متابعة/ المدى لم تأت كاتي كاهيل أبداً إلى العراق، لكنها صرخت بعد استنشاقها هواء العراق: "يا إلهي لم أر هواءً بهذا السوء من قبل"!.وإذا كانت منظمات البيئة العالمية صنفت مؤخراً بغداد، بأنها واحدة من أقذر المدن في العالم، فان باحثة في الكيمياء الجوية اعتبرت العراق المنطقة الأكثر تلوثاً في العالم.
وتزودها الاسطوانة المتفحمة للعينات الموجودة في حاسوبها في جامعة الاسكا فيربنكس بتشخيص حي عن قلب مدينة بغداد.وهذه الآلة التي تبدو مثل حقيبة سوداء كبيرة الحجم بغبار متطاير مجهول وطبقة سوداء من الغبار الأسود، ولكنها مكسوة باسطوانة بثمانية فلترات بحيث تجعلها مشهودة تماما. وهذا النموذج أعيد إلى الجامعة بعد جولة في العراق، حيث تم اختبار الهواء في كامب فيكتوري في بغداد.وهناك خطوط سود سميكة تظهر تلوثا صناعيا ثقيلا، يغطي كل واحد من تلك الفلترات، وهي مكسوة بشريط منور ساطع يظهر عاصفة رملية تغطي المنطقة وتغمر الجهاز المذكور. وكاهيل "أستاذ مساعد" للكيمياء الجوية في الجامعة المذكورة، وتقول انه مشهد منذر بخطر، حتى بالنسبة لشخصية قضت معظم حياتها تحت غيمة ثلجية في فيربانكس. وهي لا تزال تستذكر صدمتها عندما فحصت للمرة الأولى احد الفلترات التي أعيدت في سنة 2008.في حينها قالت "يا الهي، لم أر نموذجا أبدا بهذا السوء". وقد تضمنت مشهدا ملوثا للهواء الذي يتنفسه آلاف الجنود الاميركيين وملايين العراقيين في كل يوم. وهي أيضا قطعة أخرى من الأدلة التي تأمل كاهيل بأنها ستوضح التحديات التي تواجه الأشخاص الذين يتعرضون لمثل هذه الظروف.وفي دراستها لثلاث سنوات التي خصصتها لدراسات العراق، تقول كاهيل بأنه الهواء الأسوأ الذي رأته خلال عقود من البحث في كل أرجاء العالم. وتقول:"الشرق الأوسط واحد من أوسخ الأمكنة على الأرض".وبحسب جيف ريشاردسون الباحث الستراتيجي في صحيفة فير بنك، فان شروط نوعية الهواء التي واجهها أفراد الجيش في العراق كان محل قلق منذ نهاية سنة 2003 على الأقل، حينما بدأ الكابتن مارك لايلز من كلية الحرب البحرية بجمع نماذج سطحية من الغبار الذي بدا انه يغطي كل شيء في العراق. وقد أبدى لايلز، وهو باحث طبي من مجموعة الأسنان في الأسطول، قلقه من أن الوسائل الطبية قد دمرت بواسطة السخام، وقد أرسل تلك النماذج للتحليل، ووجد أن الغبار هو مختلف عن أي شيء قد يواجهه الجنود بعد عودتهم إلى الولايات المتحدة.وقال أن دقائق الغبار النموذجية في العراق هي اصغر من خلايا الكرات الحمر الدموية، وقد يتضمن نموذجا منها، الكثير من المعادن الثقيلة المختلفة، والبكتريا والفطر. ويقول لايلز بان الظروف الطبيعية للجنود في الشرق الأوسط – حيث يعملون في أجواء حارقة في الوقت الذي يقتنون الكثير من المعلبات – يجعلهم يبتلعون باستمرار كمية كبيرة من الهواء المغبر. وقال لايلز بان الجيش لم يتوصل إلى وضع رسمي حول عواقب الهواء الوسخ. وهو شخصيا يعتقد بان العناصر التي يضمها الهواء قد تساهم في الأمراض التنفسية الشائعة ومتلازمات حرب الخليج بين المحاربين القدماء. وقد ساعدت اكتشافاته في الحث على بحوث أخرى حول خصائص الهواء في العراق، ومن ضمنها برامج كاهيل التي تكلفت ثلاثة ملايين دولار مع مختبرات بحوث الجيش والتي دشنت من خلال مشاركة السيناتور تيد ستيفنس. ومنذ شهر شباط 2008، فان فلتراتها فيها نماذج من الهواء من عدة مصادر في العراق وأفغانستان. وتقول كاهيل بان كل دراسة من كلا المصدرين تثبت وتقرب النتائج السابقة. وقالت: "أنت حصلت على حزمة من أفراد مختلفين وقد توصلوا جميعا إلى النتائج نفسها". وفريق كاهيل الذي يضم أيضاً طالبة الدراسات العليا في الجامعة نفسها، جنيفر بيل و تود فورتن، حللوا نماذج 28 عنصرا، وبعضها مثل الكبريت وبعضها يمكن ان يكون نتيجة صناعات معينة – تقول كاهيل بان الاستعمال الشائع للبنزين الرصاصي نفايات المعامل الوسخة هي بالتأكيد وراء بعض من هذه المشاكل. ولكن المسألة معقدة جداً في نسبتها إلى صناعة معينة او مصدر عسكري بحد ذاته. وتقول كاهيل: "إن المشكلة مع كل ذلك هو انه ليس هناك حل سهل، لأنه يأتي من كل مكان". وتظهر العواصف الرملية الشائعة بكونها تساهم بالنتيجة إلى عقود من النشاطات العسكرية في الإقليم. ويقول لايلز بان القشرة الطبيعية التي تبقي غبار الصحراء في حالة السكون، قد تم تدميرها بعدد لا يحصى من الدوريات والقوافل، والتي زادت بشكل مفاجئ كمية الغبار المتطاير. والمقاييس الفدرالية في الولايات المتحدة للتلوث في كميات الغبار هو 35 ميكروغراما من جزئيات لمتر المربع الواحد خلال فترة 24 ساعة، ولكن كاهيل تقول انه حتى المقاييس المرنة العسكرية لـ 65 ميكروغراما هي حتى متفوقة الدرجة، ولاسيما في الصناعة الثقيلة العراقية. وحتى المستويات في حدها الأعلى لـ 500 ميكروغرام هي متجاوزة تلك المقاييس في العواصف الرملية.
باحثون أميركيون: بغداد خانقة .. وتلوثها يجعلها الأسوأ في العالم
نشر في: 8 يوليو, 2011: 08:53 م