TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المواطنة ودولة المكونات

المواطنة ودولة المكونات

نشر في: 11 يوليو, 2011: 07:36 م

محمد صادق جرادمن هنا نكتشف بان العملية السياسية في العراق والآليات الديمقراطية الجديدة لم تتمكن من بناء الدولة الحديثة كما كان مخططاً لها لنجد أنفسنا أمام دولة مكونات يحرص فيها كل طرف على الدفاع عن مكتسبات مكونه ومحاولة إعطاء هذه المكتسبات صفة دستورية للحيلولة دون التجاوز عليها من قبل الآخرين الذين ينظر إليهم على إنهم منافسون يتربصون به وبمكونه الشر .الأمر الذي جعلنا في كل مرة نشهد تهديدات بالانفصال وتشكيل الأقاليم وفق التنوع المذهبي والقومي، فغابت بذلك الهوية الوطنية وذابت أمام الهوية الفرعية الضيقة لنبتعد كثيرا عن دولة المواطنة الحقيقية .
ولا بد من أن نعترف بأن هناك أزمة ثقة واضحة بين الفرقاء السياسيين لايترددون بالتصريح عنها وربما تاتي أزمة الثقة هذه لأسباب كثيرة أهمها الرغبة بالسيطرة على مركز القرار وبسبب الشعور المتوارث من قبل البعض بالاضطهاد والظلم الذي تعرضت له هذه المكونات من قبل الأنظمة التي حكمت العراق في العقود السابقة ومحاولة كل مكون الحيلولة دون تكرار المآسي والمظالم التي عاناها في السابق .ومن جهة أخرى ربما يأتي فقدان الثقة هذا والإصرار على الانتماءات الضيقة من باب التستر بثوب التنوع الطائفي والمذهبي للوصول إلى السلطة . أي كانت الأسباب التي أدت إلى أزمة الثقة إلا أنّ العملية السياسية جرت باتجاه التوافق السياسي على جميع القرارات التي تصدر عن الحكومة ما أدى إلى شلل كامل في تشريع وتنفيذ القوانين والتشريعات المهمة لتسريع عجلة البناء في العراق لأسباب عديدة أهمها: إن الآلية التي يتم على أساسها اتخاذ القرارات والتصويت على التشريعات والقوانين المهمة في ظل هذه المحاصصة والتوافقية هي آلية عقيمة لا تخدم التجربة الديمقراطية  .وهكذا كانت ومازالت المحاصصة تعطل المسيرة الديمقراطية وستبقى كذلك في ظل  غياب الخبرة والممارسة الديمقراطية لدى الناخب العراقي الذي لم يكتسب البعد السياسي والثقافي الذي يؤهله لإنتاج الطبقة السياسية بعيداً عن التداخل الاثني والمذهبي، ويمكننا ملاحظة ذلك جلياً في نتائج الانتخابات التي مرت على التجربة الديمقراطية منذ الانتخابات الأولى في 2005 ولحد اليوم، إضافة إلى عدم وصول السياسي الى مرحلة النضج الديمقراطي الذي يجعله مؤهلاً للقبول بلعب دور المعارضة السياسية في البرلمان ليكون أداة للشعب يراقب من خلالها الأداء الحكومي ويكشف الخروقات التي تقوم بها الحكومة بعيداً عن تمسكه بالسلطة.ما نريد ان نقوله إن نظام المحاصصة الطائفية والتوافقية الذي يحكم البلاد جعل من البرلمان ساحة للصراعات ومنبراً للخطابات الرنانة وتبادل التهم  التي لا يجني منها المواطن العراقي سوى تصعيد العنف الطائفي وتأخير مسيرة البناء والخدمات بدلا من أن يتفرغ البرلمان لعمله كمؤسسة تشريعية تعمل على إصدار القوانين والتشريعات المهمة لحياة المواطن ليدفع الشعب ثمن عدم نضوج البعض من السياسيين، لذلك نحن اليوم أمام حاجة حقيقية لتغيير آليات الديمقراطية وحاجة أكبر .لبناء الإنسان، وهذه المهمة الوطنية تقع على عاتق الجميع، ويشمل ذلك القوى الوطنية والإعلام والمؤسسة التربوية إضافة إلى منظمات المجتمع المدني، على أن يكون هذا البناء وفق المفاهيم الوطنية السليمة باعتبار ذلك شرطاً من شروط بناء الدولة الديمقراطية الحديثة التي يجب أن تبنى على أسس صحيحة يكون الولاء فيها للوطن وليس للحزب أو للطائفة كما هو قائم اليوم في دولة المكونات .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram