ميعاد الطائيكل شيء في العراق صار خاضعا للتوافقات السياسية والتي تتأثر بالتجاذبات التي ترافق العمل السياسي لتكون هذه التوافقات عاملا معرقلا لدوران عجلة البناء وليس كما أريد لها ان تكون حلا للمعوقات ووسيلة لمشاركة الجميع في اتخاذ القرار .
ويمكن للمتابع للمشهد السياسي في العراق أن يلاحظ إن تحقيق التوافق السياسي يساهم كل مرة في تأخير قرارات واستحقاقات وطنية مهمة منها :إقرار الموازنة العامة التي تتأخر كل عام لأشهر بسبب عدم التوافق عليها من قبل جميع القوى السياسية وكذلك يعد النظام التوافقي الذي يحكم العملية السياسية سببا في تأخير تشكيل الحكومة الاخيرة لمدة 8 أشهر والتأخر في تسمية الوزراء الأمنيين لحد اليوم ،إضافة الى تعطيل الكثير من الاستحقاقات ومنها العمل بالتعداد السكاني الذي يحتاجه العراق كبلد يحاول الوقوف على قدميه من جديد لإعادة بناء بنيته التحتية المدمرة جراء الحروب والظروف الصعبة التي مرت بالبلاد ،علما ان عملية البناء الصحيحة يجب ان تستند الى بيانات وإحصائيات دقيقة لعدد السكان وتوزيعهم الجغرافي وأشياء أخرى كثيرة لا يمكن تحقيقها إلا بإجراء التعداد السكاني الذي خضع هو الآخر للتجاذبات السياسية وتم تأجيله أكثر من مرة بعد تسييسه من قبل البعض ليكون التعداد ضمن الاستحقاقات الأخرى المتأخرة لتعكس القوى السياسية عدم حرصها على المصالح الوطنية العليا وعدم احترام الزمن الذي تهدره هذه القوى من عمر المواطن العراقي الذي ينتظر الخدمات بفارغ الصبر ..وبمناسبة اليوم العالمي للسكان والذي يحتفل به العالم في 11 تموز من كل عام أقيم تجمع في العراق وعد من خلاله رئيس الوزراء الحصول على التوافق السياسي للشروع بهذه العملية المهمة حيث يدرك الجميع بان التعداد السكاني يعد من أهم الممارسات التي تقوم بها الدول للحصول على البيانات والإحصائيات التي تساعدها في وضع الخطط التنموية وصياغة البرامج الاقتصادية اللازمة في رسم سياسات تساعد الحكومات على تلبية احتياجات المواطنين وتقديم الخدمات لهم على أساس تلك البيانات.ومن الجدير بالذكر ان البرلمان العراقي كان قد صوت على قانون التعداد السكاني عام 2009 بعد مناقشات طويلة وكان من المفروض أن يتم إجراؤه في فترة سابقة إلا إنه تأجل لأسباب غير قانونية وهي عدم تحقيق التوافق السياسي .وتجدر الإشارة إلى ان آخر تعداد سكاني اجري في العراق كان عام 1997 ولا بد من الإسراع في إجراء هذه الممارسة باعتبارها استحقاقا وطنيا يساهم في تقديم الخدمات للشعب ،فالتعداد السكاني يعد إجراء مهما كممارسة على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لأنه يشمل تقييم المستوى المعيشي للمواطن ومحاولة الحكومة تحسين هذا المستوى من خلال الخطط المستقبلية والبرامج الإدارية التي تعتمد الأرقام الدقيقة والإحصائيات الحديثة وعدم الاعتماد على التقديرات في وضع هذه الخطط . ولا بد من الإشارة إلى إن التعداد السكاني يشمل إجراء مسح وإحصاء شامل لأعداد السكان ومعرفة جميع أحوالهم من حيث أعداد الذكور والإناث وتوزيعهم على المناطق ونسب الوفيات والأيدي العاملة ومن خلال تقييم الخطط التنموية السابقة , وتقييم مختلف الميادين والحصول على بيانات دقيقة عنها ،كالصحة والتعليم وتنظيم الأسرة والإسكان والهجرة والطرق والأبنية والزراعة والمجالات الاقتصادية والاجتماعية كافة .وتعمد الدول الى إقامة هذه الممارسة بين فترة وأخرى.ويرى الخبراء ان مدة عشر سنوات هي الأنسب لتحديث البيانات بين تعداد وآخر من اجل معرفة المتغيرات الحاصلة لتكون الدول أمام إحصائيات دقيقة وعدم الاعتماد على معلومات قديمة او الركون إلى التقديرات غير الصحيحة..من اجل ذلك نقول هنا إن كل من يعمل على وضع المعرقلات أمام هذه الممارسة ويستخدمها لأغراض سياسية فانه يثبت للجميع انه يقف عقبة أمام تقديم الخدمات وانه سيكون بموقفه هذا عدواً للشعب لأنه يقف في طريق المحاولات والممارسات التي تريد إعادة بناء البلد على أسس علمية صحيحة وإحصائيات دقيقة .
التوافق السياسي.. عرقلة العمل وإهدار للزمن
نشر في: 12 يوليو, 2011: 08:03 م