عن: لوس انجلوس تايمزالقهوة في العراق ليست مجرد نوع من الشراب، إنها تربط العراقيين بكرمهم العريق وتعتبر مدخلا للحديث عند زيارة احد شيوخ العشائر، كعذر للجلوس والحديث وكشعور بالعزاء والسلوان عند وفاة احد. عبدالله سعدي – مقدّم قهوة محترف من بغداد - يثبّت أقداح القهوة الصغيرة والخنجر بحزامه الجلدي البني. انه يحافظ على العادات القديمة. يسكن في بيت من الطابوق وراء بوابة حديدية في منطقة ضيقة من مناطق مدينة الصدر في بغداد. الغرفة مطلية بلون ليموني ناصع يخالف لون الشارع الرمادي في الخارج. أمه تتمشى في الغرفة نصف محرجة و هي تدندن و تضرب بخفة على صدرها و تضحك "أنا أم صانع القهوة".
يقول عبدالله وهو يتحدث عن العادات اللطيفة التي يقوم بإحيائها "القهوة تعني الكرم".كان أبوه حمّالا يطحن حبات البن باستخدام الهاون والمدقة ولديه النكهات الخاصة التي يقدمها لضيوفه.يضيف عبدالله وهو يفتخر بالوصفة التي يتم تسليمها من جيل إلى آخر "نحن لدينا تاريخ مع القهوة".الناس يعتمدون على عبدالله لمعرفته بالماضي ولقدرته على الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بأصول القهوة. انه يفصّل ما يجوز وما لا يجوز بشأن القهوة في العراق.صانع القهوة يساعد في إحياء العادات القروية التي اختفت بعد التغيير الذي شهده العراق في النصف الأخير من القرن الماضي مع نمو المدن. اليوم قد لا يسافر الناس لمسافات طويلة، إلا أن هذه التقاليد لازالت وسيلة لها معنى في يوم حار في بلد يسير كل شيء فيه بطريق الخطأ، لكي يذكّروا أنفسهم بأنهم لا زالوا يرتبطون بالأيام المشرقة.يقول عبدالله "هناك الكثير من المواصفات التي يجب أن يتصف بها صانع القهوة. عليه أن تكون لديه معرفة بالعشائر".تاريخ العراق الحالي يشهد القصاص وسفك الدم. أفضل أيام عبدالله في صنع القهوة كانت خلال الحرب الأهلية في العراق حيث كان يقوم بواجب تقديم القهوة في أكثر من مناسبة عزاء في اليوم الواحد عندما دخلت بغداد في دائرة القصاص الدموي، ما كان يجعله حزينا أيام الحرب هم الذين لم تعد لديهم بيوت يأوون إليها. عندما يتعرض احد أحبابهم للقتل، فأنهم لا يملكون ما يقدمونه في مراسيم العزاء. في هذه الحالات يقوم عبدالله باللازم ويصنع لهم القهوة بدون مقابل. ترجمة عبدالخالق علي
قهوة العراقيين تزدهر في سرادق ضحايا العنف
نشر في: 4 يوليو, 2011: 09:06 م