TOP

جريدة المدى > سينما > "جيوليا لا تخرج فـي المساء".. بعيداً عن الواقعية الجديدة

"جيوليا لا تخرج فـي المساء".. بعيداً عن الواقعية الجديدة

نشر في: 29 يونيو, 2011: 05:23 م

ليث عبد الكريم الربيعي تعد السينما الايطالية بواقعيتها الجديدة وما أضفته على مجمل الإنتاج السينمائي العالمي، واحدة من المدارس السينمائية المتميزة، فقد أفرزت من بين ما أفرزت فضلا عن الأسلوب والخصائص الفريدة، مجموعة كبيرة من أهم المخرجين والعاملين في الوسط السينمائي من بينهم: روسيلليني وبازوليني وفيسكونتي ودي سيكا وفيلليني وسكولا وأنطونيوني
 وبيرتولوتشي والقائمة العريضة الطويلة من الأسماء اللامعة التي لا تضاهى ولا تبارى في قيمة ما قدمته من أفلام أصبحت مدارس ينهل من معينها الخصب الذي لا ينضب الدارسون والمحبون.اتسمت الواقعية الإيطالية الجديدة طوال عمرها منذ منتصف الأربعينات بسيادة الاجتماعي والسياسي الناقد لكل حيثيات المجتمع والسلطة، ما ألقى بظلالها على مجمل الإنتاج السينمائي الإيطالي وأضفى شكلا ومضمونا مختلفا على السينما الإيطالية في محاولة لمزجها مع المدارس السينمائية العالمية الأخرى كسينما المؤلف والانطباعية وغيرها، وظهرت لاحقا أسماء أخرى لامعة جسدت هذا التمازج ومن هؤلاء: ناني موريتي وماركو بيلوتشيو وفرانشيسكا اركيبوتشي وباولو فيرزي.. وغيرهم. وعلى النقيض حاول البعض الآخر إلصاق نفسه بالمدرسة الأمريكية والهروب من الواقعية الإيطالية.  في هذا المجال نجد الفيلم الإيطالي (جيوليا لا تخرج في المساء: 2009) للمخرج (جيوسيبي بيشيوني)، إذ يحاول معالجة الثيمة الاجتماعية على الطريقة الأمريكية تارة وبلمحات من السينما الفرنسية تارة أخرى، وهو ما يشكل هروبا من الواقعية الإيطالية وأثرها على صناع السينما الإيطاليين. يدور الفيلم عن الكاتب الروائي المرموق غيدو مونتاني (فاليريو ماستاندري) المرشح لاستلام جائزةِ أدبيةِ نخبويةِ، والذي يعاني من أزمة منتصف العمر فيهجر زوجته وابنته ليتفرغ لكتابة روايته الجديدة، وبفعل الضغوط النفسية تأخذ شخوص روايته بمطاردته فيصبح ضائعا ما بين خيالاته وحياته الواقعية.يضطر للتسجيل في دروس تعلم السباحة بدل ابنته، ويتعرف هناك على معلمة السباحة الجميلة جيوليا (فاليرا غولنو) والتي تهبه الإبداع في الكتابة والسباحة، لكن غيدو يَشعر بأنّ جيوليا تَخفي أسرارا غير عادية عن ماضيها.لاحقا يتضح أن جيوليا مدانة بجريمة قتل عشيقها السابق، نتيجة محاولته هجرها، بعدما تركت زوجها وابنتها لتهرب معه، ونتيجة سلوكها الجيد في السجن يسمح لها القاضي بالخروج صباحا لإعطاء دروس في السباحة، ويبذل غيدو مساعي حثيثة من أجل جمع جيوليا مع ابنتها التي ترفض مقابلتها كونها هجرتها ولم تعد تشعر بأي حنين إليها، الأمر الذي يدفع جيوليا إلى الانتحار، وخسارة غيدو الجائزة.هذا الفيلم من إخراج الإيطالي (جيوسيبي بيشيوني- 57 سنة) مقدم أفلام (ليس هذا العالم: 1999) و(نور عيوني: 2001) و(الحياة التي أريد: 2004) وأخيرا (جيوليا لا تخرج في المساء: 2009)، وفيه يركز على الأبعاد الاجتماعية للقصة خصوصا أزمة غيدو النفسية والروائية، وأزمة جيوليا وما تعانيه من عقدة ذنب، لذلك يظهر الاثنان تائهين وسط عوالمهما الخاصة، فالبرود والاصفرار يطغى على كل حركاتهما وسكناتهما، حتى في لحظاتهما الأشد خصوصية وإثارة لا تجدهما مكترثين بها، فضلا عن الارتباك الذي يحيطهما، وهو ما حاول جاهدا المخرج عمله بدفعه عجلة الأحداث نحو ما يريده من دون أي مبررات درامية، لذلك ظهرت - القصة- وكأنها عملية لصق حدث بآخر من دون مراعاة نهاية الحدث وعلاقته بما قبله وما بعده، إلى درجة أن المخرج يوهم الجميع بتعدد السرد حينما تبدأ شخصيات الرواية بالظهور كأشباح تطارد غيدو، لكن ما تلبث أن تخبو هذه المحاولة في خضم الأحداث المرتبة عنوة.وهذه النتيجة حتمية بالنظر لطغيان سلطة المخرج على من معه، فقد كان مشاركا في كتابة القصة مع (فيدريكا بونتريمولي) الأمر الذي أضاع المبررات الكافية لحساب النتيجة المطلوبة، ولنذكر بعض الأمثلة على ذلك: أسباب هجر غيدو لزوجته وابنته وسكنه في منزل آخر؟ هل  شغف غيدو بالسباحة سبب كاف لانخراطه في تعلمها بعد هذا العمر الطويل؟ لماذا لا تكترث زوجته له على طول الفيلم، إلا انها وفي لحظة واحدة تتوسله من أجل قضاء ليلة معها!.. وغير ذلك الكثير.إلا أن ما يشفع للفيلم في النتيجة النهائية هو تقديمه قيمة الأسرة وأثرها الإنساني على باقي القيم الأخرى كالشهرة والمجد وغيرها، وهو ما انتهى إليه الفيلم بهدوء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وفاة المخرج السينمائي العراقي محمد شكري جميل

الداخلية: طرد أكثر من 4 آلاف منتسب وإحالة 15 ألف قضية إلى المحاكم

ائتلاف المالكي يحذر من عودة المفخخات والتهديدات الارهابية الى العراق

طقس صحو والحرارة تنخفض بعموم العراق

الفصائل تهدد "عين الأسد" بسبب احتمالات بقاء الأمريكيين فترة أطول في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

السينما كفن كافكاوي

مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن مواعيد دورته الثامنة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram