اسم الكتاب:أوضاع الطبقة العاملة في إنكلتراالمؤلف: فريدريك انجلزترجمة: عبد الخالق عليالطعن الذي وجّهه انجلز ضد مظالم الرأسمالية التي شهدها في مانشستر القرن التاسع عشر ما زال يتردد صداه بقوة في العالم بعد 150 سنة من كتابته. في ربيع 1863، كان كارل ماركس يجهد نفسه في غرفة القراءة في المتحف البريطاني، فأعاد قراءة الاتهام القديم لفريدريك انجلز ضد مانشستر الصناعية، و الموسوم (أوضاع الطبقة العاملة في انكلترا). و سرعان ما كتب لصديقه يهنئه مرة أخرى على كتابه المثير.
اليوم لا تزال القوة و الحدة و العاطفة التي يتميز بها طعن انجلز هي نفسها. و بعد 150 عاما، يتحدث إلينا بسابق علم مؤلم – ليس فقط في انتقاده لعدم استقرار السوق الحر و تفاوت المجتمع البريطاني، بل أيضاً في تصويره الفريد لعدم إنسانية الرأسمالية. فمع البرازيل و روسيا و الهند و الصين التي تمارس النمو الاقتصادي الخطير الذي حوّل المجتمع البريطاني في أعوام 1800 – حيث القرى تتحول الى مدن، و الفلاحون يستبدلون الحقول بالمعامل – يتردد صدى طعن انجلز بقوة مخيفة. في الواقع إن الشاب انجلز تم إرساله الى مانشستر عام 1842 لتخليصه من المشاعر الراديكالية. لقد كان أبوه، صانع المنسوجات المحافظ من راينلاند، قلقا من الأفراد المتأثرين بهيغل الذين يحيطون بابنه في برلين. و بدلا من أداء خدمته العسكرية، فقد انقاد الى صالات النبيذ و قاعات المحاضرات في جامعة برلين، حيث يجري الجدال حول فلسفة هيغل و لودويك فورباخ و ديفيد ستراوس مع متعة الثمالة. كل ذلك قاده الى التخلي عن ايمانه البروتستانتي، قبل أن يلتقي بالصدفة مع " الحاخام الشيوعي" موسى هيس الذي علّمه بان الرأسمالية الحديثة كانت مجرد قوة تنتزع الإنسانية مثلها مثل الديانة المسيحية. و اقترح عليه هيس بان الحل هو الاشتراكية: التخلي عن الملكية الخاصة و إنهاء التأثيرات الغريبة لاقتصاد المال. فكّر انجلز باستخدام السنتين اللتين سيقضيهما في الشمال الغربي في تحشيد الأدلة المادية التي يحتاجها في مبدأه الشيوعي الناشئ. من 1842 – 1844 عمل نهارا في معمل ايرمن و انجلز في سالفورد، قبل الانغماس، بعد ساعات العمل، في العالم السفلي لمانشستر. يقول " لقد تركت الشركة و حفلات الطعام و شمبانيا الطبقات الوسطى، و كرّست وقت فراغي حصريا للاختلاط بالعمال البسطاء ". فكان يزور قاعة اونايت للعلوم، و يقضي الوقت مع أنصار الحركة العمالية و يراقب أعمال الشغب التي يقوم بها عمال البناء. و كان يبحث مع حبيبته الايرلندية ماري برنز عن بقايا الإنسان في المجتمع الرأسمالي. و قد وجدها في القسم الجنوبي من المدينة، قرب طريق اوكسفورد، حيث ينزوي 40000 من المهاجرين الايرلنديين. كان الايرلنديون هم أكثر من يعاني من الاستغلال و الأجور القليلة و من الإساءة التي يمارسها ضدهم كل أهالي المدينة " العرق الذي يعيش في هذه الأكواخ الخربة، وراء الشبابيك المكسرة المغطاة بالمشمعات، و الأبواب المربوطة و الرائحة النتنة، أو في سراديب مظلمة رطبة، لابد أن هذا العرق قد وصل إلى أدنى درجات الإنسانية ". لم يتوقف انجلز عن وصف " الحرب الاجتماعية " التي أججتها الطبقة الوسطى على أصحاب العمل في المدينة الصناعية. أماكن العمل، المعامل، المناجم، المصانع، المزارع كانت تشبه مشاهد الجريمة. " ظروف العمل جعلت النساء لا يصلحن للحمل، و الأطفال مشوهين و الرجال مضعضعين، كل الأجيال محطمة، مبتلاة بالإمراض و الوهن، كل ذلك من اجل ملء جيوب البرجوازيين ". لقد أثارته الطبقة الوسطى في مانشستر. وراء الفوضى المعقدة في مانشستر كان هناك منطق وحشي: كانت الأكواخ محصورة وراء خطوط طبقية لكي لا يرى الأغنياء ما فعلوا بالفقراء. فهم انجلز بأن شوارع المدينة و بيوتها و معاملها و مخازنها كانت بمثابة تعابير عن القوة الاجتماعية و السياسية. الصراع بين البرجوازية و البروليتاريا كان ملموسا في تصميم الشوارع و منظومات النقل و في عملية التخطيط. كتب انجلز (أوضاع الطبقة العاملة في انكلترا) عند عودته إلى بارمن، وقد نشر أول مرة في لايبزيك عام 1845، و بهذا فانه كان يشكل جزءا من الأدب العالمي الذي يفصّل تأثيرات النمو الصناعي المتقدم على الأوضاع الاجتماعية. كان انجلز يوجه كتابه الى البرجوازيين في بروسيا على أمل أن يقودهم هذا الوصف المجرد الى اختيار الاشتراكية بدلا من مبدأ مانشستر الأساسي الخاص بالسوق الحر. كان استقبال الكتاب فاترا في البداية، مع بعض المراجعات الحسودة في الصحافة البرجوازية. و استغرق الوقت 40 سنة أخرى لظهور ترجمته الى الانكليزية، أولا في الولايات المتحدة عام 1886، ثم في 1892 في انكلترا، مع تمنيات انجلز أن يساعد الكتاب في إنقاذ الاشتراكية البريطانية من الاتجاه الخاطئ الذي يوجهها إليه وليم موريس و الفابيانيون. و على العكس من مؤلفات انجلز الأخرى، فان التأثير المباشر لهذا الكتاب كان محدودا. مع ذلك فالكتاب يأخذ بعدا وراء أهميته التاريخية، إذ ان فيه استبصار في منشأ الماركسية. في المناقشات الدائرة حول المدينة الحديثة، يتردد صوت انجلز بنفس ا
صدى صوت انجلز اليوم
نشر في: 18 يوليو, 2011: 05:29 م