المدى الثقافي شاعر ومثقف نقدي جذري أدمنت بوصلاته الجمالية والمعرفية على السياحة في المدن اللغوية العميقة وعلى زرع بصمات التفرد والمغايرة والاختلاف الايجابي الخلاق في شوارع ومنعطفات وساحات تلك المدن الساحرة، ولا شك ان سياحة هذا الشاعر الخلاقة ومغامراته الابداعية والنقدية والثقافية الجريئة اغرت بوصلاتنا ايضا للسفر معه والابحار  فوق سفنه المحملة بجواهر اللغة، ولاكتشاف خرائط
  عوالمه المزروعة بحدائق الجمال التي تعيد انتاج وعينا ورؤيتنا لأيقونات وتفاصيل العالم والمعرفة ،هذه الكلمات كانت مقدمة  الشاعر احمد عبدالسادة الذي رحب بضيف نادي الشعر لهذا الاسبوع ،القادم من مدينة  العمارة  ، الشاعر جمال  جاسم  أمين بمناسبة صدور كتابة النقدي الموسوم ( كتابة الجسد ) مكاشفات في النسوية .. وقراءات لنماذج من ادب المرأة في العراق.في كتابة الجسد يدخل الشاعر جمال جاسم امين الى عوالم المرأة من خلال دراسة بعض الاسماء لاديبات عراقيات والدخوال الى النصوص وكشف ماوراء هذه النصوص وتسليط الضوء على الكتابة النسوية وفك اشكالية  مصطلح الادب النسوي والادب النسائي ودلالات الجسد الانثوي. فيقول: المرأة/ الكتابة/ اللغة/ ينطوي عنوان هذه الفقرة على اكثر من اشكالية اذ تقف ذكورية اللغة في مقابلة من نوع  خاص مع مفهوم – الانوثة – مثلما تقف الكتابة في مواجهة الحكي باعتباره خصيصة انثوية ازاء خصيصة رجالية (الكتابة رجل والحكي انثى ) ،الكتابة هي غير المكاتبة التي اسندها الجاحظ للنساء حيث يذكر في رسالة – القيان -  ان المرأة / القينة اذا شكا العاشق مما به من عشق (اوهمته ان الذي بها اكثر مما به منها ثم كاتبته تشكو اليه هواها)، ويسترسل جمال جاسم أمين في التحليل واماطة اللثام عن هذه الاشكالية  بأدلة من الفيلسوف الفرنسي  روجيه غادرودي   عن لسان سيمون  دوبفوار (ان المرأة ليست جوهراً أو طبيعة أبدية بل التاريخ والمجتمع الذي نعيش فيه يرسم لها في كل حقبة التجويف من اجل قالب تتقيد  به ) .معنى ذلك إن أنثوية الأنثى صناعة تاريخية .. الانثوية هنا لانقصد  بها الوضع الاجناسي للكائن بل الموقع الثقافي الذي يتأخر غالبا عن الذكورة ،والى المعنى ذاته تذهب – دوبفوار – عندما تؤكد (لسنا نساء  نصير كذلك ) ،أي إن الوضع التاريخي الذي يرسم لهن هو المسؤول عن هذه التسمية وليس الجنس ،فالمرأة امرأة لأن تاريخها كذلك ،تاريخ يمتد ويتسع بوصفه (استشهادا طويلا ) كما تقول مي زيادة .وعن مصطلح الايروتيكية في الادب النسوي تذكر الكاتبة العمانية فاطمة الشيدي ( ان الرواية النسوية الايروتيكية جاءت تحديا كبيرا للاصولية الدينية في البلدان العربية وثأرا منها ومن نظرتها المتخلفة للمرأة).اثارت محاضرة جمال جاسم امين عن كتابة الجسد وهذا المفهوم الذي نخشى الحديث عنه  واثار حفيظة بعض الحضور او التضامن معه مثلما قال الناقد علي حسن الفواز الذي اشار الى فهم جمال جاسم وتفنيده  هذه الآراء بشكل موضوعي بالرغم من حساسية هذا الجسد الذي يمثل جزءا من التابوات (  ووصف ان هذه السياحة التي اخذنا فيها جمال لعبور هذه العقبات  وقال ان غادة السمان تقول من قال ان جسد المرأة اجمل من جسد الرجل ، ان ميزة جمال يحاول ان يتوغل عميقا في هذه الكتابة من خلال تقديم كل ما يتعلق من صيغ وتمظهرات سرد ،وهذا الكتاب فيه شغل كبير وقد اختزله  وكان يمكن ان يكون اوسع من  ذلك . الناقد بشير حاجم وصف جمال انه عقلية متفهمة لموضوعة الجسد ومكاشفات في النسوية ،وجمال  كاتب ومؤلف وشاعر ويكتب المقالة ، وقد اصدر ستة كتب في النقد ،ومن يقرأ هذا الكتاب بالمتعة المختزلة يدرك ان هذا الكاتب قد كان على  قصدية مثابرة  في عملية  الكتابة من خلال المرجعيات التي تناولها في ما يتعلق في  الجسد ومعالجة  معنى الأنثوية.