الكتاب: روبنسون كروسوتأليف: كاثرين فرانكترجمة: ابتسام عبد اللهللكاتبة كاثرين فرانك نظرية دفعتها للسفر عبر المحيطات بحثاً عن الإوز البري وسمك الرنكة. فهي تعتقد أن دانييل ديفو استوحى روايته،"روبنسون كروز". عن حادثة اسر تاجر يدعى روبرت نوكس، تم أسره في السيلان عام 1660 من قبل السكان المحليين للجزيرة، فيما ان الاعتقاد السائد انه قد استوحاها عن الكسندر سيلكيرك، القرصان الذي غرقت سفنه عند جزيرة قريبة من فالباريسيو عام 1704. وقد تابعت كاثرين فرانك قضية نوكس، بل انها سافرت الى سانت هيلانة، حيث تم اعتقال نوكس بتهمة شراء العبيد، في أعوام الثمانينات من القرن السابع عشر(لمدة بضعة أيام فقط) بحيث أن قضيته لا تشكل أية تجربة مقارنة بالأعوام الـ28 التي أمضاها كروسو على جزيرته).
وقد تطرقت كاثرين في كتابها عن سيلكيرك قليلاً، لاعتقادها أن ديفو، كان بقصّ حكاية نوكس وما حدث له في جزيرة سيلان، متجاهلة بذلك الأصل الأول للرواية. ومن الجدير بالذكر، إن الكاتب والصحفي ريتشارد ستيل، كان قد التقى بـ(سيلكيرك) في طريق عودته الى لندن، وقال ان تجربته الإنسانية فريدة من نوعها في التاريخ. إذ لم يتعرض أي إنسان من قبل لامتحان العزلة التامة، التي هددّت سيلكيرك بفقدان عقله وقللّت من إنسانيه.وفي المرحلة الزمنية تلك، كان الفرد يعتبر مكّونا لنفسه وليس على نموذج مألوف، فإن سيلكيرك كان مثالاً للرجل العصري أبياً ومستقلاً.وهو بالنسبة لديفو وبقية سكان، لندن، الذين يدركون مدى أهمية الاكتفاء الذاتي، أعتبر إنموذجا للحياة مستقبلاً- مختلفاً عن الآخرين، لا يتوافق مع الحياة في الشوارع المزدحمة للمدن.وروبنسون كروزو هو بطل العزلة والوحدة التي كادت أن تدمره. أما نوكس، فهو على النقيض، لم يكن وحيداً قط، ولم يتعرض لتجربة الحياة منفرداً والتي تهدد عقل الإنسان، وكانت قصة حياته مختلفة، حافلة بالمخاطر ومحاولات الهرب. أما كروسو فكان دوام الحال عدوه والعقود المريرة من الزمن مرّت بلا تغيير، أما انتصاره فكان بسبب مقدرته على التحمل. وهو قاوم وحدته بالكتابة، مختاراً عدم النكوص عبر تكوين حضاراته الصغيرة وسائل احتياجاته الخاصة والمفيدة.وعلى عكس كروسو، الذي يرتدي(الجاكيتة وبنطلون من الخيش) ويسرح شعره ويشذب لحيته باستمرار، فإن نوكس كان يعيش كسائر سكان سيلان، يغطي جسده بجلد الحيوانات وتحرق الشمس جلده.وتعترف المؤلفة أن العلاقات التاريخية لنوكس مسهبة وبغير نظام، ولكنها تبدو معجبة بها لكونها تتفوق على ما قدمه ديفو، مقلّلة من شأن عمله وشخصياته، بما في ذلك روبنسون وكيفية محاربته للوحدة والعزلة واليأس.وعلى الرغم من ان كل من ديفو ونوكس قد عاشا في لندن، لا يفصل بينهما سوى عدة أميال، فإنهما يلتقيا قط. وقد قرأ ديفو كتاب نوكس، مستفيداً من تلك التجربة، في كتابه،"سينغليتون"، وهي رواية تتحدث عن بحار يهدف الوصول الى أفريقيا للحصول على الذهب والعاج، ويقضي على من يتعرض له من السكان المحليين. وتفتقر المؤلفة كاثرين فرانك الى أي ربط بين الشخصيتين اللتين تتحدث عن سيرة حياتهما في كتابها هذا. كما انها لم تنجح في تشخيص الاختلاف في الشخصيتين. لكنها في هذا العمل تقلل من شأن رواية ارتبطت بالثقافة الانكليزية عن عظمة الفرد وشقائه، ومحاولة منح الأهمية للآخرين، كمل فعل كروسو مع "فرايدي"، وتقول عن ذلك:"إن الكتب التي تروي حكايات وتقول مهما تكن الأوضاع، فإن بإمكان المرء أن يعيش وينجح!".إن روايات مثل "روبنسون كروسو"، تتحدث عن الحقيقة عن أنفسنا، أما ما تطرحه المؤلفة فهو مجرد أكاذيب بلهاء.