ضحكت عندما سمعت أن الفريق قاسم عطا سيتولى بنفسه حل قضية رافع العيساوي، وضحكت وأنا اتذكر صورة الفريق عطا حين كان يظهر ليبشر العراقيين بالنصر المؤزر قائلا: "إن القوات الأمنية استطاعت أن تقضي على القاعدة".. وتذكرته وهو يفرد عضلاته أمام شاشات الفضائيات متحديا المتظاهرين الشباب الذين خرجوا يطالبون بمحاسبة الفساد والمفسدين، تذكرت كل هذا وغيره كثيرا من التصريحات المتناقضة التي قال فيها الناطق السابق إننا نعيش زمن الازدهار والاستقرار وان العراق اليوم أكثر استقرار من كل دول المنطقة، واكتشفت ان مأساتنا الحقيقية أننا نتعامل مع كل شيء بعشوائية، نتحرك بلا أي إستراتيجية أو منطق وبلغت بنا قلة الحيلة أننا صرنا نخترع كل يوم عدوا جديدا كي نلهي الناس عن العدو الحقيقي، وصارت معظم تصريحات مسؤولينا تثير المشاكل والأخطر غضب الناس.
اليوم نحن على موعد جديد من الناطق الذي اشتقنا لسماع صوته، لكنه هذه المرة سيكون بديلا عن القضاة.. ففي مسرحية سيئة الإخراج والتمثيل أخبرتنا الحكومة انها بصدد معالجة ازمة اعتقال حماية رافع العيساوي، فقد قرر رئيس الوزراء "تشكيل لجنة برئاسة الفريق قاسم عطا للتحقيق في ملابسات القضية"، مؤكدا في الوقت ذاته، أن "المالكي وعد الوفد بإيجاد حلول ترضي الجميع". طبعا ضعوا معي أكثر من علامة استفهام حول جملة "حلول ترضي الجميع" فنحن وخلال اليومين الماضيين سمعنا من رئيس الوزراء والمحيطين به قصائد غزل بسلطة القضاء.. وكسرت المستشارة القانونية مريم الريس الصمت لتحذر من المساس بقرارات القضاء العراقي .. ونبهنا السيد علي الشلاه الى ضرورة ان نكون متحضرين ونحترم حكم القانون.. فيما اصر السيد حسن السنيد على أن القضية قانونية وليست سياسية.. ومع هذا نجد ان السادة الذين طرحوا أنفسهم على أنهم حماة القانون والمغاوير في الدفاع عنه يهينون القانون الذين وفر لهم الغطاء ليصبحوا نوابا ومسؤولين يتحكمون في مصائر الناس.. فإذا بنا نسمع طنطة بأنهم أعادوا قاسم عطا ليعيد الهدوء والأمن الى العملية السياسية ، بعد ان أعاد الهدوء والسكينة إلى عموم العراقيين.
لا اعتراض مطلقا على مناقشة خطورة الصراع السياسي على استقرار البلاد.. لكن كل ما نرجوه أن نكون عادلين، ولا نكيل بمكيالين، نغض الطرف ونقف متفرجين على ما حصل للبنك المركزي من هجمة بربرية، ونقيم المؤتمرات والندوات لشرح الأبعاد الخفية وراء اعتقال حماية وزير المالية، نتصنع كلاما منمقا عن القانون وضرورة تطبيقه ثم نهمل بكل استهتار خبيرا بحجم مظهر محمد صالح يعيش ظروف اعتقال سيئة، لا نتذكر الكفاءات التي تم إقصاؤها وطردها من البلاد، بينما نفرط في الحديث عن حمايات المسؤولين وكيف يجب التعامل معهم.
اليوم ونحن في شوق لسماع صوت الفريق قاسم عطا ليعلن ان الامور وضعت في نصابها الصحيح وان الحكومة كشفت مخططا للاستيلاء على السلطة ، وبالتأكيد فان ملامح الحيرة ستنقلب الى ملامح رضا عند المسؤولين وهم يرصدون انشغال العراقيين يوميا بملف جديد يخرجه المالكي من إدراجه، ذلك أن ظهور مثل هذه القضايا في هذا الوقت، انما يساعد في التعتيم على ملفات انفتحت فجأة ودون رغبة الحكومة.
للأسف أن هذا النوع من العبث بالقانون، يحول معظم معارك الحكومة وقضاياها إلى مناسبة لممارسة أنواع من الدجل على اعتبار أن أحدا لن يتوقف ليعمل عقله في هذا التسابق المجنون على إضفاء جو من الإثارة والسخونة على ملف حماية العيساوي فيما اعتبرها البعض فرصة سانحة لتصفية حسابات مع الخصوم، كما أن بعضهم وجد أن إقحام قضايا تتعلق باستقلال القضاء ونزاهته، وضرورة احترامه سيعطيها مزيدا من التوابل.
والسؤال الآن هل هذه هي الدولة التي يروجون لها؟، هل هذه هي الدولة التي حلم بها العراقيون؟ هل هذه هي الدولة التي كنا ننتظرها بعد 2003 والتي أصبحت اليوم تعتمد على ابتسامة قاسم عطا وبياناته الغامضة وعضلاته كمنقذ لهذه البلاد.
جميع التعليقات 3
moon
مئات المئات ازهقت ارواحهم بجرة قلم من القانون الذي كان ينفذه النظام السابق حسب قرارات (محكمة الثورة) السيئة الصيت، وليوم يستعدون لتكوين محكمة اخرى تنفذ اوامر تاتي جاهزه لا تنقصها الا شرعية( البندر) وتصدر بأسم الشعب وحسب المادة كذا من الدستور لتقصل رؤوس ين
عراقي انا
الى السادة دعاة القانون من ان ان القضاء هو الفصل,فكيف ترتضون من ان تكون نتائج القضية مرضية وبقرار من المالكي وهذا يعني -ما يحق لقيصر لا يحق للشعب-فقليلا من الفطنة يا دعاة القضاء
حمزة وسام
تحية طيبة السؤال الكبير هل اعترافات المتهم أمر فوج الحراسة بتورط الوزير صحيحة ام لا ام ان المطلوب التغاضي عن القضية الرئيسية وصرف الانظار عنها؟ والسؤال الثاني من اختار عطا لهذه المهمة