الكتاب: إشراقاتالكاتب: آرثر رامبوترجمة: ابتسام عبد اللهالذين يعرفون رامبو جيداً، يتذكرون الصور الفوتوغرافية الرومانسية التي التقطت له، بعد أشهر من وصوله إلى باريس، وهو الـ17 من العمر- شاعر بوهيمي،له عينان زرقاوان باهتتان، نظرة إلى البعيد، ملابس متجهدة بإهمال. وفي الحقيقة، إن رامبو قدم هيئة جديدة للشاعر الذي ترك تأثيراً عميقاً على جيله من الشباب. وقد توقف رامبو عن كتابة الشعر وهو في الـ21 من العمر ولم يعد إليه ثانية، منصرفاً إلى أمور أخرى: التجارة، السلاح في أفريقيا.
ورامبو الذي أحاط الغموض بحياته، مات بعد إصابته بالسرطان، في مستشفى بمارسيليا عام 1891، وهو ما يزال في مقتبل العمر (37سنة) وكأنه في تلك الحياة القصيرة، عرف من الحياة وتجاربها المختلفة ما يعرفه شخص عاش طويلاً.إن معرفة أعمق برامبو، تكشف أن أسطورته لم تكن مخيّبة إن واحد من الشهب الفريدة والتي تترك ثورتها وهيجانها أثراً ساحراً في الناس، من الصعب تفسيره.ولد آرثر رامبو عام 1854 في شارلفيل، شمال شرق فرنسا، والده كان جندياً، اختفى من حياته وهو في الـ6 من العمر، توفق في دراسته، وأولى القصائد التي كتبها لم تكن بالفرنسية فقط بل اللاتينية واليونانية أيضاً، مهداة ومرسلة إلى ابن نابليون الثالث.وكان رامبو قد أعلن وهو في الـ16 عن نيّته بكتابة نمط جديد من الشعر، وعندما أصبح في الـ17، نجح في الهرب إلى باريس على نفقة الشاعر بول فيرلين، وأصبح آنذاك قادراً على تغيير العالم- على الأقل أدبياً. ونال الشهرة بسرعة: الشاعر الثوري الساحر الذي يتحدى عادات المجتمع والأخلاق، عبر القصائد التي يكتبها، وأيضاً عبر أسلوب حياته، مدمراً ذاته. وانتشرت قصائده (فاز بجائزة نيويورك في يوم اليتيم)، وتطوّر أسلوبه من قصيدة إلى أخرى بسرعة البرق.وفي باريس توطدت علاقته بالشعراء وخاصة بول فيرلين الذي كان معجباً به قبل أعوام، ونشأت علاقة خاصة بينهما. وتلك العلاقة العاصفة الطويلة، أنتجت شعراً من نوع خاص، انتشر في أوروبا كافة. وأحاطت الأقاويل برامبو وغدا موضوعاً مفضلاً للكتّاب، منذ 120 عاماً والى اليوم. واعتمد الكتاب على القصائد التي كتبها في حياته الشعرية القصيرة: رسائل وقصائد والـ100 بيت شعري تشكل،"الزورق الثمل"، كتبها وهو في الـ16 من عمره، و"موسم في الجحيم"- اعترافات نثرية، إضافة إلى القصائد النثرية"إشراقات"، وهي آخر ما مكتب.ومع أن الشك يتسلل إلى مدى صدق تلك المجموعة الأخيرة(1875) بسبب تنقلها من يد إلى أخرى قبل طبعها أخيراً في مجلة،"الفوغ"، بعد عشرة أعوام،(1886) وتتضمن،"اشراقات" (43) قصيدة تتراوح ما بين القصيرة (بضعة اسطر) أو طويلة تتكون من عدة أجزاء.وهي بشكل قاطع تعبر عن المرحلة الأخيرة من حياة رامبو، لا تحمل سمات الغموض التي شابت المراحل الأولى منها:صور غنية، وصف للريف وإشارات إلى أحداث تاريخية أو معان ميثولوجية.ويقول الناقد جون آشبيري كاتب هذه المقالة ومترجم"إشراقات إلى الانكليزية".إنه قرأ رامبو للمرة الأولى وهو في الـ16 من العمر، وأعجب بما كتب وخاصة:"عليك أن تكون عصرياً بشكل تام".ويضيف آشبيري، إن رامبو لو عاش في مرحلة السوريالية، لتفوق على رموزها وتحدى أفكارها وقوانينها، فهو اليوم، بعد مرور 150 عاماً على رحيله ما يزال مشرقاً، وأبيات الشعر التي كتبها، تعبّر بامتياز عن الشخصية المستقلة.وإضافة إلى جهد آشبيري في ترجمة قصائد،"إشراقات"، إلى الانكليزية، فإنه يضيف إليها، معرفة عميقة بالحياة الفرنسية لغة وثقافة وخبرة ترجمته للعديد من الأعمال الأدبية الفرنسية.عن/ النيويورك تايمز
رامبو: حياة غريبة وإشراقات
نشر في: 11 يوليو, 2011: 07:31 م