إلى عباس بيضون - كولاج لحياة فرانكنشتاين
لأنَّ مراياهُ عاريةٌ
وتُغري بالفُرجةِ والاكتشاف
ها أنا أتفرسُ فيها عميقاً
لأقرأَ ما تيسَّرَ من أسرارهِ
وسيرتهِ الغامضةِ كهاويةٍ
والداميةِ كأرضٍ ملعونة :
كانَ برياً في لياقاتهِ
ولكنّهُ مفرطٌ في استقامتهِ
وكانَ مُسْرفاً في تفاصيلهِ
ولكنّهُ محظوظٌ في نجاتهِ
من الفجائعِ والفضائحِ والندم .
إنَّهُ غالباً ما يجرحُ واقعَهُ
ويبدو نافراً
وأحياناً ناشزاً
لأنّهُ يخرجُ عن الإيقاعِ
بخطايا ميتافيزيقية .
هو لا يعرفُ أن يمشي مع الآخرين
لأنَّهُ يعرفُ كيفَ يمشي وحدهُ .
كانَ يتأخرُ في الحلمِ
ويتأخرُ في الحبِّ
والكتابةِ والحياة
ولكنَّهُ وبقليلٍ من الصبرِ والعناد
يعبرُ بحرَ فوضاهُ
ويصلُ إلى فردوسهِ الصغير.
إنّهُ جاهزٌ باستمرار
للوقوعِ في الغرامِ
حتى لو كانَ ذلكَ
في زنزانةٍ
أو في مستشفى
أو في حربٍ أهلية .
هوَ يفكّرُ دائماً
-ولم يكنْ تفكيرهُ أسئلةً فقط؛
بَلْ كانَ قصصاً وسيناريوهات -
يُفكّرُ في الموتِ والحبِّ والتدخينِ والحنينِ واللغاتِ
والطيرانِ والأرقِ والخوفِ
والأصدقاءِ القتلى
ويُفكّرُ بالجنونِ أيضاً .
كانَ يعيشُ كمَنْ يلعبُ
ومثل كلِّ القلقينَ يسرقُ متعتهُ
يسرقُها من ضوءِ الفكرةِ
ومن غابةِ الأنثى
وأنهارِ الكروم
ومن الفيروزياتِ واللوحاتِ والرحلاتِ
ودعابات العبثِ والضجر واللاجدوى
يسرقُها في كلِّ الأوقاتِ والأحوال
لأنها سببُ بقائهِ
وخلاصهِ المُمكن .
إنَّهُ دائماً
هائجُ الجسدِ
وهائجُ الخيالِ
في مراياهُ
وفي جنونهِ المُحْتَمَل
أوتاوا - 2012
*شاعر عراقي مقيم في كندا