البصرة / متابعة المدى أثار تجدد المطالبة بإقامة إقليم البصرة في جنوب العراق جدلا في المحافظة الغنية بالنفط بين مؤيد للفكرة ورافض لها، لكن الأمور يبدو وأنها تتجه نحو مزيد من القبول في أوساط المواطنين، متسلحين بـ "فشل" الحكومة الاتحادية بتوفير الخدمات العامة. وكان مجلس محافظة البصرة قد جدد مطالبته بإقامة إقليم البصرة مؤخرا من خلال طلب تقدم به المجلس إلى مجلس النواب العراقي في وقت يحتدم فيه الجدل حول فكرة تكوين الأقاليم في العراق
الذي يسمح دستوره بذلك.ويعتقد القاص فرات صالح ان "محافظة البصرة بدأت تتجه نحو قناعة جديدة وهي ان اشد المعادين لفكرة إقليم البصرة في طريقهم إلى التخلي عن عنادهم لصالح المزيد من الصلاحيات لحكومتهم المحلية". ويقول في تصريح صحفي إن "فشل الحكومة الاتحادية في تقديم الخدمات الأساسية والأمن ساهم بتوجه الكثير من الأطراف والجهات البصرية إلى القناعة بفكرة إقامة إقليم البصرة".ويشدد بالقول إن "تجربة إقليم كردستان تبقى حافزا من شأنه ان يلهم الجميع للوقوف في وجه التهميش المستمر والنظرة الاستعلائية التي تمارسها الحكومة الاتحادية".وكان رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي قد كشف في مؤتمر صحافي عقده، نهاية حزيران/يونيو الماضي، عن وجود طلبين مقدمين من مجلسي محافظتي البصرة وواسط لتشكيل إقليمي البصرة والكوت.وتلاقي فكرة تشكيل إقليم فدرالي في محافظة البصرة، (نحو 550 كم جنوب بغداد)، مواقف متباينة من قبل الكتل السياسية، ففي الوقت الذي تعارضها بعض الأحزاب والحركات جملة وتفصيلاً، تؤيدها أخرى بنسب متفاوتة، في حين تطمح جهات سياسية إلى تشكيل إقليم فدرالي تكون عاصمته البصرة ويتألف من ثلاث محافظات هي وميسان وذي قار.ويعد النائب السابق وائل عبد اللطيف أول من حاول جعل البصرة إقليما بعد العام 2003، حين تمكن أواخر عام 2008، من الحصول على تواقيع 2 % من الناخبين، وقدم على إثرها طلبا رسميا إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لإجراء استفتاء على تشكيل إقليم البصرة الفدرالي، لكن محاولته لم تكلل بالنجاح، بسبب تعذر الحصول على نسبة 10% من أصوات الناخبين، وهي المرحلة التي تمهد في حال نجاحها إلى إجراء استفتاء جماهيري عام.ويرى الكاتب والصحفي عبد الكريم العامري ان "الفيدرالية هي الحل الأنسب لجميع مشاكل المحافظة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الخدمي بالرغم من ان بعض الكتل السياسية في البصرة لا تعي أهمية الفيدرالية".وبعدما لفت إلى معاناة العراقيين طوال عقود مما سماها بـ "المركزية المقيتة"، أشار إلى أن "الفيدرالية ليست دعوة للانفصال، ولدينا تجربة عراقية ناجحة وهي إقليم كردستان".ويسمح القانون العراقي بتكوين أقاليم في البلاد من محافظة أو أكثر وفق آليات منصوص عليها في الدستور، ويوجد في العراق إقليم واحد هو إقليم كردستان في شمال البلاد.والجدل الدائر بشأن تكوين الأقاليم، أثير على خلفية تصريحات أدلى بها رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي وهو واحد من قياديي القائمة العراقية، خلال زيارته الرسمية إلى الولايات المتحدة الأميركية مؤخرا، جاء فيها إن هناك "إحباطاً سنياً" في العراق وإذا لم يعالج سريعا فقد يفكر السنة بالانفصال.ويشدد الشاعر طالب عبد العزيز على أن "المطالبين بإقامة إقليم البصرة سواء بحسن نية أو من دونه، فإنهم لا يدركون أهمية وحدة العراق".ويقول إن "عمليات الحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي مجتمعة لم تنضج بعد، وان أي عمل بهذا الشأن سيلحق الضرر بالوحدة الوطنية ومستقبل العراق". وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد حذر الأطراف السياسية بالبلاد، خلال حديث أدلى به يوم الخميس الماضي في مؤتمر لرؤساء العشائر بمحافظة بغداد، من مغبة محاولة تشكيل إقليم آخر، موضحاً ان خطوة كهذا ستؤدي إلى الانفصال واندلاع حروب داخلية، وبالتالي سيشكل خطرا على وحدة أراض العراق.وفي أول رد على تصريحات المالكي أبدى رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني استغرابه من تصريحات المالكي، وقال وفقا لبيان لمكتبه إن "مطالبات من هذا القبيل شيء طبيعي وان الدستور الدائم للبلاد يضمن هذا الحق ولن يشكل أي خطر، بل على العكس سيعزز وحدة الشعب العراقي".ويبدو أن الغالبية العظمى من الكتل السياسية لا تحبذ فكرة تكوين أقاليم أخرى في العراق، لكنها تتجه نحو مزيد من القبول في الأوساط الشعبية التي تشكو باستمرار من نقص الخدمات العامة الأساسية وتقارن بين أوضاع محافظاتها ومحافظات إقليم كردستان العراق.واستطاع إقليم كردستان النأي بنفسه عن التوترات الأمنية التي طغت على العراق بعد الإطاحة بالنظام السابق في 2003، الأمر الذي ساعد كثيرا على استقطاب الشركات الأجنبية ورؤوس الأموال وجعل منه بوابة اقتصادية لدخول العراق.وسجل الإقليم وتيرة متصاعدة من حجم الاستثمارات فيه، حتى وصل إلى نحو 17 مليار دولار في غضون خمس سنوات.ويقول الشاعر علي ناظم ان "إقامة إقليم البصرة من شانه حل الكثير من مشاكل المحافظة، وخصوصا وان أهل المدينة اعرف بمتطلبات وطموحات أبنائها".ويعتقد أن "محافظة البصرة لن تخسر شيئا إذا ما خاضت تجربة الإقليم وحدها خصوصا وأنها فشلت في تطوير نفسها مع جميع المح
تجدّد المطالبة بتكوين إقليم البصرة يثير جدلاً في المحافظة
نشر في: 14 يوليو, 2011: 06:21 م