اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > (البردة).. ومسرح المختبرات والورش المسرحية

(البردة).. ومسرح المختبرات والورش المسرحية

نشر في: 4 يوليو, 2011: 05:42 م

أ.د.يوسف رشيديوماً بعد يوم يؤكد جيل الشباب المسرحي حضوره الراسخ وخطواته الواثقة في مواكبة تطورات المسرح العالمي المعاصر، وصار لهم حضورهم المميز في ساحة الإبداع العراقي.ولعل ظاهرة المختبرات الفنية والورش المسرحية والمجاميع الشبابية التي تعتمد الأسلوب الجماعي في إنشائية المنجز المسرحي لهي من أبرز المظاهر لتأكيد تلك المواكبة، فهم جماعات يعملون بصمت وهدوء وبقليل من النرجسية و من غير ما ضجة أو شكاوى أنتاجيه او هالات إعلامية، أو أي ادعاء بالوصاية على المسرح والمسرحيين، يقدمون أعمالهم ويتحفون فضاءات التلقي بأجمل العروض المسرحية شعرية وفكراً وتبنياً للقضية الاجتماعية وإرهاصات الشارع الوطني العراقي.
فمن هذه المجاميع، (جماعة المختبر) لقاسم مؤنس و(فضاء التمرين) لهيثم عبد الرزاق و(محترف بغداد)  لعزيز خيون والمختبر الأكاديمي لياسين إسماعيل، وهي ورش مسرحية تعمل بإدارة عقول أكاديمية مبدعة جمعت بين الخبرة والاحتراف حتى بات من الممكن أن نصنف جيلاً آخر من الورش المسرحية التي توافد بعضها من تلك الورش ومن كلية ومعهد الفنون الجميلة ليشكل كياناً لامعاً في ساحة المسرح العراقي وضوءاً قادماً متجدداً يجمع بين الشعور العالي بالمسؤولية والموازنة بين المسرح وبين قيم الحياة بطريقة تلفت الانتباه الى انهم يعون تماماً ويدركون ماذا يفعلون، وهذه هي الخطوة الصحيحة الواثقة على طريق الإبداع.ومن هذا الجيل تلك المجموعة التي انحدر بعض منها من منعطف الأكاديميين والبعض الآخر شكل نفسه من خلال تواجده في مجموعة (غرفة إنعاش) كحيل خالد وبعضهم جاء ليستمر في امتداد لجماعة (بروفة) لهادي المهدي .وتتداخل هذه الإيقاعات لتجتمع هذه المرة بين ثنايا (بردة) غسان اسماعيل لتقدم عرضاً مسرحياً مهماً اشترك في كتابته (حيدر جمعة وغسان اسماعيل)، وقد اختمر بتجربة التمرين المستمر منذ ستة أشهر لتكون عرضاً مهماً من عروض منتدى المسرح يتصدى لليومي والشمولية الاجتماعية من داخل البيئة المحلية الشعبية التي تشترك في الهم الجمعي للوطن وعلى طريقته. فمن خلال (البردة) استطاع هؤلاء الشباب إماطة الحجب عن أستار كثيرة منها ما يتصل بالأعراف الاجتماعية ومنها ما يتصل بالتقاليد ووعيها ومنها ما يتصل بعمق إنسانية الإنسان في زماننا هذا، فغياب (البردة) الذي تنطلق منه لحظة العرض الأولى هو غياب لحجب العفاف الإنساني بعد ان دمرت الحروب والمفخخات والسلب والتدمير جميع مقوماته وقوضتها لتحيلنا مرةً أخرى الى جدلية بين ان يتحطم المرء، او ينهزم في مسرحية اقتربت الى حد كبير في أجوائها مع أجواء (مسرحية الحضيض) لغوركي الذي ذكرنا بمقولته الشائعة في روايته (الشيخ والبحر)إلا ان المصيبة هنا قد تمحورت في مأساة جيل كامل.جيل يريد ان يبدع ويعيش، ومن حقه ان يتمنى وان يحلم بكل ما يستحقه من الحياة، وان يتمتع بجميع حقوقه حتى ان يقول ما يريد بلسان واضح وصريح..فكم هو حجم المأساة عندما يحتاج الإنسان الى (لسان) مثل البشر يخلصه من عقدة الاضطهاد التي تستبيح شعوره الداخلي، فعقدة النطق هذه إحالتنا الى شخصية (يانغ) في مسرحية (القرد كثيف الشعر) ليوجين أونيل، فضلاً عن المحمولات الدلالية التي فجرتها هذه الشخصية والشخصيات الأخرى التي نجح المخرج في تفعيلها ونجح ممثلوه في تبنيها بشكلٍ اتسم بدقة الاشتغال والاستثمار لآليات عمل الممثل في المسرح وبلياقة شابة تدعوك لتأمل أن لا بديل لهذه الشخصيات يمكن ان يؤدي أفعالها من ممثلين غير هذا الجيل، الذي ينتقل بالمسرح العراقي الى الخفة في الحركة والسرعة والالتقاط اللماح لليومية وتصديرها في العرض مستفيدين من قدرتهم على الارتجال المدروس والمنظم الذي يتسق للاشتغال والمحافظة على البنية(السيميوحكائية semio-narrativ) العميقة وكذلك فهو انموذج شاب (لمسرح حيوي) كما يسميه (ليوتار)، حيث أن الحيوية عنده ليست بالمفهوم الانثروبولوجي الذي يشيعه (باربا) وإنما بمعنى إنتاج اكبر شحنة من الطاقة والحيوية في إطار السياق والمعنى الذي يجعل المرور يسيراً الى حياة المنظومة الإعلامية للعرض وبيئتها الاجتماعية. من هنا كان لمجموعة الممثلين أن يكونوا رغم بعض الاستثناءات البسيطة هنا وهناك ولكن بمجموعهم شكلوا حضوراً وأملاً كبيراً لمسرح عراقي قادم، بيد ان فعلاً مشتركاً لا يقل في خطورته وأهميته عن ذلك الذي قدمه الإخراج وهو ذلك الاتساق في سينوغرافيا العرض التي عني بها المصمم المتميز(علي السوداني)الذي شكل فاعلاَ في اللعبة البصرية ليغذي الإحالة التي فرضت نفسها كبديل للدوال المألوفة بالخروج على الثوابت المتجمدة المرتبطة بالمعرفة الجمعية للإيحاء بمألوفية المكان ولا مألوفيته، ففندق معروف، وزقاق في بغداد ومصبغة، وما عمد اليه من مستويات افتراضية للسينوغرافيا، الأصوات، زحمة المكان، السطوح والمستويات التي هيأت للفعل سرياناً شيقاً، فعلى الرغم من الإيغال بالدقة في واقعية الصورة حد الايقونية أحياناً إلا ان قوة التأثير الجمالي واشتغالات الممثلين فيه قد هيّأ فضاءً لم يجعل من المسرح مجرد محاكاة أيقونية أو أن يجعل من الأيقونة محكاً لتقدير العلامات المسرحية وإنما كان للصورة البصرية أن تغذي الكثير من المقاصد الإخراجية التي كان يعمد من خلالها(المخرج غسان) الى إذكاء سينوغرافيا مجاورة افتراضية لدى المتلقي لتفعل فيه صوراً داخلية أو (مونودراما مُشاهد) وهو يتأمل في هذه البيئة السايكودرامية الشعبية، الغاية في المحلية والغاية في التشظي والتماسك بين شخوصها في آن معاً، إنه (قاع المدينة) الذي هو فرضية لمكان من الجرح لا ينفصل عن خارطة الجسد(الوطن).فعلاً هناك أمل م

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تركيا.. إقرار قانون لجمع الكلاب الضالة

تقليص قائمة المرشحين لخوض الانتخابات مع كامالا هاريس

وزير التعليم يخول الجامعات بمعالجة الحالات الحرجة في الامتحان التنافسي للدراسات العليا

اليوم..مواجهة مصيرية لمنتخبي العراق والمغرب

تعرف على الأطعمة التي تحفز نشوء الحصى في الكلى

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram