TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ومَنْ للعراقيين الغلابى؟

ومَنْ للعراقيين الغلابى؟

نشر في: 23 ديسمبر, 2012: 08:00 م

أقرّ القائد العام للقوات المسلحة (رئيس مجلس الوزراء) عبر مكتبه بأن القوة التي اعتقلت عدداً من أفراد حماية وزير المالية رافع العيساوي لم تتصرف بمهنية. طبعاً هذا تعبير مخفف ومخاتل، فعدم التصرف بمهنية من قبل قوات أمنية مسلحة لا معنى له إلا أن هذه القوة قد تصرفت بوحشية وجلافة وبانتهاك لأبسط حقوق الإنسان. وأكاد أجزم أن القوة الأمنية التي أرسلت لتنفيذ أمر الاعتقال تعاملت بسوء تصرف وأخلاق مع المعتقلين إلى درجة ان القائد العام لم يستطع الا أن يتبرأ علناً من فعلتهم، وقبله اضطرت وزارة الداخلية للإعلان عن انها اعتقلت المجموعة للتحقيق معها في سوء تصرفها.
قبل اقرار القائد العام وإعلان الداخلية كان العيساوي قد عقد مؤتمراً صحفياً بحضور عدد من رفاقه في القائمة العراقية ألقى خلاله بياناً غاضباً شديد اللهجة ضد القوة الأمنية المسلحة التي قامت بالاعتقال وضد رئيس الوزراء بوصفه المسؤول الأعلى عن الأجهزة الامنية كلها. واغلب الظن ان القائد العام ما كان سيعترف بعدم مهنية قواته وان وزارة الداخلية ما كانت ستعتقل القوة الأمنية وتحقق معها في عدم مهنيتها لو لم يعقد الوزير العيساوي مؤتمره الصحفي ذاك ولو لم  يفصح عن غضبه العارم حيال فعلة القوة الأمنية.
تصرف القوة الأمنية ليس فريداً من نوعه فمثله يحصل يومياً في مناطق عدة من البلاد. الفرق ان هذا الذي يحصل يومياً يطاول مواطنين عاديين مغلوباً على أمرهم يخشون سوء المصير اذا ما رفعوا أصواتهم كما فعل الوزير العيساوي المحمي بقائمته وطائفته، فالكثير من المواطنين يعتقلون يومياً ويتعرضون للاهانة والتعذيب، بالطريقة ذاتها التي كانت أجهزة أمن النظام السابق تتبعها مع المشتبه في معارضتهم للنظام، كما لو ان نظاماً دكتاتورياً لم يسقط وان نظاماً ((ديمقراطيا)) لم يحل محله.
بالتأكيد ما كان أفراد القوة الأمنية التي لم تتصرف بمهنية مع حماية العيساوي سيتجرؤون على فعل ذلك لو كانوا يعرفون أن قادتهم سيعاقبونهم إن فعلوا ذلك، وهؤلاء القادة ما كانوا سيدعون عناصرهم يتصرفون بعدم مهنية لو كانوا يدركون ان قيادتهم العليا لا تقبل بذلك ويمكن ان تعاقبهم عنه.
في مرات عدة سابقة رأينا بأم العين وعبر شاشات الفضائيات ان القوات الأمنية تتصرف بعدم مهنية مع المواطنين، ليس فقط عند اعتقالهم وانما أيضا اثناء ممارستهم حقوقهم الدستورية ومنها الحق في التظاهر.
في شباط ٢٠١١ وبعده خرقت القوات الأمنية أحكام الدستور وانتهكت مبادئ حقوق الانسان باستخدامها القوة الغاشمة ضد المتظاهرين السلميين، وما كان بإمكانها فعل ذلك لو لم تتلق الضوء الأخضر من قياداتها.. بل إن إشارة البدء جاءت من القائد العام نفسه بوصف المتظاهرين قبل أن يخرجوا في مظاهراتهم بأنهم بعثيون وإرهابيون بينما اضطر لاحقاً إلى الإعلان عن أن مطالبهم مشروعة ووعد بتحقيقها.. ولم تتحقق بالطبع حتى اليوم!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram