقوائم الكبيرة لاتزال واثقة من حصتها، مع تأشير تراجع حظوظ بعد الاحزاب وبروز كيانات مستقلة تأمل تحقيق مكاسب بفضل قرار مجلس النواب الاخير بتعديل قانون انتخابات المحافظات لحصول الكيانات الصغيرة على مقاعد في مجلس المحافظة.
ولعل الابرز في مشهد التحالفات النجفية هو انشقاق كيان "الوفاء للنجف" عن دولة القانون، وترجيحات شبه مؤكدة من المعنيين بأن الاخيرة تسعى الى خوض الانتخابات بشكل منفرد.
كيان "الوفاء للنجف" يرأسه محافظ النجف عدنان الزرفي، والاخير يعتمد على رصيده في تقديم الخدمات وبناء وانشاء بعض المشاريع المهمة ويقول عنه اهالي المدينة بأنه يتابع المشاريع بنفسه.
وتتوقع الاوساط السياسية ان يكون الزرفي وقائمته المنافس الاكبر لدولة القانون التي يقول عنها ابناء المدينة بانها "احتفظت بنفس الاسماء القديمة وتراجعت مقابل صعود نجم الوفاء للنجف".
وحصلت دولة القانون في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة 2009 على اكبر حصة بسبعة مقاعد من اصل 28. وتضم قائمة "الوفاء للنجف" مجموعة من الشخصيات الاكاديمية والاطباء، مثل مدير صحة النجف رضوان الكندي، وهو رجل ناجح وطبيب معروف ويحظى بشعبية بين ابناء النجف. وحصلت قائمة الزرفي في الانتخابات السابقة على 4 مقاعد فقط.
في غضون ذلك يؤكد مطلعون في المدينة ان شعبية "كتلة المواطن" التابعة الى المجلس الاعلى الاسلامي بزعامة عمار الحكيم، تراجعت عما كانت عليه في السنوات السابقة، ويؤكدون ان الاخيرة تعتمد "التسقيط السياسي" واثارة الشارع ضد بعض المسؤولين المحليين ومنهم المحافظ عدنان الزرفي. لكن مقربين على المجلس يراهنون على ملل الشارع من الوجوه الحالية والبحث عن بديل، ويعتقدون انهم نجحوا في تحديث هيكلهم التنظيمي وانهم سيظلون "رقما مهما" حين حصول سقوط مفاجئ للمالكي يتطلب ابراز معتدل شيعي للحكم.
وتحاول كتلة المواطن التي قررت خوض الانتخابات بشكل منفرد في النجف ان تشن هجمات بين حين وآخر على بعض الشخصيات، مثل دعواتهم قبل اسبوعين لاستجواب محافظ النجف عدنان الزرفي على خلفية مشاجرة بين القوات الامنية وسكان "حواسم" على ارض خاصة بالاستثمار رفض المتجاوزون عليها اخلائها مما ادى الى اندلاع شجار كبير بين الطرفين تحول من رشقات بالحجارة الى اطلاق نار، مما دفع المحافظ الى سحب القوات الامنية، الامر الذي اعتبره نواب عن كتلة المواطن بان المحافظ اضاع هيبة الدولة. كما وتتهم "المواطن" المحافظ بين حين واخر بانه يقيم مشاريع في المدينة دون علم مجلس المحافظة.
والابرز ايضا في مشهد التحالفات الانتخابية ظهور قائمة باسم "سحر الفتلاوي" وهي مديرة التسجيل العقاري في النجف، وزوجها كان عضو مجلس محافظة سابق، وهو الان رجل اعمال ولديه الكثير من المشاريع. ويرجح الشارع النجفي ان تتحالف مع كتلة "الوفاء للنجف" بسبب علاقة زوجها مع المحافظ عدنان الزرفي.