TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > مخاطر انتشار الأمية بين الشباب

مخاطر انتشار الأمية بين الشباب

نشر في: 24 ديسمبر, 2012: 08:00 م

عبد الستار ياسين أحمد
 إن الأمة الجاهلة، كالإنسان الأصم والأبكم والأعمى، لا تسمع ما يقال ولا تبصر ما قد قيل، فهي بمعزل عن الدنيا وأحوالها وعن مجريات النهوض وتيارات الرقي، تقتنع من الحياة بالأكل والشرب والنوم. فالأمية مرض خطير ينهش أرواح الشعوب ويبقيها أسيرات الظلمة المدمرة، وهي كظاهرة التصحر، كلما أهملت   تفاقمت مشاكلها وما تسببها من ضرر للبيئة والمجتمع، ولا يمكن إقامة دولة عصرية لمجتمع ما ربع سكانه أميون.

مشكلة الأمية، لم تعد مشكلة تعليمية بحد ذاتها، بل هي مشكلة ذات تبعات اقتصادية واجتماعية خطيرة في احتضان التخلف والجهل والفقر والبطالة. والمقصود بالأمية حسب تعريف منظمة ( اليونسكو ) لسنة 1958، "الأمي هو ذلك الشخص الذي لا يستطيع أن يقرأ أو يكتب بياناً بسيطاً وموجزاً عن حياته اليومية، ويعد أمياً كل من تجاوز عمره سن القبول بالمدارس الابتدائية ولم يلتحق بها، ولا توجد لديه المهارات الأساسية للتعلم التي تمكنه من القراءة والكتابة"، وهناك تعريف آخر: "الشخص الذي يعجز عن التواصل مع غيره، خارج الخطاب الشفوي"، فالأمية بصورة عامة هي صفة لكل فرد يجهل معرفة الأشياء ومسمياتها والرموز والحروف وكتابتها وأشكالها ودلالاتها.
وقد كشفت وزارة التخطيط في عام 2011 أن شباب العراق من الذكور والإناث يعاني من الأمية بنسبة محزنه تصل إلى حوالي 40%،  في حين أعلن العراق في عام 1990 خلوه من الأمية بناءً على تقارير وزارتي التخطيط والتربية ومنظمة اليونسكو آنذاك، وإذا بحثنا عن أسباب ارتفاع نسبة الأمية خلال العقدين الأخيرين من الزمن لوجدنا الأسباب الآتية:
عجز النظام التعليمي عن استيعاب جميع الأطفال الذين هم في سن التعليم الابتدائي، وذلك بسبب ازدياد نمو السكان السريع من ناحية وقلة الموارد المالية لإنشاء عدد كافٍ من المدارس، وعدم كفاءة الكادر التدريسي في معاملتهم مع الأطفال وخاصة عن طريق استخدام القسوة والضرب، مما يدفع بالطلاب إلى ترك المدرسة. الوضع الأمني القلق. والوضع الاقتصادي للعائلة العراقية مما يدفع بالكثير من الأطفال لترك الدراسة والعمل للمساعدة في إعالة عوائلهم أو إعالتها بالكامل.
ضعف مستوى الأسرة الثقافي والتربوي، وقد دلت بعض الدراسات إن لوجود أفراد الأسرة غير المتعلمين صلة كبيرة في ظاهرة الإهدار والتسرب. عدم تكيف التلميذ (في الصفوف الأولى من الدراسة) على بيئة المدرسة لارتباطه بالأسرة.
الرسوب عامل مهم ورئيسي مرتبط بالتسرب، ويعود الرسوب إلى عدة عوامل مختلفة أهمها؛ عدم كفاءة المعلمين في إيصال المادة التعليمية إلى الطالب، واللامبالاة بالتعليم، ونظام الامتحانات، كذلك عدم جدية التلاميذ في الدراسة، وكثرة أعدادهم في الصف، وبعد المدرسة عن محل سكناهم. وكثير من المدارس أبنيتها قديمة ومزدحمة بالطلاب وعدم توفر الخدمات فيها.  
والوضع السياسي القلق من أهم الأسباب التي يتأثر بها المجتمع العراقي، ومن ثم الأسرة والفرد. ونحن نعلم ما مر به العراق ومازال من أزمات أثرت على الساحة السياسية من عدم اقتراب الرؤى بين القوى السياسية التي تحكم البلد، مما أدى إلى تأخر وتعثر القوانين والقرارات المهمة التي تخص جميع مجالات الحياة.
ولا شك أن محاربة الأمية تنمي الوعي لدى الفرد بأهمية الانتماء الوطني، ويستطيع الفرد المتعلم الحصول على المعلومات التي تساعده على الانتفاع من التقدم العلمي المعاصر بما يساعده على محو أميته الحضارية، واكتساب التكوينات المعرفية التي ترفع مستوى إنتاجه وتحسن ظروف معيشته.
  يجب سن وتشريع قوانين لمكافحة الأمية وتشكيل لجان متخصصة لدراسة ظاهرة التسرب التي تشهدها المدارس وتحديد أسبابها وسبل معالجتها ،و معالجة النواقص التي تعانيها المدارس لكافة المراحل في ما يتعلق بالبيانات وتعيين كادر تعليمي متخصص ذي كفاءة عالية  في التعامل مع الطلبة، وبالأخص في مراحل التدريس الأولية، من حيث العدد والمضمون.كما  يجب أن تشرك العائلة في المتابعة والتعليم والمراقبة والإسهام في معالجة المعوقات التي يواجهها أبناؤهم أو إدارات المدارس أيضاً. وأن يكون للإعلام دوره الحضاري والواضح في معالجة هذه الظاهرة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

إسرائيل تهدد لبنان: لن نسمح بالعودة الى واقع 7 اكتوبر

بعد العيد.. اتحاد الكرة: سنحسم ملف مدرب المنتخب الوطني

حزب الله ينفي صلته بقصف شمال فلسطين

الجيش السوداني يعلن السيطرة الكاملة على الخرطوم

الأنواء الجوية تصدر تقريراً بحالة طقس العيد: حالة من عدم الاستقرار

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سافرات العبادي

العمود الثامن: غزوة علي الطالقاني

قناطر: البصرة في جذع النخلة.. الطالقاني على الكورنيش

كيف يحرر التفكير النقدي عقولنا من قيود الجهل والتبعية؟

العمود الثامن: العدالة على الطريقة العراقية

العمود الثامن: السعادة على توقيت الإمارات

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجزعن مواجهة واقع يسير بنا إلى...
علي حسين

كلاكيت: عن (السينمائي) وعبد العليم البناء

 علاء المفرجي علاقتي مع (السينمائي) لها حكاية، تبدأ من اختياري لها لكتابة عمودي (كلاكيت) منذ عددها الأول، ولا تنتهي بعددها الأخير. ولئن (السينمائي) تحتفل بعشريتها الأولى، كان لزاما عليّ أن أحتفل معها بهذا...
علاء المفرجي

تركيا تواجه التحول الجيوسياسي الناجم عن عودة دونالد ترامب إلى السلطة

جان ماركو ترجمة: عدوية الهلالي في الأسابيع الأخيرة، ومع ظهور الديناميكيات الجديدة للجغرافيا السياسية لترامب، تركز الاهتمام إلى حد كبير على اللاعبين الرئيسيين في الساحة الدولية، بدلاً من التركيز على دول الطرف الثالث التي...
جان ماركو

منطق القوة وقوة المنطق.. أين يتجه صراع طهران وواشنطن؟

محمد علي الحيدري يبدو أن ملف التفاوض بين إيران والولايات المتحدة دخل مرحلة جديدة من التعقيد، ليس بسبب طبيعة الخلافات القديمة، بل نتيجة تبدّل ميزان القوى الإقليمي والدولي، الذي بات يفرض مقاربة مختلفة عن...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram