دهوك/ عبد الخالق دوسكي
بهدف تكوين رؤية علمية وأكاديمية حول الواقع السياسي العراقي والأحداث السياسية التي يشهدها العراق حاليا قامت كلية القانون في جامعة دهوك بتنظيم ملتقى حول الأزمة التي نشبت بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان وحمل الملتقى عنوان " قراءة قانونية وسياسية للأوضاع التي يمر بها العراق حاليا" وشارك فيه نخبة من الأكاديميين في جامعة دهوك وعدد من القانونيين وممثلي الأحزاب السياسية .
وقد تضمن الملتقى إلقاء عدد من الدراسات والبحوث التي أعدت من قبل أساتذة مختصين في هذا المجال ،وقد استهل الملتقى أعماله بمحاضرة ألقاها الدكتور خليل مصطفى تناول فيها الجذور التاريخية للصراع بين الحكومات العراقية المتعاقبة والحركة التحررية الكردية ،وخلص الباحث إلى جملة أمور ،منها " إن حل هذا الصراع سيكون مستقرا ما لم يحكم العراق حكم ديمقراطي صرف وإن الصراعات المتعاقبة للحكومات العراقية قد أفرزت حالة من عدم الثقة بأي حكومة عراقية بل حتى بالمؤسسة العسكرية التي كثيرا ما تم استخدامها من قبل الحكومات السابقة في قمع الشعب الكردي بكل أطيافه، لذا فان الحل يكمن في أن يلجا الجميع إلى الدستور الذي صوت عليه العراقيون والالتزام به "
ومن المحاور الهامة التي تناولها الملتقى هو موضوع الجيش العراقي ودوره في النظام السياسي العراقي المعاصر. زيرفان برواري مدير مركز الديمقراطية وحقوق الإنسان في جامعة دهوك ألقى محاضرة في هذا الملتقى سلط فيها الضوء على تدخلات الجيش في النظام السياسي بين أن" المهام الأساسية والرئيسية للجيش تكمن في الدفاع عن أمن الوطن والمصالح العليا للوطن فضلا عن مهام محدودة في نطاق إنساني مثل حدوث الكوارث الإنسانية أو الطبيعية التي تستدعي تدخلا من الجيش لتقديم خدمات إنسانية بحته "
وبين برواري أنه أعقاب انهيار الجيش العراقي في حرب 2003 تم تشكيل الجيش الجديد وفق مقاييس جديدة " تحولت انتماءات الجيش من ولاء وطني إلى ولاء طائفي وحزبي ،لذلك فقد حاول كل طرف أن يكون لديه مليشيات مسلحة اندمجت مع الجيش العراقي في ما بعد ،لذلك فانك ترى في الجيش العراقي انتماءات متعددة و لها تأثير على ولاء الجيش ومستقبله "
ويرى مدير مركز الديمقراطية وحقوق الإنسان أن على المؤسسة العسكرية أن تكون بعيدة عن المؤسسة السياسية ويكون ولاؤها للوطن فقط" ولا يجوز استخدام الجيش كورقة ضغط من قبل أطراف سياسية للضغط على أطراف أخرى ،وخلال تاريخ العراق الطويل وخاصة في حقبة الجمهورية تم استخدام الجيش وتسخيره لخدمة حزب أو فرد معين "
وحول آلية فصل الجيش عن المؤسسة السياسية يقول زيرفان " يجب إعادة هيكلية الجيش العراقي وإبعاد الجيش عن المصالح الفئوية والحزبية الضيقة وإنما يكون انتماء الجيش للوطن لا لطرف معين والعودة إلى الدستور العراقي الذي حدد مهام الجيش ولا يخرج الجيش من الإطار المحدد له دستوريا"
الأكاديمية افين خالد هي الأخرى ألقت محاضرة مهام الجيش العراقي وفق بنود الدستور العراقي حيث قالت " بموجب بنود الدستور العراقي المصوت عليه في العام 2005 فان مهام الجيش العراقي تكمن في الدفاع عن الوطن وحماية الوطن من أي تدخل عسكري خارجي أو بالأحرى حماية المصالح العليا للعراق، وان لا يكون أداة بيد احد الأحزاب للضغط على أطراف سياسية أخرى "
وبينت افين أن أفراد البيشمركة يندرجون تحت ما سماه الدستور بـ(حرس الإقليم) الذين لهم الحق في الدفاع عن الإقليم من أية مخاطر خارجية ويكون هنالك تنسيق في ما بينه وبين المؤسسة العسكرية العراقية"
من جانبه سلط الدكتور قاسم احمد رئيس قسم القانون في جامعة دهوك في محاضرته الضوء على حقوق الشعب الكردي في الدفاع عن نفسه ومكاسبه وفق القوانين الدولية والذي بين "أن حل هذه المشكلة يكمن بالرجوع إلى الدستور وإنشاء محكمة خاصة بعيدة عن تأثير السياسيين وتكون مستقلة كي تحكم في المنازعات التي تنشأ "
لكن قاسم أوضح أن هنالك نقدا موجها إلى القضاء العراقي وخاصة بعد الأحكام التي صدرت بحق حماية العيساوي و النائب طارق الهاشمي وقال " عليه ينبغي أن تكون تلك المحكمة خاصة بالقضايا المتعلقة بين الإقليم والمركز وان تكون مستقلة بكل معنى الكلمة وغير خاضعة لأي شخص أو حزب "
ومن ضمن الحاضرين في هذا الملتقى القانوني والسياسي الدكتور عبدالحميد بافي النائب عن قائمة التحالف الكردستاني في مجلس النواب العراقي الذي عبر بمداخلة في هذا الملتقى أن على الأطراف السياسية اللجوء إلى الحوار والنقاش والتفاوض في ما بينها للوصول إلى حل المشاكل الكثيرة التي مازالت عالقة بين المركز والإقليم .