اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > التحرّش ذريعة المنع..متنزهات بغداد... ترفض الشباب وتصرخ (للعوائل فقط)

التحرّش ذريعة المنع..متنزهات بغداد... ترفض الشباب وتصرخ (للعوائل فقط)

نشر في: 24 ديسمبر, 2012: 08:00 م

تعدّ المتنزهات من الأماكن الترفيهية التي يمكن للمواطن أن يقضي وقتاً جميلاً وممتعاً فيها، بعيداً عن ضغط العمل اليومي أو المشاكل والهموم التي يواجهها، لكنها في العراق بدت حكراً على فئة معينة وهي العوائل، أما الشباب فيتم منعهم من قبل إدارات المتنزهات بداعي (التحرش)، مما جعلهم يبدون امتعاضهم الشديد من إلصاق هكذا تهمة عليهم دون التفريق بين الجيدين والمسيئين.
أرض المرح وتفاهة الاستقبال
بداية انطلاقتنا كانت من متنزه (أرض المرح) في منطقة شارع فلسطين ببغداد، حيث التقينا ومنذ دخولنا باب المتنزه بشاب ادّعى بأنه ابن اخ صاحب المتنزه، وسألناه عن سبب رفض الشباب وتخصيصهم المتنزه المذكور للعوائل فقط، فأجاب وبجملة واحدة (شبابنا يتحرشون بالبنات) ولا أعلم هل هو من ضمن الشباب ام استثنى نفسه فقط وجعل الشباب كلهم فاسدين، وبعد الشد والجذب في الحديث معه تهجم علينا وبصريح العبارة قائلاً : ( موضوعكم تافه ولا يخدم الشباب ) !!! بعد ذلك طلبنا شخصاً يجيد التحدث بعيداً عن الخبير في شؤون الصحافة (الذي وصف الموضوع بالتافه) ، ليأتي شخص من داخل المتنز هو عرّف عن نفسه بأنه المحاسب الرئيس للمتنزه ، حيث أجاب عن سؤالنا بأن إدارة المتنزه فرضت هذه التعليمات وهو اجتهادها الخاص وليس هناك من جهات رسمية أصدرت مثل هذه التعليمات والسبب هو لإشعار العوائل بالطمأنينة بعيدا عن قلقهم من وجود شباب قد يتعرضون للعائلة بسوء.
وأضاف محاسب المتنزه بأنه وفي بداية انطلاق العمل تم فتح باب الدخول للجميع سواء العوائل أو الشباب، ولكن حدثت كثيرٌ من المشاكل وصلت إلى حد التحرش الجنسي ، مما دعانا الى تخصيصه للعوائل فقط .

كورنيش الأعظمية والأجواء الرائعة
توقفنا عند (كورنيش الأعظمية) وقد فرحنا حقيقة بحفاوة الاستقبال من قبل مدير الشركة المستأجرة للمتنزه (حيدر) والذي كان مثالاً رائعاً للمسؤول المتفهم لمهنة الإعلام، حيث تحدث السيد (حيدر) بأن هذا المتنزه يعود إلى وزارة النقل وهي لا تفرض علينا أي شروط، وإنما قرار المنع بعدم دخول الشباب جاء بطلب من العوائل العراقية حيث أن أكثر الشباب عندما يأتون الى هذه المتنزهات ليس للترفيه ولقضاء أوقات ممتعة وإنما لمشاهدة البنات والتحرش بهن مما يسبب إزعاجا وإرباكا للعائلة التي سوف تترك هذا المكان إن تجددت هذه الأفعال غير الأخلاقية .
وأضاف السيد(حيدر) بكل صراحة بأنني ارغب بدخول الشباب الى المتنزه وذلك لان إيراداتها المادية سوف تزداد كثيرا في اليوم الواحد، ولكن حرصاً على العائلة ولتحقيق ملاذ آمن لها تم اتخاذ هذا القرار .
وعن سؤالنا بعدم وجود تحرش في المتنزه الذي يملكه في ظل تخصيصه للعوائل فقط ، أجاب بأن المكان لا يخلو من التحرش ولكن بنسب ضئيلة جداً عما في الأماكن العامة المفتوحة للجميع.

تقييد لحرية الشباب
أما عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان الدكتورة بشرى العبيدي فقد دعت إلى ضرورة إلغاء هذا القرار؛ لما تجد فيه خرقاً سافراً للدستور الذي يضمن الحريات العامة والحق في التنقل، خصوصاً وأن المنع لا يعالج الخطأ وإنما ينتج عنه خطأ أكبر منه.
مضيفةً بأن المبدأ الإنساني والقانوني يقرر أن الأصل في الإنسان البراءة من التهمة، وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، فكيف نجعل هذا المبدأ في ظل النظام الديمقراطي يصبح الأصل في الإنسان الإدانة، وأن الإنسان متهم حتى تثبت براءته.
مطالبة بضرورة وضع رقابة في هذه الأماكن يتخصص عملها على من يرتكب أفعال التحرش، وبالتالي يتم توجيهه ، وإذا تمادى في ارتكابه التحرش ، يتم عندها اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، مشيرة الى أن تعميم الجريمة على من ارتكبها وهو لم يرتكبها هذا بحد ذاته خرق وانتهاك كبير للقوانين والدستور.
بدوره طالب الإعلامي فاضل عباس بالسماح للشباب بدخول المتنزهات وعدم منعهم، لما لهذا المنع من تقييد للحريات حسب قوله، ويضيف بأنه من الضروري على إدارة المتنزهات وضع تعليمات ولوائح وقوانين تسمح من خلالها للشاب بالدخول، وتحاسبه إن أساء التصرف، فضلاً عن إمكانية فرض غرامات مالية وعقوبات مثل التوقيف بسبب التحرش، ونشر صور المتحرشين في الصحف من باب تعريف المجتمع بقلة أدبهم وسوء تصرفاتهم .

تفعيل دور الشرطة المجتمعية
الدكتورة (شيماء عبد العزيز) باحثة في علم الاجتماع ترى بأن منع الشباب من دخول المتنزهات وتخصيصها للعوائل فقط أمرٌ غير صحيح ومن شأنه توليد ردة فعل غير جيدة لديهم، لأن الشاب بعد هذا المنع سوف يبحث عن أماكن بديلة مثل (مقاهي الانترنت، كازينوهات) لقضاء وقت فراغه، وقد تكون هذه الأماكن أكبر من عمر الشباب أو مستواه الثقافي وبالتالي يكتسب صفات وسلوكيات خاطئة ، بينما إذا تم السماح للشباب بالدخول إلى هذه الأماكن الترفيهية فإن الألعاب والأشجار الموجودة تخفف من حالة الضغط اليومي التي يمر فيها الشاب.
كما دعت الدكتورة شيماء أصحاب المتنزهات الى ضرورة تخصيص أماكن داخل المتنزه الواحد للطرفين (الشباب والعوائل)؛ لما لهذا الاختلاط من فوائد في تقليل الفارق بين الشاب والشابة، وبالتالي يسبب تفاهماً وتعاونا ورحمة في ما بينهم، فضلاً عن تفعيل دور الشرطة المجتمعية من خلال تواجدها بالقرب من هذه الأماكن، فعند وجود أي حالة تحرش من قبل الشاب تقوم هذه الشرطة بأخذ دورها ومحاسبته قانونياً.

خطر المتنزهات العامة
المواطن (أحمد فرج)  متزوج وله أولاد يقول: لقد أصبحت اغلب المتنزهات العامة في الفترة الأخيرة من اخطر الأماكن على العائلة العراقية بوجود نماذج من الشباب غير المثقف ويفتقر الى الأخلاق الكاملة وما رافقته من حالات تحرش بالعوائل المتواجدة هناك، مما تضطر أغلب المتنزهات والأماكن الترفيهية عن حظر دخول الشباب لهذه الأماكن والابتعاد عن المشاكل التي قد تحدث داخلها.
ويضيف باعتقادي الشخصي أن قرار منع الشباب من دخول الأماكن الترفيهية هو قرار صائب فاغلب شبابنا هذا الوقت يعانون من مشاكل عاطفية وعائلية تجعلهم يحاولون التحرش والمعاكسات وقد وصلت في بعض الأحيان إلى التحرش الجسدي وإجبار بعض العوائل على سماع كلمات بذيئة تخدش الأسماع.
أما لؤي مهدي فقد وقف إلى جانب قرار منع الشباب عادة إياه بالحل الصحيح خصوصاً وبحسب رأيه بان معظم الشباب لا يأتي للمتنزهات للترفيه وقضاء أوقات ممتعة وإنما للتخريب ، من خلال قيامهم بتجمعات راقصة على أنغام الآلات موسيقية صاخبة مما يسبب للعائلة ارباكاً وضياعاً لمتعة التنزه التي جاءوا من اجلها ،ناهيك عن عدم احترامهم لتلك العوائل سواء بالتحرش بهم او التلفظ  بكلمات بذيئة أمامهم والتصرفات غير اللائقة والمقبولة.
الشاب (ظفر المندوب) أجاب عن سؤالنا الذي يخص منع الشباب من دخول المتنزهات الأهلية، أجاب بأنه وبكل تأكيد مع هذا القرار كون اغلب العوائل العراقية ومع شديد الأسف تتعرض لمضايقات كثيرة عند خروجهم إلى أماكن الترفيه كالمتنزهات وغيرها من بعض الشباب وليس الجميع، مشيراً الى ان هذه الظاهرة بدت تستفحل في الآونة الأخيرة دون رادع قانوني لها.
 
ضرورة فتح متنزهات للشباب
أما (أسماء عبيد) فهي ترى بأن قرار منع دخول الشباب للمتنزهات الخاصة هو من جهته قرار صائب لأن أغلب العوائل لا تجد مكاناً تذهب إليه؛ لأنهم يخشون تعرض زوجاتهم أو بناتهم إلى التحرش من قبل بعض الشباب الطائش الذين يرتادون المتنزهات باستمرار، ولكنها من جهة أُخرى ترى أن من الضروري فتح متنزهات مخصصة للشباب حتى يتمكنوا من الترفيه عن أنفسهم وقضاء أوقات ممتعة.
ووضع الشاب عدي مرشد حلاً للمشكلة يقضي بضرورة تقسيم أيام الأسبوع على الشباب والعوائل من خلال تخصيص أيام محددة يتم السماح للشباب بالدخول فقط وأيام أخرى للعوائل في المتنزهات الأهلية التي تمنع الشباب من الدخول وذلك يضمن بحسب رأيه الحق للجميع سواء العوائل والشباب للتنزه وقضاء أوقات ممتعة دون ظلم يذكر لجنس معين.

التكنولوجيا.. وزيادة التحرّش
وسام محسن يرى أن واقع البلاد الحالي فرض أموراً عدة مثل البطالة وعدم مقدور الشباب على الزواج، وأيضا دخول التكنولوجيا الحديثة كالإنترنت والموبايل وعدم وعي الشباب بمضارها من خلال الاستخدام السيئ لها، داعياً بعض الشباب وخصوصا المراهقين منهم إلى تكوين أفكار غير جيدة عن الأنثى، وبالتالي فأي مكان تتواجد فيه العنصر النسوي يكون عرضة إلى المضايقات والتحرش مما دفع أصحاب المتنزهات إلى منع الشباب من الدخول تفاديا من حدوث مشاكل للأهالي الزائرة له.

التكدّس عند الكازينوهات ومقاهي الانترنت
تقربنا من الشباب الذي يعدّون المسبب الرئيس، وما يقومون به من أفعال وراء اتخاذ مثل هكذا قرار، فالبداية كانت من الشاب (أمجد احمد) الذي كان يجلس بصحبة رفاقه ويمسك (أركيلة) حيث توجهنا له بالسؤال الآتي: هل أنت مع أو ضد قرار منع دخول الشباب للمتنزهات؟ فأجاب والابتسامة تعلو وجهه قائلاً: أنا ضد هذا القرار طبعاً ، لأنه مجحف بحقنا خصوصاً وانه لا يفرق بين الشاب الجيد الذي يذهب إلى المتنزهات لقضاء أوقات ممتعة ولطيفة، وبين الشاب المسيء الذي يذهب إليها للتحرش بالنساء فقط والذي لا بد من محاسبته قانونيا كي يعلم الشباب الذين يدخلون هكذا مرافق ترفيهية بأن هناك رادعا  قانونيا يحاسبهم إن ارتكبوا هكذا أفعال.
بعدها تجولنا في أحد مقاهي (الانترنت) الذي وجدناه يعجب الشباب وخصوصا المراهقين منهم، وقد توقفنا عند (أثير رضا) الذي يبلغ من العمر 20 عاماً وسألناه عن سبب تواجده هنا، فأجاب قائلاً: أنا هنا لأقضي وقت فراغي خصوصاً وأن الكثير من المرافق الترفيهية المخصصة للشباب قليلة، فضلاً عن رفض المتنزهات الخاصة لنا بسبب قيام بعض الشباب بالتحرش بالعوائل، ويضيف بأنه يستغرب كثيراً من هذا المنع خصوصا وان نفس الشاب يتمتع بكامل الحرية عند دخوله إقليم كردستان في شمال العراق. بعدها التقينا بالشاب (ادهم إسماعيل) الذي ذكر بأنه يتحدث كثيراً مع أصدقائه الذين تعرف عليهم من غرف الدردشة ويقول: مرة سألني احد الأصدقاء من دولة الإمارات عن سبب تواجدي لفترات طويلة على الانترنت ، وعند إجابتي له بأن تردي الوضع الأمني وقلة المرافق الترفيهية وتخصيص الكثير منها للعوائل  دعته إلى الجلوس طويلاً للتحدث مع أصدقائه، ليجيب وبكل صراحة بان هذا القرار يعد (تخلفاً)، وأضاف بان من المفترض السماح للشباب بالدخول وإلزامهم بقانون ينص على توجيه عقوبات صارمة بحق  كل من يتحرش حتى لا يحرم الشباب الجيدين من الدخول، بالإضافة إلى ان مثل هكذا قانون سوف يحد وبشكل كبير من هكذا ممارسات ليس فقط في المتنزهات وإنما في الأماكن العامة الأخرى.
كما طالب السيد (خالد كريم) الجهات المسؤولة عن الشباب وخصوصاً وزارة الشباب والرياضة بضرورة وضع إستراتيجية لاستقطاب طاقات الشباب، وذلك من خلال فتح نوادٍ رياضية وثقافية من اجل تنمية ميولهم ورغباتهم وبالتالي يكتسب الشاب صفات جيدة بدلاً من الصفات والسلوكيات السيئة التي قد يكسبها عند التوجه إلى أماكن خاطئة لقضاء وقت فراغه.

نساء ضد القرار!
على خلاف المتوقع فإن كثيراً من العوائل العراقية هي التي طلبت منع الشباب من دخول المتنزهات لتوفير ملاذ آمن لها بعيداً عن التحرش، لكننا وجدنا عدداً من النساء اللواتي التقينا بهن ووقفن ضد هذا القرار، (فأم علي) التي كانت تتواجد في كورنيش الأعظمية بصحبة بناتها طالبت بضرورة إلغاء هذا القرار؛ لأنه يكوّن فجوة كبيرة بين الشاب والشابة التي سوف تكون مدعاة للتحرش إن وجدت في أي مكان آخر.
أما رجاء فطالبت بضرورة السماح للجميع بدخول المتنزهات حتى يتمتع الجميع بمشاهدة المتنزهات والتمتع بأجوائها، فمن غير الصحيح اتخاذ قرار بمنع الشباب من دخول المتنزهات بداعي التحرش، مضيفة بأن السبب الرئيسي وراء تفشي هذه الظاهرة هو بعض البنات وليس الشباب من خلال نوعية الملابس غير المحتشمة التي ترتديها، وأيضاً الأفعال غير الأخلاقية التي ترتكبها أثناء تجوالها في المكان، والتي تسمح للشباب بالتحرش بها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. سباهي

    هذه المشكلة متشعبة وقد يكون كلامي خارج وثائر على قوانين المجتمع التي التزم بها انا اولا لكن يجب ان يقال الحق ان السبب هو الشغف الجنسي المتكون لدى الشباب وذلك بسبب الفصل بين الذكور والاناث اذ اصبح مجرد التكلم مع انثى بالنسبة للشاب هو انجاز والعكس صحيح لكن

  2. سباهي

    هذه المشكلة متشعبة وقد يكون كلامي خارج وثائر على قوانين المجتمع التي التزم بها انا اولا لكن يجب ان يقال الحق ان السبب هو الشغف الجنسي المتكون لدى الشباب وذلك بسبب الفصل بين الذكور والاناث اذ اصبح مجرد التكلم مع انثى بالنسبة للشاب هو انجاز والعكس صحيح لكن

  3. محمدالهاشمي

    التحرش في متنزهات بغداد صحيح

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في دراجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram