اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > هل قتل حبيبته الشاعرة؟ ..روبرت براونينغ بين الحب الجارف والغيرة المهنية

هل قتل حبيبته الشاعرة؟ ..روبرت براونينغ بين الحب الجارف والغيرة المهنية

نشر في: 3 يوليو, 2011: 08:18 م

سلوى الجراحوكانت وفاتها في سن الخامسة والخمسين أمراً فاجأ الاسرة، رغم أنها كانت تعاني من متاعب صحية وضيق في التنفس، وانتهت بموتها حياة شاعرة نالت شهرة كبيرة في بريطانيا وأمريكا. فقد تأثر بشعرها، خاصة قصيدتها "غزل الليدي جيرالدين"، الشاعر الأمريكي الشهير إدغار ألن بو، الذي ارتبط اسمه ايضاً بحكايات الرعب التي تحول العديد منها إلى أفلام سينمائية، بل واستعار منها وزنها الشعري الذي أحبه في قصيدته "الغراب". وكتب نقداً لأعمالها نشر في مجلة The Broadway Journal في شهر كانون الثاني لعام 1845 قائلاً :"تمتلك إيحاء شعرياً، ليس هناك ما هو أكثر مهابة وجلالة منه، فحسها الفني صاف نقي نقاوة لم نعهدها من قبل." في مقابل ذلك امتدحت هي قصيدة "الغراب". وحين أصدر إدغار ألن بو مجموعته الشعرية بعنوان "الغراب وقصائد أخرى أهداها لها بكلمات تقول: "إنها من أنبل بنات جنسها" .
إليزابيث براونينغ 1806-1861، هي الابنة الكبرى لأسرة ميسورة الحال أنجبت ثمانية أبناء وأربع بنات. والدها كان يعمل في جامايكا في البحر الكاريبي حيث يمتلك مزارع السكر والعديد من العبيد. تلقت تعليمها في البيت مع أحد اشقائها الأمر الذي منحها تعليماً جيداً مقارنة مع بنات عصرها فقرأت قصائد ميلتون ومسرحيات شكسبير، قبل بلوغها العاشرة من عمرها، وكتبت أول قصائدها وهي في السادسة ونشر لها والدها قصيدة بمناسبة عيد ميلادها الرابع عشر بعنوان "معركة السباق الطويل"، وهي قصيدة ملحمية. نشرت قصائدها في الصحف وهي لم تزل في الخامسة عشرة من عمرها. أما ديوانها الأول فصدر وهي في العشرين من عمرها حيث بدأت فيه متاعبها الصحية والتي عجز الأطباء في وقتها عن علاجها، فوصفوا لها المورفين كمسكن للألم وأصبحت مدمنة عليه. مع حلول عام 1844 أصبحت اسماً معروفاً في دنيا الشعر مما دفع روبرت براونينغ 1812- 1889 لمراسلتها. ومع لقائهما الأول بدأت أشهر قصة حب في تاريخ الأدب الإنكليزي. كانت اليزابيث أكثر شهرة، فقد بدأت بكتابة الشعر ونشره قبله بسنوات وكانت تكبره بستة أعوام، وتعاني من مشاكل صحية في الرئتين، لكن الحب لا يأبه بالصعاب. بعد عامين من بدء تعارفهما، تزوجا وحذا روبرت براونينغ حذو الشاعر الرومانسي الشهير بيرسي شيللي، وقرر العيش في إيطاليا وبالذات في مدينة فلورنسا تماما مثل سلفه. أخذ اليزابيث إلى بيت جميل في فلورنسا هو "كاسا غيدي"، الذي اصبح الآن متحفاً . يجمع النقاد على أن زواج الشاعرين أثمر أفضل اعمالهما الشعرية، بل يقول البعض منهم أن روبرت براونينغ وجد في اليزابيث نقيضه الشعري فهو شاعر موضوعي يبحث عن بعض الموضوعية أو الذاتية التي وجدها في اليزابيث. ولعل ذلك يفسر أن نتاجيهما الشعري بعد الزواج ضم أفضل أعمالهما الشعرية بل تعاظمت شهرة اليزابيث لدرجة أن البعض اقترح أن تشغل منصب "شاعرة البلاط" بعد وفاة وليام وردزورث شاعر الرومانسية الشهير بعد أن بلغ الثمانين عام 1850 ، لكن الشاعر الفريد لورد تينسون شغل المنصب. الآن وبعد كل هذه السنين، يبدو أن هناك فريقا صغيرا من الاكاديميين البريطانيين الذين يؤمنون بأن روبرت براونينغ قتل زوجته. حجتهم انه كان المسؤول عن إعطائها أدويتها ومع تدهور حالتها الصحية أوصى الطبيب الانكليزي المشرف عليها بزيادة جرعات الأدوية المسكنة ليخفف آلامها. فهل تجاوز روبرت براونينغ الكمية المطلوبة، هل قتل زوجته؟ يقول متهمو براونينغ إنه مل مرضها، وأنه كان يغار من نجاحها. لكن اليزابيث على مدى الاربع سنين قبل وفاتها، كانت ترفض أن يتحول مرضها إلى سجن يكبله وأن يظل حبيس البيت معها، فكانت ترغمه على أن يمارس حياته الاجتماعية، والخروج وحده لتبقى في رعاية الخادمة. أما أنه كان يغار من نجاحها، فحياتهما معاً فيها العديد من الدلائل على أنه كان يشجعها ويفخر بنجاحها. يضيف متهموه أن الدليل على أنه قتلها هو أنه لم يوضح عمرها الحقيقي في شهادة الوفاة، وأن جنازتها كانت متواضعة جداً، وأنه لم يضع اسمها وتاريخ وفاتها على قبرها. الحقيقة هي أن براونينغ لم يكن يعرف سنة ميلاد اليزابيث لأنها أبقت ذلك سراً. أما جنازتها المتواضعة كما يقولون، فقد نظمها أحد الاصدقاء بسبب حزن روبرت براونينغ الشديد الذي شله تماماً. فقد وقف في جنازتها يبكي بصمت ممسكاً بيد ابنهما الوحيد بين، ثم عاد إلى البيت وحبس نفسه بين الذكريات التي عاشاها معاً لشهور طويلة. لا شك أن روبرت براونينغ كتب أفضل نتاجه الشعري خلال سنين زواجه من اليزابيث في حين بقي لسنوات بعد وفاتها لا يكتب ولا ينشر. كما أن اليزابيث كتبت أجمل أشعار الحب، السوناتات "البرتغالية"، عن حياتها الخاصة معه، إذ كشفت رسائلها أنها كانت حياة عامرة بالحب والمودة . صحيح أنها كانت أكثر شهرة ونجاحاً منه، عند وفاتها ولكنه لم يتوقف يوماً عن تشجيعها والتباهي بها بل لقد نشر لها مجموعة شعرية هي الأخيرة بعد وفاتها. قبر إليزابيث براونينغ في المقبرة الإنكليزية في فلورنسا يحمل فقط الحروف الاولى من اسمها وتاريخ وفاتها وتمثالأ صغيراً لإلهة الشعر. فقد أراد روبرت براونينغ لحبيبته أن تظل في الذاكرة، الشاعرة التي عشقت الحرية والانسانة التي وقفت ضد العبودية، والمرأة التي دافعت عن حقوق المرأة، وعاشت سنوات مديدة من الحب والإبداع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تركيا.. إقرار قانون لجمع الكلاب الضالة

تقليص قائمة المرشحين لخوض الانتخابات مع كامالا هاريس

وزير التعليم يخول الجامعات بمعالجة الحالات الحرجة في الامتحان التنافسي للدراسات العليا

اليوم..مواجهة مصيرية لمنتخبي العراق والمغرب

تعرف على الأطعمة التي تحفز نشوء الحصى في الكلى

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram