TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الإعلام العربي وسط رياح التغيير

الإعلام العربي وسط رياح التغيير

نشر في: 9 يوليو, 2011: 09:04 م

محمد صادق جراد يعاني الإعلام العربي في ظل الأنظمة الدكتاتورية ومنذ عقود طويلة مشكلة عدم التواصل مع الجمهور لا سيما الشباب الذي أدرك بان هذا الإعلام لا يمثل سوى النظام الحاكم ولا يعكس سوى ما يريده هذا النظام ,الأمر الذي جعل الإعلام يمر بأزمة حقيقية تمثلت بفقدانه الدور المؤثر في صناعة الرأي العام إضافة إلى ضعف التأثير بالمتلقي فتوجه هذا المتلقي وخاصة الشباب إلى وسائط أخرى أكثر حداثة واجتماعية وأكثر قدرة على تلبية طموحاته، وفي نفس الوقت أكثر قدرة على المرور من بين يدي الرقيب السياسي .
وفي ظل التجارب الديمقراطية والتحولات التي تشهدها الساحة العربية أصبح واضحاً للجميع بأن الأنظمة الدكتاتورية استخدمت الإعلام  كإحدى الوسائل المساعدة للسيطرة على المشهد الثقافي والاجتماعي والسياسي في بلدانها من خلال الترويج لأفكار النظام ودعم سياساته إعلامياً ومحاربة الأفكار المناهضة له بشتى الوسائل وبكل الطرق المشروعة وغير المشروعة .ومن الأهمية بمكان أن نتساءل اليوم بعد سقوط الأنظمة الدكتاتورية في العراق ومصر وتونس عن طبيعة العمل الإعلامي بعد السقوط وهل هناك جهة يمكن ان تحل محل الأنظمة الدكتاتورية في السيطرة على الإعلام او التأثير فيه في ظل التجارب الديمقراطية والمفاهيم الجديدة ومساحة الحرية الكبيرة التي وجد الإعلام في هذه الدول نفسه إزاءها؟.يمكننا الإجابة عن هذا السؤال من صميم التجربة العراقية باعتبارها التجربة الأطول عمراً حيث سبقت التجارب الأخرى بسنوات طويلة، ولقد كان الإعلام ووسائله التي كانت تعمل في زمن النظام البعثي تعيش تحت سيف الرقيب الذي كان عتيداً في رقابته ثم تحوّل من مجرد رقيب الى جهة تحمل فكراً وأيدلوجيا السلطة، فمنع الكتابة بصورة كاملة وأصبح يكتب ما يريد هو ومن يسير وفق توجهات النظام في ظل غياب السلطة التشريعية والنقابات والمنظمات التي يمكن أن تحمي وتنظّم العمل الإعلامي في دولة يحكمها نظام شمولي قد أحكم السيطرة على جميع مؤسسات الدولة وسلطاتها وجعل من الإعلام بوقاً له ولحزبه الحاكم بعد ان تمكن من تسييسها لصالحه والقضاء على كل من يقف بوجهه من منتسبيها . وبالتأكيد هذا الكلام ينطبق على جميع الأنظمة العربية التي كانت تسير على نفس الخطى وتتبع ذات الأساليب التسلطية .ولقد تابع الجميع كيفية انهيار النظام المباد في العراق وانهيار جميع مؤسساته القمعية وكذلك المؤسسة الإعلامية لتنطلق التجربة الديمقراطية وتمنح الإعلام مساحة كبيرة من الحرية ولتتخلى السلطة عن دور المسيطر والموجه للإعلام الحر كجزء من واجبها الأخلاقي تجاه التحوّل الديمقراطي ليكون حراً خارج دائرة التسلط والهيمنة الحكومية.إلا ان هذا التطور الإيجابي جعل الفرصة سانحة لبعض الجهات الحزبية لتسييس إصداراتها باتجاه المصالح الضيقة بالإضافة الى تدخلات خارجية لدعم وتمويل بعض المؤسسات الإعلامية لأدلجة سياستها وتنفيذ أجنداتها التي تتعارض مع المصلحة الوطنية في ظل غياب القوانين والتشريعات التي تحد من هذه التدخلات. وبينما يعيش الإعلام العراقي فجره الجديد يترتب على منتسبيه توضيح موقفهم من التغيير والعمل وفق المعايير الصحفية التي تضمن استقلاليتهم المهنية تجاه المتغيرات المجتمعية وتجاه المفاهيم الجديدة التي يتعامل معها المتلقي لأول مرة . هذا من جانب ومن جانب آخر تبقى النقابات والمنظمات الإعلامية مسؤولة بالدرجة الأولى عن بناء النظام الداخلي باتجاه التوافق مع النظام الجديد إضافة الى الضغط على المؤسسة التشريعية لإصدار القوانين والتشريعات الخاصة بالإعلام وحمايته وتنظيم عمله، حيث نجد أن السلطة التشريعية( البرلمان)  وبعد سنوات طويلة من العمل لم تنجح في تشريع قوانين تنظم العمل الإعلامي وتوفر الحماية للعاملين فيه مثلما فشلت أيضا في تشريع قوانين مهمة في حياة المواطن في مجالات الأحزاب والمنظمات الأمر الذي يفرض على السياسيين أن يزيدوا من همتهم من اجل الضغط على السلطة التشريعية الغائبة عن ممارسة دورها التكاملي مع السلطات الأخرى التنفيذية والقضائية إضافة إلى السلطة الرابعة لتواكب مرحلة التغيير والتحول الديمقراطي الذي لا يمكن أن ينجح بدون هذه التشريعات .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram