القاضي محمد عبد طعيس إن البحث في هذه الحماية يقتضي منا ابتداء إيضاح ماهية ومفهوم العلامة التجارية المحمية ووضع التوصيف الصحيح لها على ضوء ما تظهر فيه هذه العلامة من صور وأنواع وأشكال ما يقتضيه القانون من شروط لتوفير الحماية لها، ووجدنا ان الظهور التاريخي للعلامة التجارية يرجعه المؤرخون الى بداية القرون الوسطى عندما استخدمها الرومان للمرة الاولى في ظل نظام الطوائف لتمييز كل طائفة من الصناع والحرفيين عن سواها وتحديد مدى إتقان وجودة ما ينتجونه من سلع وبضائع ليتسنى تعقب الصانع او المنتج ومحاربة حالات الغش والتقليد التي تجسدت في تلك المرحلة في صورة تحطيم ومصادرة كل سلعة خالية من العلامة المميزة لها،
ولكن آفاق تطور العلامة التجارية ودخولها ميدان المنافسة التجارية حصل بشكل ملحوظ بعد قيام الثورة الصناعية نتيجة تعدد وتطور وسائل الإنتاج وتنوعها، ومرد ذلك ظهور العديد من العلامات المشهورة مثل علامة كوكا كولا عام 1886 وعلامة كوداك عام 1888 وغيرها، وبذلك أضحت العلامة التجارية من أهم العناصر المعنوية للمحل التجاري وأكثر وسائله فعالية للتعريف عن السلع والمنتجات وضمان عدم التباس المستهلك بشأنها، وعلى ضوء ذلك عرفت بأنها إشارة توسم بها البضائع والسلع والمنتجات، تمييزاً لها عما يماثلها من سلع تاجر عن آخر او منتجات من أرباب الصناعات الأخرى، وعرفت بأنها أي إشارة ظاهرة يستعملها او يريد أي شخص لتمييز بضائعه او منتجاته او خدماته عن بضائع او منتجات او خدمات غيره، ورغم تعدد مفاهيم العلامة التجارية الا انه يمكن إيجاز مفهومها (بكل ما يميز منتجا سلعة كان ام خدمة عن غيره ) واتضح ان صفة التمييز للعلامة التجارية اكسبتها أهمية تتجاوز حدود قيمتها المادية او المعنوية لتشمل كل ما يؤديه المحل التجاري من وظائف فهي تبرز شخصية الصانع او التاجر وتلعب دوراً مهماً في تحديد سمعته في ميدان العمل التجاري كما تعد وسيلة ودليل المستهلك في تحديد المصدر الشخصي والإقليمي للمنتجات والسلع معتمداً على صفة التمييز لتلك السلع و المنتجات، لذلك تعد العلامة التجارية وسيلة للتعبير عن صفات وخصائص السلع والخدمات التي تمثلها وتبين مدى الإتقان والجودة التي اعتاد المستهلك عليها الأمر الذي يقود الى خلق روح التنافس بين ممتهني النشاط التجاري وتدفعهم الى مزيد من الحرص والإبداع في تحسين ما يقدمونه للمستهلك والذي يقود بالنتيجة الى انخفاض الأثمان وارتفاع القيمة الحقيقية للنقود وتحقيق جودة عالية للسلع والخدمات المقدمة، وتبين ان دور العلامة التجارية لم يقتصر على خلق حالة من التميز للسلع او الخدمات الموسومة بها بل تدخلت بقوة لتلعب دوراً بارزاً في حماية المستهلك من حالات الغش او التضليل بشأن ما يقتنيه من سلع ومنتجات، كانت العلامة التجارية دليله للوصول الى حقيقة تلك البضائع والسلع لما تركته من اثر وانطباع في ذهنه، كل ذلك جعل من العلامة التجارية مصدر ثروة هامة ومؤثرة في النشاط الاقتصادي لما لها من اثر في توسع الأنشطة التجارية وتشغيل الأيدي العاملة ورفع المستوى المعيشي للسكان إضافة لما تمتلكه من قيمة مادية.
العلامات التجارية المحمية في نظر القانون
نشر في: 2 يوليو, 2011: 08:11 م