TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أفكار اقتصادية "بطرانة"

أفكار اقتصادية "بطرانة"

نشر في: 12 أكتوبر, 2012: 05:34 م

يبدو ان مشروع توزيع فوائض العائدات النفطية ماض بشكل فعلي ومن المؤمل ان يرى النور قبيل نهاية هذا العام وذلك حسب ما صرح به احد اعضاء البرلمان والذي اضاف ان عملية التوزيع تشمل الوزراء والنواب واصحاب الدرجات الخاصة وان حصة الفرد الواحد ستصل الى حدود 400-500 دولار، ولا احد ينكر ان هذا المشروع يهدف الى توفير بعض المبالغ النقدية للفقراء ولكن السؤال هنا الى اي مدى سيكون هذا المشروع مفيدا لهم؟ ولماذا لم يشمل عيال الله فقط؟ وفي اطار اجابتي عن هذه الاسئلة اود ان اطرح بعض الافكار الاقتصادية "البطرانة".
بداية انا اتمنى لهذا المشروع النجاح ولكني خائف من مشكلة "الوهم النقدي" وهي الحالة التي تزداد فيها الاجور النقدية دون ان تقابلها زيادة في الاجور الحقيقية بفعل زيادة الاسعار وهكذا يتوهم الافراد بان احوالهم المعيشية قد تحسنت بفعل تحسن الاجور النقدية (او حصولهم على مدخول نقدي كما سيحصل مع هذا المشروع) دون ان يصاحب ذلك تحسن قدرتهم الشرائية وبالتالي عودتهم الى المستوى السابق او اقل، ولكي ينجح هذا المشروع ما الذي يضمن بقاء الاسعار عندنا على حالها؟
من جانب اخر تقول النظريات الاقتصادية ان الميل الحدي للاستهلاك لدى الفقراء هو اكبر منه لدى الاغنياء لانهم لم يصلوا بعد الى مستوى الاشباع من السلع الضرورية ولذلك هناك بعض الاقتصاديين ممن يطالب بتقليل الضرائب المفروضة على الاغنياء لكي يقوموا باستغلال ثرواتهم في مجال الاستثمار ويبدو ان المشروع قد اخذ بهذه الحقيقة والا فما الداعي لشمول الوزراء والنواب واصحاب الدرجات الخاصة؟! او اننا لا نملك احصائية دقيقة عن الفقراء وهنا المصيبة اعظم.
ان بعض الاقتصاديين يؤيدون هذه الالية (وهي مطبقة في بعض الدول) ويذهبون ابعد منها حيث يرون بان الجهات المعنية عجزت عن تنفيذ المشاريع الاستثمارية وبالتالي يعتقدون باهمية توزيع حصص مالية اكبر من الواردات على المواطنين في مقابل خصخصة كل قطاع الخدمات وزيادة الضرائب لكي يقوم المواطن بشراء ما يريد منها لكن هذه المرة بالتاكيد باسعار اعلى بسبب رفع الدعم الحكومي،ولكن في المقابل هناك من يرى ان هذه المبالغ لو أضيفت الى الموازنة الاستثمارية لكان يمكن ان تحقق لنا عوائد اقتصادية افضل وعلينا ان نشجع الاستثمار وليس الاستهلاك.
الى جانب ما تقدم هناك نظرية سياسية تعرف بـ "الركوب المجاني" مفادها ان على الفرد القيام ببعض الواجبات في مقابل الحصول على بعض الحقوق السياسية وعادة ما يتم الربط بين موضوع دفع الضرائب وحق الانتخاب وبالتالي فان ما يحدث في العراق من حق التصويت مع الاعفاء الضريبي يمثل ركوبا مجانيا ويرى البعض ان توزيع الفوائض المالية سيعمق من ظاهرة الركوب المجاني كما سيصعب من قدرة الدولة على اقناع المواطن مستقبلا للقيام بواجبه تجاهها.
في النهاية انا متاكد ان هذه الافكار لن تكون مثار اهتمام لا الفقراء لان جلهم يؤمنون بشعار "عيشني اليوم" ولا الاغنياء لان الكثير منهم يؤمنون بشعار "زايد خير" وكل الذي اقترحه ان يتم استبدال المشروع بمشروع اخر في اطار ما يعرف بالصناديق السيادية والتي تعني ببساطة ايداع هذه الاموال ضمن صناديق سيادية لاستثمارها وبذلك نضمن عدم ضياعها اذا ما وزعت بسبب الارتفاع المتوقع للاسعار كما نضمن عدم ضياعها (بسبب سوء التنفيذ والفساد) اذا لم توزع وذهبت الى المشاريع الاستثمارية، وكل ذلك يبقى مجرد افكار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: براءة نور وتابعه هيثم !!

العمود الثامن: نشيد عالية وأخواتها!!

الذين يتمسحون بأذيال السيستاني

العمود الثامن: ألف حزب وحزب

العمود الثامن: من أين لك هذا ؟

العمود الثامن: في محبة المرأة

 علي حسين أصبح العالم اليوم مسكونًا بشيء اسمه المرأة، فلم يعد من الممكن تشكيل برلمان أو حكومة في أي بقعة من العالم من دون النساء، ذهب العصر الذي كانت تشكو فيه سيمون دو...
علي حسين

قناديل: اليسار الجديد: أصولية عابثة وعُصابٌ جمعي

 لطفية الدليمي تتكرّرُ على مسامعنا كثيراً عبارةٌ قالها (غوبلز) وزير الدعاية النازية: كلّما سمعتُ كلمة (الثقافة) تحسّستُ مسدّسي. اليوم صار كثير ٌ منا يتحسّسُ رائحة أزمة عالمية النطاق كلّما سمع مفردة (الجديد) ملحقةً...
لطفية الدليمي

قناطر: مسلسل معاوية... جرُّ القناعات الى مسلخ الأوهام

طالب عبد العزيز مع أنَّ كلَّ تعريف للتأريخ يرجع الى وجوب توافر الوثيقة، إذْ لا تأريخ بدون وثيقة، إذْ أنه الأحداث والوقائع التي تقدّمها لنا الوثائق والمصادر، كما تعرف كلمة 'التاريخ' في اللغة العربية...
طالب عبد العزيز

جامعة بغداد، منارة العلم والمعرفة في قلب العراق

محمد الربيعي جامعة بغداد صرح علمي شامخ، واحد ابرز منارات المعرفة في العراق والعالم العربي. تاسست عام 1957، لكن جذورها تمتد الى بدايات القرن العشرين مع تاسيس كليات الحقوق والطب والهندسة. لعبت الجامعة دورا...
د. محمد الربيعي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram