الكتاب/ تصوّر المستحيل المؤلف/ غاري غوتنك ترجمة/ عبد الخالق علي لم تعد الحياة الجامعية حافلة كما كانت في السابق، فقد دخلت النظرية إلى المنهج الدراسي، لكن موقعك فيها لم يعد يرتبط بموقعك في العالم. الحديث عن موقع الروح متوفر للحلقات الدراسية الخاصة بمرتفعات وذرنغ، لكن حتى المواضيع غير المركزية يجب أن تتمكن من تسديد قروض الطلبة، لذا فقد فازت النظرية
- لأن الجميع "يمارسها"- لكنها خسرت لأن لا احد اليوم يفعل أكثر من مجرد "ممارستها"، لقد أصبحت النظرية شيئا آخر من تلك الأشياء التي يؤمن بها الفرد من اجل الحصول على معدل دراسي، هذا لا يعني أن النظرية خاوية، وكما يذكرنا غاري غوتنك، في كتابه المنعش المكتظ في النصف الأخير من القرن، بما يسميه "الاحتيال الفرنسي" في الفلسفة، إن أمثال جاك دريدا وميشيل فوكولت هم زبدة المفكرين العالميين في فترة ما بعد الحرب، قد يفكر الطلبة بالحقيقة التي تعود إلى الخمسينيات (1950)، عندما كان التركيبيون وجماعة المؤولين، يقدمون طلبات لقراءة الفلسفة في كلية باريس.يشير غوتنك الى أن فوكولت فشل في امتحان القبول في المحاولة الأولى، كما فشل دريدا مرتين حتى تم قبوله فيها في المحاولة الثالثة.على ماذا حصلوا من دراستهم؟ يزعم غوتنك، تشجيع اوديبي للإطاحة بوجودية سارتر، فعندما يتحدث سارتر عن حاجة الفرد لتنبيه نفسه كل يوم في عالم غير مبالٍ أو عدائي، فان فوكولت ودريدا يصرحان بأنهما لا يريان غير اللامبالاة والعداء، فكرة الإنسان، فكرة وعي الفرد تناضل للسيطرة على عالم خارجي لنفسها، ومثل كل الأفكار، كانت ناتج هذه اللغة، أو أكثر دقة، قدرة اللغة على تقييد مستخدميها.تقول النظرية، لأنك لا تتحدث اللغة، فان اللغة هي التي تتحدث بك، قد تتصور أن الكلام والكتابة هما وسائل للتعبير عما في فكرك أو في قلبك، لكن في الحقيقة إن كل ما تفعله هو انك تنطق العبارات التي يسمح بها التركيب اللغوي (أو التراكيب).يقول ماركس: إن الإنسان قد تحول عن طبيعته، بينما يقول فرويد :إن الإنسان قد تحول عن رغباته، لكن بالنسبة إلى الذين جاءوا بعد التركيبيين، فان فكرة الإنسان هي بحد ذاتها تحويلية، هل حقاً كان لدسكارتز ذات أو نفس؟، لقد كان يمزح عندما قال: "أنا أفكر، إذن أنا موجود".. "أنا أفكر، لذلك فانا أفكر بنفسي"، هذه اقرب إلى المؤولين، أو كما وضعها دريدا "ليس هناك شيء خارج النص"، لكن هل كان هناك شيء داخل نصوص دريدا وجماعة المؤولين أمثاله؟إن غوتنك معتدل في نقطته، فمن جهة، يقول: إن فكرة ما بعد التركيبيين لم تكن اقل من "محاولة لتصور المستحيل".ومن جهة أخرى، فان التفكير المستحيل يؤدي إلى الكتابة المستحيلة، كما انه يقر بان "بالنسبة للكثيرين منا، أنها غير مفهومة رغم القراءة المتأنية"، ويستنتج انه من الأفضل معاملة هذه المادة مثل الشعر.هذا شيء عادل، رغم اعترافي باني لست الوحيد الذي وجدت أن لف و دوران فوكولت ودريدا عويصان على الفهم.
الفلسفة الفرنسية منذ 1960
نشر في: 4 يوليو, 2011: 05:41 م