حسين علي الحمدانيالمشهد في اليمن يأخذ أبعاداً جديدة وقد يعود للمربع الأول وتتجدد دورة العنف الدموي بعد عودة الرئيس بشكل يختلف كثيراً،حروق وكسور ونبرة جديدة .ولم يتوقع أحد منا كيف سيكون حال الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بعد حادث الاغتيال؟ لم نكن نتصور شكل الرجل؟ لكن ظهوره يوم الخميس 7/7/2011 في كلمة متلفزة،ستكون هذه الكلمة بداية زلزال آخر سيضرب الحياة السياسية في اليمن الذي فقد سعادته منذ سنوات طويلة وسيفقد ما تبقى منها.
ورغم إن الإعلام والسلطة في اليمن كان هدفهما الأول من ظهور الرئيس هو التأكيد إنه بصحة جيدة رغم ما تعرض له من كسور وحروق بدت واضحة جدا لدرجة غيرت الكثير من ملامح الرجل وبقي صوته المعروف للجميع،لكن أن يكون بوضع صحي جيد لا يعني انه سيكون في موضع جيد سياسياً في بلد تتصاعد فيه الأحداث بقوة وتتصارع أكثر من جهة لإزالة هذا النظام.لكن للنظام رأي آخر،فهو يريد أن يثبت للعالم وللمعارضة اليمنية وللمبادرة الخليجية التي عُدلت أكثر من مرة ورفضت أكثر من مرة بأن النظام السياسي في اليمن يمتلك عناصر القوة وعناصر البقاء .وبالتأكيد فإن السلطة في اليمن وبهذا الشريط التلفازي أرادت أن تنفي كل الشائعات التي تداولها الناس في الأسابيع الماضية حول وفاة الرئيس وإمكانية انتقال السلطة للمعارضة أو حكومة انتقالية أو حتى انتقالها لنائبه الذي ظل يدير البلد بشكل صُوري في الفترة الماضية رغم سعيه لفتح أكثر من حوار مع قوى المعارضة من جهة، ومن جهة أكثر أهمية تذويب المبادرة الخليجية عبر السعي لمبادرة جديدة أحد أطرافها المهمة أمريكا التي أبدت علناً رغبتها ببقاء نظام صالح لأطول فترة ممكنة لأسباب عديدة أهمها دور هذا النظام في التصدي للقاعدة ولكونه يحظى بدعم عسكري في هذا المجال منذ سنوات طويلة.لهذا فإن أكثر من طرف أقليمي ودولي له مصالح في اليمن قد تكون متضادة لكنها في كل الأحوال تشكل نقاطاً لصالح النظام ، فأمريكا لا تبدو متحمسة لتغيير النظام وفي أسوأ الأحوال فإنها تريد الحفاظ على الجيل الجديد من أبناء عائلة الرئيس صالح في مواقعهم العسكرية والأمنية، وليس حفاظا على شخص صالح نفسه في السلطة، وهذا يمثل بصورة أو بأخرى دعماً كبيراً،وهو يتناقض بالتأكيد مع المبادرة الخليجية الرامية لإخراج صالح من الحكم وتسليم السلطة مشاركة مع المعارضة التي بدت تتراجع قوتها ونفوذها بعد محاولة الاغتيال وتحول الصراع في اليمن إلى صراع عوائل حاكمة أو بين العائلة الحاكمة نفسها مما أفرغ الثورة الشعبية في اليمن من أهدافها ومحاولة البعض من رموز السلطة احتواءها أو القفز فوقها، وهذا ما تجلى بانضمام عدد من قادة الجيش ومن المقربين لصالح وأبناء عمومته بل وأشقاء له .وبالعودة لكلمة علي عبد الله صالح والتي انتقى كلماتها بشكل يوحي بالحزن واستعطاف الشعب عبر تركيزه على عدد العمليات التي أجريت له مما قد يكسبه بعض التعاطف الذي ينتظره في المرحلة القادمة من جهة، ومن جهة ثانية فإن حديثة يهدف إلى شق صفوف مناوئيه وربما نجح في هذا في أول رد فعل على كلمته من خلال احتفالات أنصاره وصمت مناوئيه بل وصدمتهم من ظهوره بعد أن ظلوا يرددون في الأيام الماضية رواية موته في عملية الاغتيال التي جرت له وعدد من المسؤولين .لهذا فإن خطاب صالح لم يحمل الجديد أو لم يكن خطاب يأس كما توقع البعض بقدر ما كان استمراراً لخطاباته الماضية مع أتباعه تكتيكاً جديداً يراد من خلاله كسب المزيد من الوقت وهذا ما تجلى في قوله بأنه يؤكد ترحيبه بالشراكة السياسية على أسس الديمقراطية وعلى أساس حرية الرأي والرأي الآخر،وليس قطع الطرقات وإنه يريد أن يكون القاسم المشترك هو الحوار وليس لي الذراع.لهذا فإن الشارع اليمني المعارض ما أن يفوق من صدمة عودة الرئيس فإنه سيعود للتظاهر مجدداً وتعزيز مطالبه بنقل السلطة وتنحي الرئيس،وبالتأكيد فإن الأمور ستأخذ منحنى آخر يكون العنف والعنف المضاد طابعه الأساسي ، خاصة وإن فرصة انتقال السلطة في غياب الرئيس كانت أكبر من فرصة نقلها وهو موجود في صنعاء ومحاط بقادته وضباطه الذين ارتبطوا به ارتباطاً مباشراً وقوياً .
هل يعود اليمن للمربع الأول؟
نشر في: 11 يوليو, 2011: 07:34 م