TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "فروها" على العيساوي

"فروها" على العيساوي

نشر في: 23 ديسمبر, 2012: 08:00 م

في زمن جريدة بابل  الصادرة بموجب "تفويض من الشعب" ونفوذ رئيس تحريرها بعد ان اصبح نقيبا للصحفيين ومشرفا مباشرا على ما كان  يعرف بالتجمع  الثقافي  ، كانت تصدر اوامر بملاحقة مطربين ، شارك  تلفزيون الشباب وقتذاك في تحقيق شهرتهم ، لغرض استدعاهم لمقر "الاولمبية "  واخضاعهم لاجراءات تحقيقية على تهم لم يرتكبوها ، وتنتهي الجلسات بتجديد الولاء والاستعداد لتقديم اغنيات جديدة تعبر عن التفاف الجماهير حول القائد .

احد العاملين في جريدة بابل يحتفظ بوثيقة تبين ان الجهة المكلفة بملاحقة المطربين فشلت  في القبض عليهم ، ولم تجد سوى مطرب يلقب بالعيساوي  وقع في قبضتها ، في حين فر الاخرون الى جهة مجهولة ،  ويبين التقرير المرفوع الى  الجهة  صاحبة الامر ان العمل يجري لملاحقتهم .

الشخص  المحتفظ بالوثيقة  وهو احد المشاركين بعملية ملاحقة المطربين يصف العملية بانها تندرج ضمن رغبة المسؤول الاكبر في  خوض مزاح  من النوع الثقيل مع المطربين لتحقيق غايات في نفسه ، واقامة حفلات غنائية في ساعات متاخرة من الليل، ويوم كان السفر ممنوعا خضع معظم المطربين من "جيل الشباب "  لذلك المزاح واكثرهم ذلك المغني الذي يحمل لقب  العيساوي .

حملات الملاحقة استمرت لسنوات  وفي بعض الاحيان شملت رياضيين ، ولاعبي المنتخب الوطني لكرة القدم  ، وبعضهم انتهى به  المطاف معتقلا بمعسكر ضبط في معسكر الرضوانية ، وفي ذلك الوقت لا توجد منظمات مجتمع مدني للدفاع عن حقوق الانسان ، او مراقبة ظروف المعتقلات السرية والعلنية ، وما يصدر في الخارج من تقارير بخصوص هذا الملف ، لا يصل الى الرأي العام العراقي ، لان الاعلام الرسمي يقف ضدها بالمرصاد ، ويعلن بين اونة واخرى ان اعداد المعتقلين قليلة واغلبهم متهم بالتجسس او التورط بجرائم تهديد امن البلاد .

"فروها على العيساوي "  عبارة طالما رددها المطربون الذين سمحت لهم الظروف الشخصية او الموضوعية من التخلص من  حملة الملاحقة شبه الاسبوعية ، وحينما يزداد الخناق عليهم ويصبحون ضمن اهداف "الصولة الاولمبية "  يتوجهون الى مبنى تلفزيون الشباب لتسجيل اغنيات وطنية على حسابهم الخاص ،  ويحاولون بشتى الوسائل  اقناع المسؤول  على بث "منجزهم  الابداعي" باسرع وقت ممكن ، ليثبتوا وجودهم في الساحة "الغنائية الوطنية " ووقوفهم خلف القائد لدحر الحصار  وتحقيق النصر الناجز  بسلاح الاغنية .

صفحة  "فروها على العيساوي" انطوت الى الابد  واصحاب هذا القول من المطربين فضلوا الاقامة في  عواصم عربية واخرى خليجية ، لان خدماتهم هناك  مطلوبة بعد انحسار نشاطهم في العراق لاسباب معروفة ، وليس فيهم اليوم من يجازف ،  ويقرر العودة  ويقدم نشاطه محليا ، لاعتقاده بان المزاج العام والتوجه الرسمي يطلب   نوعا من الاناشيد  لاعلاقة لها بالغناء والموسيقى والطرب ، ودليلهم في ذلك انقراض فرق الخشابة في البصرة ، وهم يخشون ان تصدر بحقهم مذكرات اعتقال او ملاحقة بتهمة الاساءة  لمنظومة المجتمع الاخلاقية والقيمية ، وليس هناك امكانية لتحقيق مقولة "فروها على العيساوي "  .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: محبة عراقية

العمود الثامن: بين مستشار ومستشار

العمود الثامن: فتوى المشهداني

هنري كيسنجر و"خادم الشعب"

قناطر: يومٌ خالص للسعادة

العمود الثامن: تجربة فشل!!

 علي حسين منذ صدور مذكرات الحاج إبراهيم الجعفري "تجربتي في الحكم" والذي أطلق على نفسه فيها لقب "النجاشي" تشبهاً بملك الحبشة، وهو "ملك لا يظلم عنده أحد" في الوقت الذي اجتاحت العراق أخطر...
علي حسين

كلاكيت: جين هاكمان غادر الجندية إلى الأوسكار

 علاء المفرجي عُثر على هاكمان ميتًا مع زوجته بيتسي أراكاوا وكلبهما في منزله في نيو مكسيكو، الولايات المتحدة الأمريكية. لم يُعلن عن سبب الوفاة، لكن الشرطة قالت إن الوضع "مثير للريبة بما يكفي"...
علاء المفرجي

الضربات الأميركية على الحوثيين تقرب الحرب مع إيران

ترجمة: فالح الحمراني تبدو العملية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد حركة الحوثي أنصار الله في اليمن بمثابة تحضير لهجوم شامل على إيران. وفي تصريح على موقع التواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، أشار رئيس...
د. فالح الحمراني

قصة إكسبو.. كنتُ شاهداً على "الشَّاهد"

رشيد الخيون لو شُيدت مدينة "إكسبو" في عصر أبي الحسن المسعوديّ (ت: 346هج)، وما حولها مِن عُمران وحياة آمنة، لذكرها في "مروج الذَّهب" مِن بناء سليمان بن داوود، لعجائبيَّة الحضارات القديمة، ظنوها شُيدت بخوارق...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram