"حيل"!
هكذا نقول بالعراقي على من أصابته "قارعة" يستحقها.
وأنا أقول ذلك في رافع العيساوي اليوم، وأقولها فيمن ذاقها قبله من قادة القائمة العراقية، وهم كثيرون، وفيمن ينتظر أن يذوقها منهم، هذا اذا بقي أحد منهم قد سلم من التنكيل أو ما هو أدهى. وسأظل أقول "حيل" الى ان يبدلوا تبديلا. و"يطلع لي". لأنني اقترعت لـ "العراقية" في الانتخابات العامة الأخيرة. وبالتالي فإن لي الحق، كناخب، في توجيه أقسى النقد اليها.
كانت "العراقية" قد عنت لي ثلاثة أشياء: العلمانية، لأنها لا تضم كيانات محسوبة على "الاسلام السياسي"، و"الوطنية"، لأنها رغم أغلبيتها السنية ضمت شيعة في مقدمتهم رئيسها، والمعقولية في السياسة الخارجية، بسبب علاقاتها الجيدة مع المحيط الاقليمي والدولي. ولعل العامل الأخير هام على نحو خاص. فالسياسة الخارجية صورة عن السياسة الداخلية. اذا كانت علاقاتك الخارجية طيبة مع دول طبيعية، ومن دون عداوة مع دول غير طبيعية أو فالتة العيار، فإن الأمل أكبر في أن تكون دولتك طبيعية. وكانت لدى "العراقية" مقبولية واسعة اقليميا وعالميا.
ولذلك انتخبتها. فماذا حدث حتى أرى اليوم انها تستحق كل قارعة تصيبها؟
السبب هو أن مجال عملها الذي تحركت فيه بعد الانتخابات الأخيرة اختزل بردود الفعل على سياسة الترهيب والترغيب التي يتبعها المالكي. انها رفضت القيام بدور المعارضة البرلمانية، لأنها تخاف من الملاحقة بسيفي 4 ارهاب واجتثاث البعث. فهي ليست مستعدة للتضحية، وهي طامعة بثمرات المشاركة في السلطة. هي، أو بالأحرى قياداتها ونوابها، مشروع خوف ومخطط استفادة.
لقد اعتمدت سياسة دفاعية هدفها درء الأخطار عن كوادرها ونفعهم بما أمكن من ثمرات المحاصصة. وهي سياسة سهَّلت عمل المالكي، وقوّت سلطته، وعززت نفوذه. فهو يهاجم على طول الخط ويكسب بالترغيب والترهيب. و"العراقية" تدافع على طول الخط فتخسر وتصغر. ان مشروع المالكي واضح، لا غبار عليه، فالرجل يصل الليل بالنهار، وبجهد مسعور، من أجل بناء نظام تسلطي. والسياسة الدفاعية، الخائفة الطامعة للقائمة العراقية، تساعده على المضي قدما في مشروعه.
إن من يهاجم من أجل الاستحواذ على السلطة لا يختلف في النوع عمن يدافع من أجل مجرد المشاركة في السلطة. كلاهما وجهان لعملة واحدة هي السلطة العارية عن هدف يسمو عليها. السلطة كغاية في ذاتها وليس كوسيلة من أجل هدف أكبر منها، يفترض أن يكون هو بناء دولة القانون والمؤسسات وحقوق الإنسان.
وهذا هو مضمون انفصال السياسة عن الناس. فكل العمل السياسي ينصب على السلطة دون أي اعتبار لتنمية مؤسسات الدولة وخدمة مصالح الشعب. أما الشعب نفسه فكل ما يريدونه منه هو أن يتحول الى لعبة أو أداة بيد هذه السياسة، خاصة من خلال استثمار عواطفه الطائفية أو القومية عند الحاجة. وهذه العواطف مادة جاهزة للإستخدام، وقابلة للإشتعال، مع تفكك النسيج الوطني وغياب المشروع الجامع.
ولعل احد انتصارات المالكي وهزائم "العراقية" يتمثل بتحويل الأخيرة الى قائمة سنية، بعد أن شكلت في بدايتها أملا بشيء أكبر من ذلك. ولذلك صار اعتقال حمايات العيساوي حدثا طائفيا: الشيعي يسجل هدفا آخر في المرمى السني. وهذا هو مضمون الصلة الوحيدة بين الساسة وبين الشعب الذي شقُّوه وقسَّموه. ينسونه في الأوقات الصافية ويستنفرونه طائفيا في الظروف العاصفة. أي كما يقول المثل: "بخيرهم ما خيّروني وبْشَرْهم عمَّوا عليَّ".
جميع التعليقات 3
أحمد
مقال مهم ورؤية صائبة وتحليل سليم. هكذا يجب أن نقرأ المعادلة السياسية في العراق ولاسيما في مسألة تحريك النزعة الطائفية لدى الشعب كلما نشبت أزمة بين الأطراف المتحكمة وبالخصوص بين من يطرح نفسه ممثلا عن أحد المكونين الرئيسين في العراق. إن ما حدث على خلفية اعت
khalid
تحليل منطقي لواقع حقيقي للعراقية التي كانت في يوم مضى املا او بصيص امل للتخلص من الطائفية المقيتة وكان يمكن لها ان تكون كذلك مع تفتح وعي الناس وادراكهم لحقيقة الاحزاب الطائفية وفسادهم واداءهم السيء مما يجعلهم يتحولوا مع الوقت ليجربوا المشروع الوطني الذي ت
khalid
تحليل منطقي لواقع حقيقي للعراقية التي كانت في يوم مضى املا او بصيص امل للتخلص من الطائفية المقيتة وكان يمكن لها ان تكون كذلك مع تفتح وعي الناس وادراكهم لحقيقة الاحزاب الطائفية وفسادهم واداءهم السيء مما يجعلهم يتحولوا مع الوقت ليجربوا المشروع الوطني الذي ت